ترامب يهادن كوريا الشمالية ويصرّ على عزل إيران
نيويورك - دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء إلى ممارسة ضغوط كثيفة على إيران وشركاء واشنطن التجاريين فيما قدم دفاعا قويا عن طروحاته وخصوصا حق بلاده في التصرف بشكل منفرد.
وفي كلمة أمام قادة العالم في افتتاح الاجتماع السنوي للجمعية العمومية للأمم المتحدة، انتقد ترامب منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وسياسات الصين التجارية والمحكمة الجنائية الدولية التي تعهد بأن الولايات المتحدة لن تقبلها.
وقبل ساعات من الكلمة التي سيلقيها الرئيس الإيراني حسن روحاني من نفس المنبر، أدان ترامب النظام الديني في إيران قائلا إنه يزرع "الفوضى والموت والدمار" كما أكد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الدولي الذي يهدف إلى خفض نشاطات طهران النووية.
ولكن قطب العقارات الذي تحول إلى زعيم شعبوي بدا أقل حدة مقارنة مع العام الماضي عندما صدم المشاركين في الاجتماع بخطابه العدواني ضد كوريا الشمالية الذي اشتمل على تهديد بـ"التدمير الكامل" لدولة الزعيم كيم جونغ اون.
وهذه المرة استعرض ترامب دبلوماسيته بشأن كوريا الشمالية وتحدث عن القمة التاريخية التي عقدها مع الزعيم الكوري الشمالي في سنغافورة في يونيو/حزيران.
وقال إنه عمل على "استبدال شبح النزاع بمساع جريئة وجديدة من أجل السلام". وقبل أقل من شهر من انتخابات منتصف الولاية في الولايات المتحدة، بدت كلمة ترامب في بعض الأحيان وكأنها خطاب انتخابي حيث أشاد بانخفاض معدلات البطالة.
وتفاخر بأن فريقه "حقق انجازات أكثر من أي إدارة أخرى في تاريخ بلادنا" ما أثار ضحك المشاركين في هذا الاجتماع الذي عادة ما تسوده الجدية التامة.
ورد على ذلك بقوله "لم أتوقع رد الفعل هذا، ولكن لا بأس".
وتعتبر إيران محل اهتمام كبير للأسبوع السنوي في دبلوماسية الأمم المتحدة بعد أشهر من إغضاب ترامب لحلفاء بلاده في أوروبا بالانسحاب من الاتفاق النووي المبرم في 2015 الذي وافقت إيران بموجبه على خفض نشاطاتها النووية مقابل تخفيف العقوبات عنها.
وبعد يوم من إعلان الاتحاد الأوروبي عن إطار قانوني جديد على أمل أن تتمكن الشركات
من القيام بتعاملات تجارية مع إيران في التفاف على العقوبات الأميركية، طالب ترامب جميع الدول بعزل إيران وأشار إلى أن قراره الانسحاب من الاتفاق لقي قبولا شعبيا في الدول السنّية الخصم لطهران الشيعية.
وقال "لا يمكننا أن نسمح لأكبر دولة راعية للإرهاب في العالم بأن تمتلك الأسلحة الأكثر تدميرا في العالم" في إشارة لدعم طهران لبعض الحركات الإسلامية المسلحة وبينها حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني المصنفين أميركيا ضمن "الجماعات الإرهابية".
وأضاف "لا يمكننا أن نسمح لنظام يهتف الموت لأميركا ويهدد إسرائيل بالقضاء التام عليها، أن يمتلك السبل لإطلاق رأس حربي نووي على أي مدينة على وجه الأرض"، مضيفا "نطالب جميع الدول بعزل النظام الإيراني طالما استمر في عدوانه".
وهاجم ترامب ايدولوجية "العولمة" التي تؤمن بها العديد من الدول في الأمم المتحدة واليسار السياسي في الولايات المتحدة. وقال إن "أميركا لن تعتذر مطلقا عن حماية مواطنيها"، مضيفا أن المحكمة الجنائية الدولية التي تدعمها الأمم المتحدة "لا تحظى بأي شرعية أو سلطة".
وفي وقت سابق هدد مستشاره للأمن القومي جون بولتون بمقاضاة قضاة المحكمة في حال نظروا في اتهامات ضد القوات الأميركية في أفغانستان.
