تردي الوضع المعيشي يدفع ليبيا لإحراق نفسه على طريقة البوعزيزي
طرابلس - أقدم مواطن ليبي مساء الاثنين على إشعال النار في جسده، في مشهد مؤلم تناقلته منصات التواصل الاجتماعي، ما أعاد إلى الأذهان واقعة الشاب التونسي محمد البوعزيزي التي شكّلت لحظة مفصلية في تاريخ المنطقة خاصة وأن ليبيا تشهد توترا عسكريا وأزمة سياسية ومظاهرات مطالبة باستقالة حكومة الوحدة الوطنية ما يزيد الضغط على رئيسها عبدالحميد الدبيبة.
ووقع الحادث في شارع عمر المختار وسط العاصمة طرابلس، حيث أظهر مقطع مصور لحظة إضرام الرجل النار بنفسه أمام المارة، الذين سارعوا لمحاولة إنقاذه ما يشير لحالة اليأس وغياب الأفق لدى الليبيين المتشائمين من مستقبل غامض.
ورغم ندرة التفاصيل الرسمية، ربط كثير من النشطاء بين هذه الحادثة والأوضاع المعيشية والاقتصادية المتدهورة في البلاد حيث بات الكثير من الليبيين يواجهون أزمات اقتصادية واجتماعية نتيجة استمرار الانقسامات السياسية.
ووفق ما نشره موقع أخبار شمال افريقيا فقد كتب أحد المستخدمين على منصة "إكس" "شاب يشعل في نفسه النار بسبب ضيق الحال. الناس تعبت." بينما دوّن الناشط عبد العزيز أبو حمرة على "فيسبوك" "هذا الرجل لم يُشعل النار في جسده فقط، بل أيقظ فينا أسئلة كثيرة عن الكرامة والأمل والغضب المكتوم.”
واختتم منشوره بالقول "إن ما حدث ليس مجرد حادث… بل رسالة مؤلمة عن واقع لا يطاق".
وتأتي هذه الواقعة في وقت تشهد فيه ليبيا ضغوطًا اقتصادية متزايدة، وارتفاعًا في أسعار السلع الأساسية، وسط شكاوى شعبية من تراجع مستوى الخدمات وصعوبة الحياة اليومية، في بلد يمتلك ثروات نفطية ضخمة لكنه يعاني من اضطرابات مستمرة منذ أكثر من عقد.
ويعتقد أن هذه الحادثة قد تزيد من حدة التوتر السياسي في البلاد، وتضع ضغوطًا إضافية على حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة، خاصة في أعقاب اشتباكات مسلحة شهدتها العاصمة مؤخرًا بين تشكيلات مسلحة متنازعة.
ويصف مراقبون الوضع في طرابلس بأنه انعكاس لأزمة أوسع تشمل انقسامًا سياسيًا، وصراعًا على النفوذ، ومعدلات فساد عالية، مما أدى إلى تآكل ثقة المواطن في مؤسسات الدولة، ودفع البعض إلى حافة اليأس.
وقد أشارت العديد من التقارير لحجم الفساد في ليبيا والذي بات يهدد كل نواحي الحياة مع تصاعد النفوذ المالي والسياسي لقادة الميليشيات الذين باتوا يتصرفون في مقدرات الشعب الليبي.
وتتوالى ردود الفعل على الحادثة في أوساط الإعلام والنشطاء، حيث يرى البعض فيها نداء استغاثة ورسالة صامتة يجب أن تؤخذ بجدية من قبل مختلف الأطراف السياسية والعسكرية الفاعلة، التي تتصارع منذ سنوات على إدارة الدولة ومقدراتها.
وفي ظل هذا الواقع، يبقى السؤال الأكبر: إلى متى يستطيع المواطن الليبي تحمّل الأزمات دون أفق واضح للحل.