تركيا تخرق اتفاق وقف اطلاق النار في سوريا

القوات التركية تخرق الهدوء بمواصلة القصف الصاروخي على مدينة رأس العين بالتزامن مع تحليق طائرات حربية ومروحية في سماء المدينة.
اكراد سوريا يعلنون قبولهم الاتفاق التركي الاميركي لوقف اطلاق النار
رد اميركي باهت تجاه الخروقات التركية المتواصلة لاتفاق وقف اطلاق النار شمال سوريا
الاتفاق محاولة من ترامب لاحتواء انتقادات داخلية حتى من معسكره الجمهوري
رئيس المجلس الأوروبي يشكك في التزام انقرة بوقف اطلاق النار

دمشق - لم يمضي يوم على توقيع الاتفاق الاميركي التركي لوقف اطلاق النار في شمال سوريا حتى تورطت القوات التركية في خرقه عبر استئناف الهجوم على مدينة راس العين الحدودية.
وسمع دوي قصف وإطلاق للأسلحة النارية في منطقة رأس العين الجمعة وذلك بعد ان تم الاتفاق على وقف انقرة هجومها في سوريا لمدة خمسة أيام للسماح بانسحاب القوات التي يقودها الأكراد.
واكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن هدوءًا ساد منطقة شرق الفرات منذ إعلان الاتفاق الأميركي - التركي بوقف العمليات العسكرية هناك مساء الخميس، غير أن القوات التركية خرقت هذا الهدوء بتجدد القصف الصاروخي بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة على مدينة رأس العين عند الشريط الحدودي بالتزامن مع تحليق طائرات حربية ومروحية في سماء المدينة. 
وأضاف المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له أنه تم سماع أصوات إطلاق نار بشكل واضح في المدينة صباح الجمعة.
وليس المرصد وحده من شكك في التزام تركيا بوقف إطلاق النار حيث شكك رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك من التزام أنقرة قائلا "ان ما يسمى بوقف إطلاق النار في شمال سوريا ليس ما توقعناه".
وواصل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان تهديداته بعدم الالتزام بالاتفاق مع الولايات المتحدة حيث حذر الجمعة من أن تركيا ستستأنف عمليتها العسكرية ضد القوات الكردية في سوريا مساء الثلاثاء إذا لم تنسحب من "منطقة آمنة" تسعى لإقامتها بمحاذاة حدودها. 
وقال إردوغان للصحافيين خلال مؤتمر صحافي في اسطنبول "إذا تم الوفاء بالوعود حتى مساء يوم الثلاثاء، فسيتم حل مشكلة المنطقة الآمنة. وإذا فشل الأمر، فستبدأ العملية ... في اللحظة التي تنتهي فيها المائة وعشرون ساعة".
وليست المرة الاولى التي تخرق فيها تركيا اتفاقياتها في سوريا حيث رفضت انقرة وحلفائها من الجماعات المسلحة اتفاقيات وقعتها مع الجانب الروسي فيما يتعلق بالمنطقة منخفضة التوتر.
وحاول الرئيس التركي تكذيب التطورات الميدانية وحقيقة تورط الجيش التركي وحلفائه في خرق الاتفاق مع واشنطن للتملص من العقوبات التي هدد الرئيس الاميركي دونالد ترامب بفرضها حيث قال الرئيس التركي الجمعة إنه لا توجد اشتباكات في الوقت الراهن بشمال شرق سوريا مشيرا إلى أن "المنطقة الآمنة" ستمتد 440 كيلومترا على حدود تركيا مع سوريا على أن يصل طرفها الشرقي إلى حدود تركيا مع العراق، وأضاف أنه اتفق مع الولايات المتحدة على أن تكون المنطقة بعمق 32 كيلومترا.
وأبلغ الصحفيين بعد صلاة الجمعة في اسطنبول بأن مسؤولين أميركيين وأتراكا سيكونون على اتصال دائم لتنفيذ الاتفاق معا.
لكن الرد الاميركي لم يكن وفق تطلعات المراقبين وخاصة تطلعات الاكراد الذي يتعرضون لانتهاكات تصل الى جرائم حرب وفق منظمة العفو الدولية حيث قالت متحدثة باسم البيت الأبيض اليوم الجمعة إن تطبيق وقف إطلاق النار سيستغرق وقتا بعد رصد نيران بنادق آلية وقصف ودخان على الحدود السورية التركية.
وردا على سؤال عن القتال في المنطقة رغم اتفاق وقف إطلاق النار قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاني جريشام في مقابلة مع فوكس نيوز إن الوفد الأميركي "حقق النجاح فيما يتعلق بالتوصل لهدنة لكن الأمر سيستغرق وقتا" مضيفة أنها لن تناقش. 
ويظهر من خلال تصريح المتحدثة باسم البيض الابيض ان ادارة ترامب تلتمس الاعذار لخروقات الجيش التركي.

