تردي الأوضاع يشعل الجبهة الاجتماعية في جنوب إيران

الاحتجاجات في منطقة خوزستان المنتجة للنفط تتصاعد تنديدا بالإهمال والتهميش وتردي الأوضاع الاجتماعية بشكل كبير منذ أعادت واشنطن فرض العقوبات على إيران بعد انسحابها في 2018 من الاتفاق النووي.
الشرطة الإيرانية تفرّق بالقوة مسيرات الغضب في خوزستان
العرب السنّة في إيران يشتكون من الإهمال والتهميش والتمييز الوظيفي
احتقان في عدد من المحافظات الإيرانية كالنار تحت الرماد

طهران - أعلنت الشرطة الإيرانية الجمعة أنها فرّقت "بحزم" تظاهرة في محافظة خوزستان بجنوب غرب البلاد احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية في الجمهورية الإسلامية التي تشهد انكماشا تفاقم مع انتشار فيروس كورونا المستجد.

وتشهد إيران في الفترة الأخيرة احتجاجات متفرقة في الأقاليم النائية تنديدا بالتهميش وسوء الإدارة وقمع الحريات. وكانت الشرارة التي أشعلت الجبهة الاجتماعية في بهبهان بجنوب غرب البلاد رفع خلالها المحتجون شعارات تدعوا الإيرانيين إلى عدم الخوف في دعوة واضحة لتحدي الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها السلطات في المنطقة.

ومنذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده بشكل أحادي من الاتفاق النووي التاريخي وإعادة فرض العقوبات على إيران في 2018، تراجع اقتصاد الجمهورية الإسلامية بشكل كبير.

وفاقم تفشي فيروس كورونا المستجد الصعوبات الاقتصادية إذ تسبب بإغلاق جزئي للاقتصاد وخفض الصادرات، ما أدى إلى تراجع قيمة العملة المحلية بشكل كبير وارتفاع معدلات التضخم.

وأعلنت وزارة الصحة الإيرانية الجمعة أن حصيلة كوفيد-19 بلغت أكثر من 13790 وفاة مع تسجيل 183 وفاة جديدة وأكثر من 269 ألفا و400 إصابة.

وقالت الشرطة الإيرانية إنها فرّقت الحشد في مدينة بهبهان في محافظة خوزستان بغرب إيران، موضحة أن المشاركين فيه رددوا شعارات "مخالفة للأعراف".

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (إرنا) عن قائد شرطة المدينة الكولونيل محمد عزيزي قوله "استجابة لإحدى الدعوات، تجمّع عدد صغير من أهالي مدينة بهبهان الساعة 21:00 الخميس للاحتجاج على الوضع الاقتصادي".

وحاولت الشرطة في البداية التحدّث إلى المحتجين، إلا أن المجموعة "لم تكتف بالامتناع عن التفرق بل بدأت ترديد شعارات مخالفة للأعراف"، بحسب عزيزي الذي استخدم مصطلحا عادة ما تلجأ إليه السلطات الإيرانية للإشارة إلى الشعارات المناهضة لنظام الحكم.

وأكد قائد شرطة المدينة أن قوات الأمن فرّقت التظاهرة "بحزم"، موضحا أنه تمت إعادة "تهدئة" الوضع دون تسجيل أي ضحايا أو أضرار في الممتلكات، بينما لم يحدد عزيزي إن كانت جرت أي عمليات توقيف.

ونشرت على حسابات مستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن التحقق منها صور وتسجيلات لعشرات الأشخاص احتشدوا في أحد شوارع بهبهان في محافظة خوزستان.

وردد المتظاهرون هتافات مناوئة للنظام وميليشيا الباسيج شبه العسكرية التي تعتبر يد النظام الطولى في قمع الاحتجاجات. ومن الشعارات التي رددها المتظاهرون "الإيراني يموت ولا يقبل الذل" و"لا نريد حكومة الملالي" و"أيها الباسيجي اخجل وارحل عن البلد".

