ترامب يوجه ضربة قاصمة لأردوغان والاقتصاد التركي

الرئيس الأميركي يجيز فرض عقوبات قاسية على مسؤولين أتراك مع وقف المفاوضات التجارية مع أنقرة وزيادة الرسوم الجمركية على صادراتها من الصلب.


ترامب يضع الاقتصادي التركي على حافة الهاوية
العقوبات الأميركية الجديدة تزلزل الاقتصاد التركي
توافق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي على معاقبة تركيا
عقوبات أميركية سابقة أقلّ قسوة هوت بالليرة التركية إلى هوّة عميقة
أردوغان يدفع غاليا ثمن عدوانه على أكراد سوريا
أردوغان يتمسك بالعناد في مواجهة الإدانات الغربية لعملية 'نبع السلام'

واشنطن/أنقرة - أجاز الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء اليوم الاثنين فرض عقوبات على مسؤولين أتراك وقرّر زيادة الرسوم الجمركية على صادرات الصلب التركية ووقف المفاوضات التجارية مع أنقرة، وذلك ردّا على العملية العسكرية التركية في شمال شرق سوريا.

وقال ترامب في تغريدة على تويتر "أنا مستعدّ بالكامل لتدمير الاقتصاد التركي بسرعة إذا ما استمرّ القادة الأتراك في هذا المسار الخطير والمدمّر".

وتشكل حزمة العقوبات الجديدة ضربة قاصمة للاقتصاد التركي وأيضا للرئيس طيب أردوغان الذي يلهث وراء نصر وهمي للتغطية على أزماته الداخلية السياسية والاقتصادية وفشله الذريع في اخراج الاقتصاد من حالة الركود.  

ومن المتوقع أن تدفع العقوبات الأميركية القاسية بالفعل الاقتصاد التركي المتعثر إلى الانهيار، حيث أن عقوبات سابقة لوح بها ترامب العام الماضي من دون تنفيذها دفعت الليرة التركية إلى هوة عميقة فقدت معها نحو 40 بالمئة من قيمتها.

وكان الرئيس الأميركي قال في وقت سابق الاثنين إن "عقوبات صارمة" ضد تركيا يمكن أن تصدر قريبا ردا على الهجوم العسكري الذي أطلقته أنقرة ضد القوات الكردية في شمال سوريا، فيما تمسك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعناده، معلنا أنه لن يتراجع عن العملية العسكرية التي أطلقها مساء الأربعاء الماضي وسماها 'منبع السلام".

وقال ترامب في تغريدة سابقة "عقوبات صارمة ضد تركيا قادمة!"، لكنه لم يقدم المزيد من التفاصيل تماما كما فعل في تغريدة سابقة حين لوّح بتدمير الاقتصاد التركي اذا تجاوزت أنقرة الحدود.

لكن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين قال من البيت الأبيض لاحقا إن فريق الأمن القومي الرئاسي سيجتمع الاثنين لتقييم هذا الملف، مضيفا "من الواضح أن الأوان لم يفت بعد لفرض الولايات المتحدة عقوبات على تركيا"، إلا أنه نبّه أيضا إلى أن "الوضع معقد"، مذكرا بأن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي.

وأعلن منوتشين الجمعة أن الرئيس الأميركي أمر بعقوبات صارمة ضد أنقرة، لكن لم يتم تفعيلها حتى الآن وسبق له أن أكد أن بوسع واشنطن أن تشلّ الاقتصاد التركي بحزمة عقوبات.

وتتصاعد في واشنطن الدعوات لمحاسبة تركيا على عدوانها على أكراد سوريا حلفاء الولايات المتحدة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وقال السناتور الجمهوري لينزي غراهام اليوم الاثنين إنه تحدث مع نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب بشأن الهجوم التركي على شمال سوريا وإنها أيدت اقتراح من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بفرض عقوبات على أنقرة.

وغراهام من مؤيدي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكنه أدان علنا ومرارا قرار ترامب بسحب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا الذي أعقبه غزو تركي سريع لإخراج قوات يقودها الأكراد ظلت حليفة لواشنطن لفترة طويلة.

وقال غراهام على تويتر "تحدثت للتو مع رئيسة مجلس النواب بيلوسي في ما يتعلق بإجراء من الكونغرس بشأن التوغل التركي في سوريا".