اتفاق لم ينهي الهجوم التركي وبقي حبرا على ورق
اتفاق لم ينهي الهجوم التركي وبقي حبرا على ورق

ويرى محللون ان الرد الاميركي البعيد تماما عن نبرة الحزم التي عرفت بها ادارة ترامب تشير إلى ان الاتفاق مجرد ذر رماد عن العيون.
وكان الرئيس الاميركي هدد مرارا بتدمير الاقتصاد التركي اذا رفض اردوغان الانصياع الى الرغبة الدولية في وقف الهجوم على الشمال السوري.
ويشير الرد الأميركي الباهت تجاه خروقات الجيش التركي ان الاتفاق مجرد احتواء للغضب الدولي وأيضا خطوة من ترامب لاحتواء الانتقادات الداخلية حتى من معسكره الجمهوري.
وكانت رئيسة مجلس النواب الاميركي نانسي بيلوسي كشفت الاربعاء ان ترامب عبر عن غضبه في اجتماع مع الزعماء الديمقراطيين بسبب تصويت الكونغرس باغلبية ساحقة على ادانة الهجوم التركي شمال سوريا.
وحسب بيلوسي فان غضب ترامب يعود لانضمام الجمهوريين إلى الديمقراطيين في تصويت مجلس النواب ضد قرار الرئيس الانسحاب من سوريا.
ويبدو ان الاتفاق بين تركيا والولايات المتحدة محاولة من ترامب لاحتواء المعارضة التي تشكلت ضد موقفه من الهجوم التركي.
وأعلنت أنقرة الخميس تعليق العملية العسكرية التركية في شمال شرق سوريا لـ120 ساعة فقط بعد مباحثات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووفد أميركي يرأسه نائب الرئيس مايك بنس الذي أكد بدوره إن بلاده ستؤمن انسحاب الوحدات الكردية من المنطقة.
وأكد وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو تعليق العملية العسكرية في شمال شرق سوريا في انتظار انسحاب المقاتلين الأكراد من المنطقة، لكنه قال "نحن نعلق العملية ولا نوقفها"، مضيفا "سنوقف العملية فقط حين ينسحب المقاتلون الأكراد في شكل تام من المنطقة"، مؤكدا أن بلاده لم تعط أي ضمانات لأميركا بشأن كوباني. كما أكد أن زيارة أردوغان لواشنطن الشهر المقبل لاتزال قائمة.
وتحدث بنس عن توصل تركيا والولايات المتحدة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا، موضحا "هدفنا هو ضمان انسحاب ي ب ك خلال الـ120 ساعة القادمة وهذا الأمر قد بدأ بالفعل".