كما ردد الحشد الغاضب شعارات تندد بالتدخلات الإيرانية الخارجية وبالإنفاق السخي على أذرع غيران في المنطقة، فكان لافتا تردد هتافات من قبيل "لا غزة ولا لبنان روحي فداء إيران" و"المدفع والدبابة والصاروخ لا تفيد.. يجب أن يرحل الملالي".

وأفاد موقع 'نيتبلوكس' الذي يراقب حركة الإنترنت حول العالم أن استخدام الشبكة كان صعبا وأنه تم تخفيضه أو قطعه لنحو ثلاث ساعات في خوزستان بالتزامن مع التظاهرة.

وخوزستان منطقة منتجة للنفط لطالما اشتكت من إهمالها من قبل السلطات. وتعد المحافظة المحاذية للعراق واحدة من عدد قليل من المناطق التي يقطنها عرب سنة في إيران.

ويأتي التجمّع في بهبهان بعد أيام على تأييد محكمة إيرانية عقوبة الإعدام بحق ثلاثة أشخاص على صلة باحتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي الدامية التي أثارها رفع أسعار الوقود.

واندلعت التظاهرات حينها بعدما رفعت السلطات أسعار الوقود بأكثر من الضعف بين ليلة وضحاها، ما فاقم الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها سكان البلد الذي يرزح تحت وطأة العقوبات.

ودعت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة الخميس طهران إلى إلغاء أحكام الإعدام هذه. وقال أكثر من عشرة خبراء مستقلين في قضايا الإعدام التعسفي في بيان "اليوم ننضم إلى مئات الآلاف من الإيرانيين على وسائل التواصل الاجتماعي الذين أدانوا أحكام الإعدام هذه".

وكانت احتجاجات 2019 هزّت عدة مدن واتّخذت منحى عنيفا قبل أن تتسع رقعتها لتشمل مئة مدينة وبلدة في أنحاء البلاد ليتم لاحقا إخمادها وسط تعتيم كامل تقريبا طال الإنترنت.

وحضّ عزيزي الإيرانيين على "عدم التأثّر بأعداء النظام" الذين يهدفون إلى "تحريض الناس في الوضع الحالي الحساس".

وأعلن الحرس الثوري الإيراني توقيف عدد من "المحرّضين" وتفكيك "خلية إرهابية" الخميس، مشيرا إلى أن الأشخاص الذين تم اعتقالهم في مدينة مشهد "على ارتباط بمجموعات مناهضة للثورة" ودعوا إلى تنظيم تظاهرات.

كما أعلن عن تفكيك خلية تابعة لحركة مجاهدي خلق التي تعتبرها طهران "إرهابية" واعتقال عناصرها في مدينة شيراز حيث كانت "تعتزم القيام بعملات تخرب، بحسب الادعاءات الرسمية.

وذكرت مصادر إخبارية معارضة أن التوتر يخيم على عدد من المدن الإيرانية ومنها    شيراز ومشهد وأصفهان وتبريز وطهران حيث شوهدت وحدات أمنية خاصة وقوات الأمن تنتشر بكثافة في الطرقات الرئيسية خاصة في مراكز تلك المدن تحسبا لتشكل أي تجمعات احتجاجية.

وأعلنت مجموعة نشطاء تدافع عن حقوق الإنسان في إيران عن اعتقال فرزانة أنصاري فر، شقيقة فرزاد أنصاري فر أحد ضحايا الاحتجاجات التي شهدتها مدينة بهبهان في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

وظهرت فرزانة في الفترة الأخيرة في مقاطع فيديو أعلنت فيها استمرارها في معارضة النظام بعد مقتل شقيقها.

وبحسب المصدر ذاته تم نقل الناشطة إلى مكان مجهول بعد اعتقالها في أثناء مشاركتها في احتجاجات بهبهان.