وأضاف "رئيسة المجلس أيّدت عقوبات بدعم من الحزبين ضد الانتهاكات التركية في سوريا وهي تعتقد كذلك إنه يتعين علينا إظهار التأييد للحلفاء الأكراد وتشعر بقلق من عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية".

ومنذ إعلانه قبل 8 أيام عن سحب القوات الأميركية من مواقع على الحدود التركية السورية، يعطي ترامب إشارات متناقضة مع تأكيده على أن الأميركيين يجب أن يحرروا أنفسهم من حروب الشرق الأوسط، مهددا تركيا في الوقت نفسه بـ"تدمير اقتصادها".

وعلى الجانب الآخر رحّب أردوغان الاثنين بقرار الولايات المتحدة سحب ألف جندي من شمال سوريا، حيث تنفّذ القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها عملية عسكرية ضد المقاتلين الأكراد.

ولدى سؤاله خلال مؤتمر صحافي في اسطنبول عن إعلان وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر الذي صدر الأحد في هذا الشأن، رد أردوغان بالقول "إنها خطوة إيجابية".

وتواصل أنقرة لليوم السادس هجومها على القوات الكردية التي تعتبرها "إرهابية" في شمال سوريا، فيما أعلن الجيش التركي السيطرة مع الفصائل السورية التي تقاتل إلى جانبه على بلدتين رئيسيتين هما تل أبيض ورأس العين، لكن معلومات تؤكد استمرار المعارك في المدينتين.

وعقب صدور قرار الانسحاب الأميركي الأحد، أعلنت الإدارة الذاتية الكردية التوصل إلى اتفاق مع دمشق ينص على انتشار الجيش السوري على طول الحدود مع تركيا للتصدي للهجوم المستمر ضد مناطق سيطرتها.

اجازة ترامب فرض عقوبات قاسية على تركيا تأتي بعد وقت قصير من ترحيب أردوغان بسحب واشنطن قواتها من سوريا في قراءة خاطئة توهم معها الرئيس التركي تساهلا من نظيره الأميركي ازاء عدوان أنقرة على الأكراد

ولم يوضح الأكراد تفاصيل الاتفاق وما إذا كانوا قدموا تنازلات لدمشق التي أخذت عليهم دائما تحالفهم مع واشنطن رافضة أي شكل من أشكال الإدارة الذاتية في سوريا.

وأوردت صحيفة الوطن السورية المقربة من السلطات أنه "جرى الاتفاق بين دمشق والقوات المحلية في منبج وعين العرب لدخول الجيش العربي السوري".

وشدد أردوغان على أنه يتوقع انسحاب الفصائل الكردية من مدن أخرى رئيسية على غرار منبج. وقال "عندما يتم إخلاء منبج، لن ندخل إليها نحن كتركيا. بل سيعود إليها أشقاؤنا العرب، العشائر وهم أصحابها الحقيقيون. يتمثل نهجنا بضمان عودتهم وأمنهم هناك".

ورحب كذلك بموقف روسيا الذي وصفه بـ"الإيجابي"، قائلا إنه لا يبدو أن موسكو تضع أي عقبات في طريق هجوم القوات التركية على كوباني (عين العرب).

وقال أردوغان "يبدو أنه لن تكون هناك أي مشاكل في كوباني نظرا لموقف روسيا الإيجابي".

وجدد الرئيس التركي انتقاده للقوى الغربية التي نددت بالعملية. وكانت فرنسا وألمانيا وإيطاليا بين الدول الأوروبية التي علّقت تسليم الأسلحة لتركيا على خلفية الهجوم على سوريا.

وقال متوجها للدول الأوروبية "هل ستقفون إلى جانب حليفكم في حلف شمال الأطلسي أم الإرهابيين؟ لا يمكنهم الإجابة عن هذا السؤال. لا يمكن فهم الهدف مما يقومون به وأسبابه".

وأضاف "خطر لي هل السبب هو أن تركيا الدولة الوحيدة في حلف الأطلسي ذات الشعب المسلم؟".

وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين عبر تويتر "من صمتوا بينما تم تدمير الموصل والرقة ودير الزور وقتل آلاف المدنيين هم نفسهم الذين يصدرون دعوات أوقفوا العملية ويهددون تركيا بالعقوبات. لن تتوقف العملية حتى نحقق أهدافنا".