تركة اقتصادية ثقيلة تواجه الحكومة الجزائرية الجديدة

تنتظر الحكومة الجزائرية الجديدة الجاري تشكيلها، ملفات اقتصادية ثقيلة فاقمتها أزمة مزدوجة لفيروس كورونا وانهيار أسعار النفط.
الحكومة الجديدة ستواجه ملف البطالة حيث أن البلاد فقدت نحو نصف مليون وظيفة بسبب كورونا
أبرز بوادر أمل السلطات الجزائرية لتحسين الوضع الاقتصادي هو ارتفاع الصادرات غير النفطية

الجزائر - تنتظر الحكومة الجزائرية الجديدة الجاري تشكيلها، تركة اقتصادية ثقيلة فاقمتها أزمة مزدوجة لفيروس كورونا وانهيار أسعار النفط.
وأعلنت الرئاسة الجزائرية، الأربعاء، تكليف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وزير المالية في الحكومة السابقة، أيمن بن عبدالرحمن لتشكيل الحكومة الجديدة.
ويعتبر بن عبد الرحمن شخصية تكنوقراطية، ما يعني أن الحكومة ستضم شخصيات محسوبة على الرئيس وأخرى من تشكيلات سياسية عديدة.
قبل ذلك أعلنت الرئاسة الجزائرية في 24 يونيو/ حزيران الماضي، انطلاق المشاورات السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة، اعتبارا من السبت 26 من الشهر ذاته.
تحديات اقتصادية
وتعرض الاقتصاد الجزائري لهزة عنيفة خلال 2020، بسبب جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط، ما نتج عنه عجز تاريخي في موازنة 2021، إذ بلغت 22 مليار دولار.
الأزمة المزدوجة، دفعت بالسلطات الجزائرية إلى تقليص الإنفاق الحكومي، بواقع النصف تقريبا وتجميد مشاريع في عدة قطاعات.
كما ستجد الحكومة المقبلة نفسها في مواجهة بطالة متفاقمة، إذ تشير بيانات رسمية جزائرية إلى أن البلاد فقدت نحو نصف مليون وظيفة بسبب الجائحة.
وامتدت آثار الأزمة لتطال أسعار المواد الاستهلاكية على اختلافها، وستكون الحكومة أمام رهان إطفاء لهيب الأسعار التي اشتدت وطأتها منذ أشهر وخصوصا مع حلول شهر رمضان الماضي، تدهورت معها القدرة الشرائية.
ولم تسلم العملة الجزائرية المحلية (الدينار) من تبعات الأزمة، إذ بلغت مستويات قياسية من الانهيار أمام الدولار واليورو.
ويتوقع قانون الموازنة العامة لعام 2021، أن يبلغ متوسط سعر الصرف بـ 142 دينارا لكل دولار، و149 دينارا في عام 2022.
ووفقا للوثيقة ذاتها تتوقع السلطات انخفاضا بواقع 5 بالمئة من قيمة العملة المحلية (الدينار) كل عام، خلال الأعوام الثلاثة المقبلة مقارنة بالعملات الأجنبية.
وحسب بيانات بنك الجزائر المركزي، بلغ سعر صرف الدينار مطلع يونيو الماضي، مستوى 134 مقابل الدولار و160 مقابل اليورو.
بوادر أمل

عبدالمجيد تيون يريد التركيز على الاصلاح الاقتصادي
عبدالمجيد تيون يريد التركيز على الاصلاح الاقتصادي

وفي خضم الأزمة الاقتصادية الخانقة، برزت بوادر أمل للسلطات يمكن أن تساعدها في تجاوز الوضع المتأزم حسب متابعين.
ولعل أبرز بوادر أمل السلطات الجزائرية هو ارتفاع الصادرات غير النفطية، خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية بنسبة 65 بالمئة، إلى 1.14 مليار دولار مقابل 694 مليون دولار في الفترة المناظرة من العام الماضي.
وسبق للرئيس تبون أن أعلن بأن 2021 ستشهد تصدير 5 مليارات دولار خارج المحروقات، وتكون قاعدة الانطلاق لاقتصاد البلاد، خصوصا مع انتعاش إنتاج البلاد الزراعي.
وأعلنت وزارة المالية مطلع يونيو/ حزيران 2021 عودة احتياطات النقد الأجنبية للارتفاع لأول مرة منذ بداية 2015 دون تفاصيل إضافية.
وبلغت الاحتياطيات الجزائرية من النقد الأجنبي 42 مليار دولار نهاية فبراير/شباط الماضي، نزولا من 194 مليار دولار نهاية 2014.
حكومة كفاءات
ورأى الخبير والمحلل الاقتصادي فريد بن يحيى، أن الحكومة الجديد ستواجه فعلا تركة اقتصادية ثقيلة، ولذلك وجب أن تكون حكومة كفاءات عالية التأهيل وليس حكومة سياسية.
وأضاف فريد بن يحيى أن الأزمة المزدوجة كانت لها تبعات واضحة على الاقتصاد الجزائري، وعدة مؤشرات صارت في الخانة الحمراء على غرار البطالة والنمو وعجز الموازنة وغيرها.
وأضاف "الحكومة الجديدة، يجب أن تباشر تقييما وتشخيصا دقيقا لما يعانيه اقتصاد البلاد في مختلف القطاعات، كالزراعة والصناعة والتجارة والصحة والسياحة والتكنولوجيا الحديثة وغيرها".
وطالب الحكومة الجديدة بوضع خطة عمل بأهداف واضحة وأجندة زمنية، وعدم تكرار أخطاء الحكومات السابقة، التي لم تكن لها رؤية حقيقية وتشخيص جيد للخروج بالبلاد من الأزمة.
وزاد "لذلك من الأفضل أن تأتي حكومة كفاءات عالية التأهيل، تكون لديها رؤية وفق إستراتيجية واضحة، ويجمع أعضاؤها بين النظري والتطبيقي ويتخذون إجراءات سريعة وشجاعة".
وقال "يجب أن تكون من أولويات الحكومة، اتخاذ إجراءات حقيقية تسمح بعودة الاستثمارات الأجنبية، وأيضا الأموال المنهوبة في الخارج (تم تهريبها في زمن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة)، خاصة أن هذه الحكومة سيكون لها على الأقل 3 سنوات (ما تبقى من ولاية الرئيس تبون) لتنفيذ مخطط عملها".