نحن نعلق العملية ولا نوقفها


ولفت مايك بنس إلى أن وحدات حماية الشعب الكردية أعطت ضمانا بالانسحاب من المنطقة، مضيفا أنه جرى التوصل إلى تفاهم بين تركيا والولايات المتحدة للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية بالكامل شمال شرق سوريا.
وقال بنس للصحافيين بعد محادثات مع اردوغان استمرت أكثر من أربع ساعات إنه للسماح بانسحاب القوات التركية "خلال 120 ساعة، سيتم تعليق كل العمليات العسكرية في إطار عملية نبع السلام، على أن تتوقف العملية نهائيا ما أن يتم انجاز هذا الانسحاب".
وعلى القوات الكردية أن تنسحب من منطقة بعمق 32 كلم بحيث تتحول في النهاية إلى "منطقة آمنة".
وأشار إلى أن الاتفاق لا يشمل الاتهامات الأخيرة من جانب المدعين الأميركيين ضد هال بنك التركى. وقال فى مؤتمر صحفى "إن الاتهامات الخاصة بانتهاك العقوبات المفروضة على إيران، هى قضية خاصة بوزارة العدل والمدعين العامين في نيويورك".
وأكد بنس إن اتفاق وقف إطلاق النار يشمل قيام الولايات المتحدة بسحب العقوبات التي فرضتها مؤخرا على تركيا وليس الاتهامات القانونية.
وعلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على ما أسفرت عنه محادثات بنس في تركيا معتبرا أنه "يوم عظيم" لتركيا والأكراد، مضيفا أن الاتفاق على وقف إطلاق النار في سوريا مع تركيا "نتيجة مذهلة".
ووصف قرار وقف إطلاق النار في منطقة شمال شرقي سوريا باليوم العظيم" لتركيا والأكراد. وقال في تصريحات للصحفيين في مدينة فورت وورث بولاية تكساس، إن "الأكراد سعداء بالاتفاق".وتابع أن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مع تركيا بشأن شمالي سوريا إنجاز عظيم، مضيفا "اتفاق وقف إطلاق النار بشمالي سوريا سينقذ ملايين الأرواح وحلفاءنا الأكراد. حققنا كل ما يمكن أن نحلم به في ما يتعلق بالوضع شمالي سوريا، الوضع الآن يجعل الجميع سعداء، ويمكننا الآن إعادة جنودنا إلى الوطن مع بقاء قدرتنا على احتواء تنظيم داعش".
وأثنى على نظيره التركي ووصفه بأنه قائد عظيم وشديد البأس، قائلا "لقد حقق (أردوغان) شيئا عظيما وأنا أشكره. أقدر ما قامت به تركيا وأكن الكثير من الاحترام للرئيس أردوغان".
وقال أيضا "سعيد لأننا لن نحتاج لفرض عقوبات على تركيا ولم أكن بحاجة للكونغرس لفرض تلك العقوبات. فرض العقوبات على تركيا أو رفعها ليس بيدي بل الكونغرس هو من يقرر".

وأشار إلى أن تركيا عانت كثيرا وتعرضت للضرر من هذه المنطقة في شمال سوريا، مضيفا "أعتقد أن وقف إطلاق النار سيستمر والرئيس أردوغان يريد ذلك. الفرصة ما زالت متاحة للرئيس أردوغان لزيارتنا في واشنطن، الشهر المقبل".
وفي وقت سابق، كتب ترامب في سلسلة تغريدات حول الاتفاق عبر تويتر "هذا يوم عظيم للحضارة. وأنا فخور بالولايات المتحدة لوقوفها بجانبي في إتباع طريق ضروري، لكنه غير تقليدي إلى حد ما".
وتابع "الناس كانوا يحاولون إبرام هذا الاتفاق لسنوات عديدة. سيتم إنقاذ ملايين الأرواح. مبروك للجميع!"
وشارك في الاجتماع من الجانب التركي أردوغان ونائبه فؤاد أوقطاي ووزراء الخارجية مولود تشاووش أوغلو والخزانة والمالية براءت ألبيرق والدفاع خلوصي أكار ورئيس هيئة الأركان العامة يشار غولر من الجانب التركي ومن الجانب الأميركي نائب الرئيس مايك بنس وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين والمبعوث الخاص إلى سوريا جيمس جيفري وسفير واشنطن لدى أنقرة ديفيد ساترفيلد.
وأعلن مظلوم عبدي القائد العسكري لقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد (قسد) قبول وقف اطلاق النار مضيفا "أننا سنقدم كل ما يلزم لإنجاح اتفاق وقف إطلاق النار في المنطقة الممتدة بين رأس العين وتل أبيض، و يتضمن عودة النازحين إلى منازلهم ولا يتضمن تغيير ديموغرافية المنطقة".
ويأتي الإعلان عن تعليق العملية العسكرية التركية في شمال شرق سوريا بينما أعلن أعضاء بمجلس الشيوخ الأميركي الخميس تشريعا يتضمن فرض عقوبات واسعة النطاق على تركيا بسبب هجومها على سوريا.
ويستهدف مشروع القرار الذي يبحثه المجلس الذي يهيمن عليه الجمهوريون، عددا من المسؤولين الأتراك ومعاقبة تركيا لشرائها منظومة إس 400 الصاروخية من روسيا. وتوقع السناتور الجمهوري ليندزي غراهام حصول التشريع على تأييد واسع من أعضاء المجلس من الحزبين.