وقال ترامب لن نتخلى أبدا عن السيادة الأميركية لبيروقراطية عالمية غير منتخبة وغير مسؤولة"، رافضا "إيديولوجية العولمة".
وفي المقابل انتقد الرئيس الإيراني حسن روحاني اليوم الثلاثاء واشنطن بسبب "سياستها العدائية" تجاه بلاده وقال إن النهج الأميركي محكوم عليه بالفشل.
وقال روحاني في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن "اقتراحنا واضح ألا وهو الالتزام مقابل الالتزام والانتهاك مقابل الانتهاك والخطوة مقابل الخطوة بدلا من الكلام من أجل الكلام. ما تقوله إيران واضح وهو لا حرب ولا عقوبات ولا تهديدات ولا تنمر فقط يجب العمل طبقا للقانون وتنفيذ الالتزامات".
اقتراحنا واضح ألا وهو الالتزام مقابل الالتزام والانتهاك مقابل الانتهاك والخطوة مقابل الخطوة بدلا من الكلام من أجل الكلام. ما تقوله إيران واضح وهو لا حرب ولا عقوبات ولا تهديدات ولا تنمر فقط يجب العمل طبقا للقانون وتنفيذ الالتزامات.
وأضاف أنه لا يمكن إجبار أمة على الجلوس على طاولة المفاوضات، قائلا إنه لا يوجد سبيل أفضل من الحوار.
وقال روحاني أيضا إن إيران تؤمن بإنشاء آلية جماعية من أجل الخليج مع وجود ومشاركة كل دول المنطقة.
واتهم الرئيس الإيراني نظيره الأميركي بمحاولة الإطاحة بالنظام، مستبعدا استئناف المحادثات مع واشنطن بعد انسحابها من الاتفاق النووي.
وقال روحاني في كلمته "من المثير للسخرية أن الحكومة الأميركية لا تخفي حتى خطتها للإطاحة بنفس الحكومة التي تدعوها للحديث معها".

وجاء الردّ الأوروبي سريعا على مطالبة ترامب بعزل إيران، حيث دعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي يتزعم جهودا أوروبية لمنع انهيار الاتفاق النووي إلى "الحوار والتعددية" بشأن طهران.
واعتبرت دعوة ماكرون ردا غير مباشر على دعوة نظيره الأميركي دونالد ترامب لاتخاذ موقف متشدد من إيران وإعادة فرض العقوبات الأميركية عليها.
وفي كلمته في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد وقت قصير من كلمة ترامب، قال الرئيس الفرنسي إن الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015 والذي رفضه الرئيس الأميركي، يحد من برنامج طهران النووي.
وأضاف "هذا الطريق، طريق الأحادية يقودنا مباشرة إلى الانكفاء والنزاعات والمواجهة العامة للجميع ضد كل شيء حتى على من يظن نفسه الأقوى".
وتساءل "ما الذي سيسمح بتسوية الأوضاع في إيران وما الذي بدأ بالفعل في تحقيق الاستقرار فيها؟ قانون الأقوى؟ أم ضغوط شخص واحد؟ كلا".
وتابع "نعرف أن إيران كانت على المسار النووي العسكري، لكن من أوقفها؟ إنه اتفاق فيينا 2015" في إشارة ضمنية إلى قرار الرئيس دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق قائلا إنه غير فعال في وقف الخطط العسكرية الإيرانية.
وقال ماكرون "يجب علينا اليوم، كما قلت منذ عام، عدم مفاقمة التوترات الإقليمية، لكن اقتراح جدول أعمال أوسع نطاقا لمعالجة القلق الناجم عن النووي والباليستي والإقليمي بسبب السياسات الإيرانية، لكن عن طريق الحوار والتعددية".
وطالب بأن يكون هذا النهج "دون سذاجة أو تهاون ودون مواقف ستكون عقيمة على المدى الطويل".
ووسط الحرب التجارية مع الصين، قال ترامب إن الاختلال الجاري مع القوة الأسيوية "لا يمكن التساهل معه" كما انتقد منظمة أوبك.
وقال "اوبك ودول الأوبك تسرق باقي العالم وأنا لا أحب ذلك. ويجب أن لا يحبه أحد".
