ترتيب الأولويات في العراق

كرة السياسة ليست في ملعب احد بل في المنتصف تنتظر من يحركها كي تصل الى الهدف، وهذه مسؤولية وطنية تقع على عاتق الجميع.

المرحلة القادمة في استكمال الحراك العراقي اكثر أهمية من المرحلة الحالية. لقد مهدت التظاهرات نحو بلورة وعي جديد لدى الشارع والسياسيين على حدٍ سواء. فقد اتضح لدى الشارع العراقي كيف يستعيد وطنه وكيف يواجه الفاسدين ويخيفهم ويفرض عليهم ارادته الوطنية. والسياسيون كذلك فهموا ان هناك شعب يحاسبهم وعليهم ان ينصاعوا لارادة الجماهير وان زمن اللاقانون لن يستمر ما دام هناك شعب حي يحب ارضه.

فعلى ضوء هذه المعادلة لابد من ترتيب للأوليات كي لا تذهب دماء الضحايا الى الفراغ وكي تثمر التضحيات.

على المتظاهرين ان يشكلوا فريقا تفاوضيا للحوار مع رئيس الوزراء المكلف لرسم المرحلة القادمة، لاسيما وان السيد محمد علاوي دعاهم ليكونوا له عوناً وسنداً لمحاربة الفاسدين، وكذلك للتخلص من الضغط الذي سيواجهه من قبل احزاب السلطة. فأحزاب السلطة بكل اطيافها لن تتنازل عن امتيازاتها بسهولة، وان السراق سيحاربون بكل قوة للدفاع عن باطلهم.

السيد علاوي كما هو معروف لا يمتلك قوة مسلحة أوميليشيات ولا جناحا عسكريا، فهو يريد ان يقاتل بقوة الشارع. لذا لابد من الاعتماد على القوى الخيرة لمواجهة الطغيان. ولابد من رسالة واضحة تقول اضرب بيد من حديد ونحن من ورائك.

في نية السيد علاوي ان يكون للمتظاهرين تأثير وارادة في القرار السياسي، وان التغيير لابد ان يبدأ بخطوة وهي اشراك المستقلين والكفاءات الحرة في صناعة القرار. وهذا لا يتم الا من خلال التفاهم والحوار بين المتظاهرين ورئيس الوزراء.

وهناك خطوة اخرى مهمة لتغيير الخارطة السياسية وهي الانتخابات المبكرة التي وعد السيد علاوي بدعمها وتعهد بحمايتها. وهذا يتطلب ان يرتب المتظاهرون صفوفهم ويعدوا قوائم باسماء الكفاءات المخلصة التي أفرزتها سوح التظاهر لخوض المعركة القادمة التي سترسم ملامح الوطن، وتقطع الطريق على الأحزاب المتسلطة فقد جاء وقت التغيير.

ان ترتيب الأولويات في المرحلة القادمة هو باكورة النصر على الفاسدين وهي التي ستحقق ما يريده الشارع العراقي.

أولى الأولويات هي ان نسعى لانتخابات مبكرة وان نقر قانون الأحزاب ونقطع دابر الفاسدين من خلال محاسبتهم بكل قوة وزجهم في السجون دون الالتفات الى مواقعهم وأحزابهم او مسمياتهم، والتأكيد على الغاء مجالس المحافظات ووضع السلاح تحت سلطة القانون، وترتيب العلاقة مع ايران والولايات المتحدة، وترتيب العلاقة مع الإقليم، وتوفير لفرص متكافئة للعراقيين، ودعم القطاع الخاص، والاهتمام العاجل بالخدمات والتنمية الاجتماعية، ووضع خطط عاجلة خمسية او عشرية لبناء البلد.

ان هذه الخطط لا يمكن ان تنجز الا بتكاتف العراقيين جميعاً ولا يمكن ان تحقق أهدافها الا بالحوار مع المتظاهرين وإشراكهم في القرار الوطني.

ليست الكرة في ملعب احد بل في المنتصف تنتظر من يحركها كي تصل الى الهدف، وهذه مسؤولية وطنية تقع على عاتق الجميع.