ترامب يواجه مساءلة في الكونغرس أقرب للعزل

رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي تعتبر أن الرئيس ترامب يشكل 'تهديدا مستمرا' للأمن القومي بشكل لم يترك فيه للديمقراطيين أي خيار سوى إطلاق إجراءات عزله.
هل يصبح ترامب ثالث رئيس أميركي يواجه المساءلة؟
 النواب الأميركي يصوت على مساءلة ترامب في تحرك تاريخي
ترامب يبدو واثقا من الخروج من الأزمة
مساءلة ترامب تسلط الضوء على انقسامات عميقة في الكونغرس

واشنطن - بدأ مجلس النواب الأميركي الأربعاء جلسة تصويت تاريخية من شأنها أن تطلق إجراءات محاكمة الرئيس دونالد ترامب أمام مجلس الشيوخ، في خطوة باتجاه أن يصبح ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يطلق النواب إجراءات عزله.

ويتوقع أن تستمر المناقشات نحو ست ساعات في المجلس الذي يهيمن عليه الديمقراطيون على أن تنتهي بتبني اتهامين يستهدفان الرئيس الجمهوري هما استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس.

وقالت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي الأربعاء إن الرئيس دونالد ترامب يشكل "تهديدا مستمرا" للأمن القومي في شكل لم يترك للديمقراطيين "أي خيار" سوى إطلاق إجراءات عزله.

وأوضحت عند بدء نقاش في مجلس النواب حول عزل الرئيس أنه "من المأساوي أن تصرفات الرئيس الطائشة جعلت من الضروري البدء بإجراءات العزل"، مضيفة "ما نناقشه اليوم هو الحقيقة الراسخة بأن الرئيس انتهك الدستور. ومن المؤكد كحقيقة أن الرئيس يمثل تهديدا مستمرا لأمننا القومي ونزاهة انتخاباتنا".

وتأتي هذه التطورات في خضم أشرس حملة انتخابية تسبق الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 وهي الاستحقاق الانتخابي رقم 59 في تاريخ الولايات المتحدة.

وأطلق الديمقراطيون في نهاية سبتمبر/أيلول إجراءات العزل بحق الرئيس الأميركي، مستندين إلى الغالبية التي يملكونها في مجلس النواب.

وتأتي محاولاتهم لعزل الرئيس في خضم المعركة الانتخابية، حيث يراهن الديمقراطيون على تضييق الخناق على مرشح الجمهوريين المحتمل (ترامب) والتأثير على الناخبين بالتشكيك في نزاهته.

وتختلف الانتخابات الرئاسية القادمة عن سابقاتها حيث تجري في ظل تقلبات جيوسياسية دولية وعلى وقع استقطاب حاد وانقسامات تشق المشهد السياسي الأميركي بفعل ارث من سياسات الرئيس الجمهوري (ترامب) المثيرة للجدل.

وقبل ساعات من عقد مجلس النواب جلسة التصويت أصر ترامب الأربعاء على أنه لم يرتكب "أي خطأ"، متسائلا في تغريدات على تويتر "هل يمكنكم تصديق أنه سيتم عزلي اليوم من قبل اليسار الراديكالي، الديمقراطيون الذين لا يقومون بشيء، بينما لم أرتكب أي خطأ! إنه أمر فظيع".

ويؤكد الرئيس الأميركي أنه لم يرتكب أي مخالفة ووصف العملية برمتها الثلاثاء بأنها "زيف كامل". وأرسل خطابا لرئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي اتهمها فيه بالانخراط في عملية "انحراف عن العدالة".

واستنكر التحقيق الذي أطلقه الديمقراطيون بدعوى أنه استغل نفوذه في الضغط على أوكرانيا لتشويه خصمه الديمقراطي جو بايدن وتعطيل العدالة قائلا إنه "محاولة انقلاب". واتهم الديمقراطيين بأنهم يحاولون تغيير نتائج انتخابات الرئاسة عام 2016 التي هزم فيها الديمقراطية هيلاري كلينتون.

ومن المتوقع أن يشهد تصويت المجلس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون استقطابا على أساس حزبي، مما يسلط الضوء على الانقسام العميق داخل الكونغرس بشأن تصرفات ترامب وعلى الخلاف السياسي الأكبر في البلاد.

وقد يصبح ترامب ثالث رئيس أميركي يواجه المساءلة وذلك في إجراء غير معتاد للتدقيق في سلطات الرئيس المنصوص عليه في الدستور الأميركي ولا يطبق سوى على المسؤولين التنفيذيين الذين يرتكبون "جرائم وجنحا كبيرة". ولم يُعزل أي رئيس بموجب ذلك الإجراء.

والتصويت المتوقع بعد ظهر الأربعاء أو مساء الخميس سيفضي إلى محاكمة ترامب الشهر المقبل أمام مجلس الشيوخ.

عزل الرؤساء في الولايات المتحدة
عزل الرؤساء في الولايات المتحدة

ويفترض أن يقوم خلالها أعضاء مجلس النواب بدور الادعاء، فيما يهيمن على مجلس الشيوخ الجمهوريون الذين لم يبدوا اهتماما يذكر بعزل الرئيس من منصبه.

