ترامب يعمّق شروخ بريكست بين جونسون والأوروبيين

في الوقت الذي تقاوم فيه الدول الأوروبية نهج جونسون الصدامي المنفتح على تصعيد أكبر في ملف بريكست، أعلن ترامب دعمه الكامل لرئيس الوزراء البريطاني.

ترامب وعد جونسون باتفاق تجاري كبير جدا بعد ريكست
موقف ترامب من بريكست يأتي في خضم توتر تجاري كبير مع أوروبا
تجاذبات أوروبية أميركية خلال قمة مجموعة السبع
ترامب يلقي بثقله في دعم خطة جونسون حول بريكست

بياريتس (فرنسا) - دخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال قمة مجموعة السبع اليوم الأحد على خط أزمة بريكست حيث يخيم التوتر بالفعل على هذه القمة بسبب تمسك رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بالتفاوض على اتفاق جديد دون شبكة الأمان الايرلندية التي يطالب بها الاتحاد الأوروبي، فيما يرفض الأخير أي تفاوض جديد، ما يدفع بقوة لانفصال بريطانيا دون اتفاق بما يعني خروجا فوضيا من التكتل.

وفي الوقت الذي تقاوم فيه الدول الأوروبية نهج جونسون الصدامي المنفتح على تصعيد أكبر، أعلن ترامب دعمه الكامل لرئيس الوزراء البريطاني بشأن بريكست.

وينذر هذا التدخل الأميركي بتفاقم التوترات بين بروكسل وواشنطن، إلا أنه سبق لترامب خلال حكومة تيريزا ماي أن تدخل بقوة ونصح من سيخلفها بعدم تسديد فاتورة الانسحاب.

ووعد الرئيس الأميركي رئيس الوزراء البريطاني بـ"اتفاق تجاري كبير جدّ" بعد خروج لندن من الاتحاد الأوروبي، فيما يأتي هذا الوعد في خضم تجاذبات وسجالات حادة بين جونسون والشركاء الأوروبيين وأيضا في ذروة التوتر التجاري الأميركي الأوروبي.

وقال ترامب إن جونسون هو "الرجل المناسب لهذه المهمة"، وذلك خلال لقائه الأول المنتظر جدا مع رئيس الوزراء البريطاني حول مائدة فطور في اليوم الثاني من القمة المنعقدة في مدينة بياريتس المطلة على المحيط الأطلسي في جنوب غرب فرنسا.

وأكد أن البلدين سيبرمان "اتفاق تجارة كبير جدا بشكل سريع. سيكون أكبر من أي اتفاق بيننا في أي وقت مضى"، بعد بريكست.

وبعد أن عانق جونسون الرئيس الأميركي بحرارة، أكد أن البلدين سيُبرمان "اتفاقا تجاريا رائعا فور إزالة العوائق".

وخلال الساعات الأولى من القمة، أزال ترامب كل العلامات السيئة بعد أن تصدّى له نظراؤه فور وصوله السبت إلى فرنسا، في ما يخصّ حربه التجارية مع الصين وتهديده بفرض ضرائب على النبيذ الفرنسي.

وكتب على تويتر قبل لقائه جونسون "قبل وصولي إلى فرنسا، كانت وسائل الإعلام الكاذبة تقول إن العلاقات مع الدول الست الأخرى في مجموعة السبع متوترة جدا وأن القمة ستكون كارثة"، مضيفا "لدينا اجتماعات جيدة جدا. القادة يتفاهمون بشكل جيد جدا واقتصاد بلدنا في حالة جيدة جدا".

لكن تصريحات ترامب تتناقض بالفعل مع الموقف الأوروبي وحالة التشنج التي تسود العلاقات الأميركية الأوروبية منذ أشعل الرئيس الأميركي حربا تجارية عالمية على أكثر من جبهة من المتوقع أن تتناثر شظاياها في كل مكان، ما يثير مخاوف من ارتداداتها على النمو الاقتصادي العالمي.

وفي ما يخصّ الملف الإيراني وهي القضية بالغة الحساسية، بدا أولا أن ترامب وشركاءه توصلوا إلى أرضية توافق أثناء مأدبة عشاء غير رسمية السبت.

وقد ذكرت مصادر دبلوماسية أن الدول السبع (الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان وكندا) كلفت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ"مناقشة إيران وتوجيه رسالة إليها" لتجنّب تصعيد في المنطقة.

لكن ترامب نفى موافقته على ذلك. وقال "لا لم أناقش ذلك"، مضيفا "سنقوم بمبادرتنا الخاصة لكن لا يمكن منع الناس من التكلم. إذا أرادوا التكلم، يمكنهم".