وطالب الرئيس الأميركي أيضا بتحقيق تجارة تبادلية "عادلة" في الأسواق العالمية، تضع فرصا متكافئة بين الاقتصادات الكبرى.
وقال في كلمته خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن النظام التجاري العالمي يحتاج إصلاحات شاملة وتغييرات جوهرية تحقق العدالة للدول الصناعية.
وتسببت الولايات المتحدة في مارس/آذار الماضي، بتوترات تجارية مع الصين والاتحاد الأوروبي عندما هددت بفرض رسوم على وارداتها إن لم يتم إعادة النظر في الاتفاقات التجارية.
وفي يونيو/حزيران الماضي، بدأت الولايات المتحدة فرض رسوم على وارداتها من الاتحاد الأوروبي والصين على سلع الصلب والألومنيوم بنسبة تراوحت بين 10 و25 بالمئة.
وانتقد ترامب النظام التجاري العالمي الحالي قائلا "منظمة التجارة العالمية قبلت في عضويتها، الدول التي تنتهك مبادئ المنظمة الأساسية".
وتابع "اعتبارا من الآن، لن نتسامح مع أية انتهاكات للملكية الفكرية أو الإغراق وسنقف أمام كل محاولات لخداع شركاتنا".
والأسبوع الماضي، ارتفعت حدة التوتر بين الولايات المتحدة والصين بعد فرض الأولى رسوما جمركية بنسبة 10 بالمئة على واردات من بكين بقيمة 200 مليار دولار، دخلت حيز التنفيذ يوم الاثنين.
وردت بكين على الخطوة الأميركية، بفرض رسوم جمركية تتراوح بين 5 - 10 بالمئة على واردات بقيمة 60 مليار دولار دخلت أيضا حيز التنفيذ.
وتأتي الخطوة الأميركية بفرض رسوم وجمارك على سلع صينية لخفض العجز التجاري مع بكين البالغ 370 مليار دولار وترغب واشنطن في خفضه كمرحلة أولى إلى 200 مليار.
غوتيريش يحذّر زعماء العالم من أن النظام العالمي فوضوي بشكل متزايد وأن الثقة بلغت نقطة الانهيار
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش زعماء العالم اليوم الثلاثاء من أن النظام العالمي "فوضوي بشكل متزايد" وأن الثقة بلغت نقطة الانهيار.
وقال إن التحولات في ميزان القوى قد تزيد من مخاطر المواجهة، لكنه لم يذكر طرفا بالاسم.
وجاءت كلمة الأمين العام للأمم المتحدة بينما كان الرئيس الأميركي يستعد للحديث عن حماية السيادة الأميركية في الاجتماع السنوي لزعماء العالم بالأمم المتحدة.
قال غوتيريش أمام الجمعية العامة المؤلفة من 193 دولة إن التعددية تتعرض لهجوم بينما العالم في أمسّ الحاجة لها.
وتابع "الزعماء مكلفون بتحسين معيشة شعوبهم، لكن الأمر أعمق من ذلك وبما أننا حراس على المنفعة العامة، ينبغي علينا أيضا أن نروج وندعم نظاما للتعددية بعد إصلاحه وتجديده ودعمه".
كما دعا إلى تجديد الالتزام بنظام يعتمد على القانون مركزه الأمم المتحدة، محذّرا من نشر "سياسة التشاؤم".
وقال "أولئك الذين يرون جيرانهم مصدرا لخطر قد يتسببون في تهديد حيث لا يوجد تهديد. هؤلاء الذين يغلقون حدودهم أمام الهجرة النظامية يدعمون فقط عمل المهربين. وهؤلاء الذين يتجاهلون حقوق الإنسان وهم يحاربون الإرهاب يميلون إلى احتضان التطرف ذاته الذي يحاولون استئصال شأفته".
كما حث الزعماء على التصدي للتغير المناخي بإحساس أعمق بالطموح والحاجة الملحة، وقال إنه سيعقد قمة بشأن القضية في سبتمبر/أيلول القادم.
وكانت إدارة ترامب انسحبت في العام الماضي من اتفاقية عالمية للمناخ تهدف إلى تقليل الانبعاثات الضارة المسببة لارتفاع حرارة الأرض.