ويتهم ديمقراطيو مجلس النواب ترامب باستغلال سلطاته بمطالبة أوكرانيا بالتحقيق مع جو بايدن النائب السابق للرئيس والأوفر حظا لنيل ترشيح الديمقراطيين في انتخابات الرئاسة عام 2020، فيما يواجه كذلك اتهاما بعرقلة تحقيق الكونغرس في تلك المسألة.

وقالت بيلوسي في رسالة إلى أعضاء الكونغرس الديموقراطيين "مجلس النواب سيمارس إحدى الصلاحيات الأكثر أهمية التي كفلها لنا الدستور عندما سنصوّت لإقرار مادتي العزل ضد رئيس الولايات المتحدة"، مضيفة "في هذه اللحظة التي تعمها الصلوات في تاريخ أمّتنا، علينا احترام قسمنا بدعم وحماية دستورنا من جميع الأعداء في الخارج والداخل".

وفي الرسالة، اتّهم ترامب السياسية الديموقراطية المخضرمة بـ"خرق ولائها للدستور" وإعلان "حرب مفتوحة ضد الديموقراطية الأميركية".

وكرر إصراره على أن القضية ضدّه "خدعة" و"ظلم جسيم"، مشددا على أن الديموقراطيين مدفوعون لعزله بفعل "ممثليكم (في الكونغرس) المضطربين والراديكاليين من اليسار المتطرف".

ووجهت اللجنة القضائية بمجلس النواب الأميركي الأسبوع الماضي اتهاما رسميا للرئيس دونالد ترامب بإساءة استخدام سلطته وعرقلة عمل الكونغرس وذلك ضمن التحقيق الرامي إلى عزله من منصبه.

ويشكل انعقاد جلسة مساءلة ترامب تطورا بالغ الحساسية بالنسبة لمرشح الجمهوريين للرئاسة، إلا أنه من المستبعد في الوقت الراهن أن يصل الوضع إلى عزل الرئيس من منصبه.

ودعم معظم الجمهوريين ترامب أثناء التحقيق لعزله. وقالوا إنه لا يوجد دليل واضح ومباشر على أنه ضغط على أوكرانيا لتحقيق مكاسب سياسية.

ويبدو ترامب واثقا من الخروج من هذه الأزمة رغم ما تشكله من تشويش وتأثير محتمل على حظوظه في الفوز بولاية رئاسية ثانية.

اجراءات العزل في الولايات المتحدة
اجراءات العزل في الولايات المتحدة

ويدخل قطب العقارات الأميركي الجمهوري الأكثر إثارة للجدل سباق الرئاسة هذه المرة مدعوما بانجازات لها أهمية بالغة في ميزان الناخبين خاصة في ما يتعلق بخفض قياسي في نسبة البطالة وخلق الوظائف والنمو الاقتصادي.  

وكانت إجراءات عزل الرئيس الأميركي قد دخلت خلال الفترة القليلة الماضية مرحلة حاسمة بعدما أكد رئيس اللجنة القضائية بمجلس النواب جيري نادلر على وجود إثباتات ترجح إدانة ترامب.

وقال نادلر قبل أكثر من أسبوع في تصريح لشبكة سي ان ان "لدينا قضية قوية"، مضيفا "لو عرض هذا الملف على هيئة تحكيم، فإنّ حكما بالإدانة سيصدر في غضون ثلاث دقائق".

ولم يكشف رئيس اللجنة القضائية في الكونغرس عن لائحة الاتهامات التي ستوجه إلى ترامب، إلا أنه من المتوقع أن تشمل إساءة استخدام السلطة والفساد وعرقلة سير أعمال الكونغرس والعدالة.

إلا أن نادلر قال في تصريحاته السابقة إن "الاتهام الرئيسي لترامب هو السعي للتدخل الخارجي في انتخاباتنا عدة مرات في 2016 وفي انتخابات 2020 وأنه سعى إلى التغطية على ذلك، ما يشكل تهديدا حقيقيا لنزاهة الانتخابات" التي ستجري في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وكان آدم شيف رئيس لجنة الاستخبارات الذي يدير التحقيق بشكل عام قد أكد لشبكة 'سي بي اس' قبل أكثر من اسبوع أن "هناك أدلة دامغة على أن الرئيس سعى إلى إجبار أوكرانيا على التدخل في انتخاباتنا"، والأخطر من ذلك أنه "سعى إلى عرقلة التحقيق في ذلك".

وفي حال تم بالفعل عزل ترامب فستُرفع القضية إلى مجلس الشيوخ، ومن المقرر أن يترأّس كبير قضاة المحكمة العليا جون روبرتس المحاكمة المتوقعة في يناير/كانون الثاني في مجلس الشيوخ حيث يحظى الجمهوريون بغالبية 53 مقعدا مقابل 47.

وتحتاج إقالة ترامب من منصبه موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ. ومن المرجّح أن تتم تبرئة الرئيس إلا إذا قرر الجمهوريون التخلي عن ترامب.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاني جريشام الأربعاء إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “محبط" من إجراءات التحقيق بالتقصير ضده.

وأضافت جريشام ” إنه محبط، كما يتضح من الرسالة بالأمس”، في إشارة إلى خطاب مؤلف من ست صفحات أرسله ترامب إلى رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، والذي اتهم فيه معارضيه بشن حرب علنية والسعي للإطاحة بالديمقراطية.