وأكد الرئيس الفرنسي أنه لا يوجد "تفويض رسمي من مجموعة السبع" للتحدث مع إيران، موضحا أن كل طرف "سيواصل التحرك بحسب دوره"، لكنه أشاد بتشارك أعضاء مجموعة السبع الأهداف نفسها. وقال إن "مجموعة السبع ناد غير رسمي، لا نعطي تفويضا رسميا لأحد".

وفي يوليو/تموز، توقف الإيرانيون عن احترام بعض الالتزامات المتخذة بموجب اتفاق فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني، ردا على خروج الولايات المتحدة في مايو/أيار 2018 من الاتفاق وإعادة فرض عقوبات أميركية قاسية على طهران.

في مطلع أغسطس/اب، أثار ماكرون المنخرط جدا في الجهود الأوروبية لمحاولة إنقاذ الاتفاق، غضب ترامب الذي اتهمه بأنه يتحدث "باسم الولايات المتحدة".

وأثناء العشاء، اتفق القادة السبعة على "تعزيز الحوار والتنسيق" بشأن الأزمات الراهنة مع روسيا، معتبرين أنه "من المبكر جدا" إعادة روسيا إلى المجموعة، وفق ما قال مصدر دبلوماسي.

واستُبعدت روسيا عن مجموعة الثماني عام 2014 بعد ضمّها شبه جزيرة القرم الأوكرانية. لكن ترامب يؤيّد إعادتها إلى المجموعة، على عكس نظرائه الأوروبيين.

وسيناقش ماكرون وترامب وجونسون أيضا الأحد مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ورئيس الوزراء الإيطالي المستقيل جوسيبي كونتي ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو وضع الاقتصاد العالمي الذي يُظهر مؤشرات تباطؤ مقلقة في ألمانيا والصين والولايات المتحدة.

وحمّل الأوروبيون واليابانيون جزءا من مسؤولية تراجع النمو للحرب التجارية التي تخوضها واشنطن وبكين اللتين أججتاها الجمعة بالإعلان عن فرض رسوم جمركية جديدة. لكن ترامب أكد أن أيا من حلفائه لم يلق عليه لوم تصعيد النزاع التجاري، إلا أن جونسون دعاه إلى "سلام تجاري".

وأكد الرئيس الأميركي الذي يؤيد كثيرا الاتفاقات الثنائية، أن الولايات المتحدة "قريبة جدا" من إبرام اتفاق تجارة كبير مع اليابان يعمل عليه البلدان "منذ خمسة أشهر".

وأعلن ماكرون أن دول مجموعة السبع اتفقت على "مساعدة الدول المتضررة" من حرائق الأمازون التي تضاعفت في الأيام الأخيرة "في أسرع وقت ممكن". وقال "يوجد توافق فعلي للقول جميعنا متفقون على تقديم المساعدة بأسرع ما يمكن للدول المتضررة من تلك الحرائق".

وأضاف ماكرون الذي انتقد الجمعة "تقاعس" الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو أمام هذه الكارثة البيئية، أنه أمام دعوات المساعدة، التي أطلقتها خصوصا كولومبيا "علينا أن نكون حاضرين".

ومن بين المواضيع الأخرى المطروحة للنقاش، هناك أولويات الرئاسة: مكافحة اللامساواة والشراكة مع إفريقيا مع مشاركة حسب الجلسات، قادة آخرين مثل قادة الهند وأستراليا وستّ دول إفريقية.

وسيتحدّث ماكرون وميركل ورئيس بوركينا فاسو روش مارك كريستيان كابوريه أمام الصحافة بشأن أزمة منطقة الساحل.

سيواصل القادة الأحد الاستفادة من الإطلالة على المحيط الأطلسي بعيدا عن السياح بعد أن تمّ إخلاء قسم من بياريتس.

وعلى بعد عشرات الكيلومترات، لا ينوي معارضو قمة مجموعة السبع وقف تعبئتهم بعد أن عقدوا قمة مضادة في نهاية الأسبوع، فقد سار الآلاف من بينهم بهدوء من اينداي إلى مدينة إيرون الاسبانية الحدودية، للمطالبة بعالم "أكثر عدلاً" وببيئة "محمية أكثر".

ونزل مئات الأشخاص أيضاً إلى شوارع بايون رغم انتشار كثيف للشرطة التي استخدمت لفترة وجيزة خراطيم المياه والغاز المسيّل للدموع لتفريقهم.

ونظّم معارضو القمة الأحد مسيرة صور سيتمّ خلالها جمع كل صور ماكرون التي انتُزعت من البلديات.