تركيا تدير ظهرها للنازحين السوريين

السلطات في ولاية اسطنبول تمهل النازحين السوريين "المقيمين بشكل غير قانوني" حتى الـ20 من أغسطس لمغادرة البلاد وسط حملة اعتقالات ومضايقات لمئات اللاجئين وترحيلهم قسرا إلى سوريا.

فجأة تبخر شعار 'التضامن الاسلامي' الذي رفعه أردوغان لدى استقبال اللاجئين السوريين
أردوغان استنفد ورقة النازحين السوريين
أنقرة تتساهل مع إجراءات طرد النازحين اتخذتها سلطات اسطنبول
أجهزة أردوغان تلاحق النازحين السوريين
تنامي مفاجئ لنسبة عداء الأتراك للنازحين السوريين

اسطنبول - أدارت تركيا ظهرها للنازحين السوريين بعد أن استقبلتهم في السنوات الماضية تحت شعار "التضامن الإسلامي" وهو الشعار الذي وظفه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الدعاية الانتخابية وفي تسويق صورته كزعيم دولة يشارك السوريين آلامهم ومآسيهم.

وقد أمهلت سلطات ولاية اسطنبول الاثنين حتى 20 أغسطس/اب السوريين المقيمين بشكل غير قانوني في المدينة لمغادرتها، في وقت تؤكد فيه منظمات غير حكومية سورية حصول حالات طرد سوريين من تركيا إلى سوريا، وسط تراخي من قبل حكومة العدالة والتنمية وتساهل مع إجراءات الطرد.

ويناقض هذا التراخي المرونة التي أبدتها أنقرة قبل نحو سبع سنوات حين فتحت أبوابها لطوفان من النازحين الفارين من الحرب.

وأكدت ولاية اسطنبول في بيان أن أكثر من 547 ألف سوري يعيشون في اسطنبول "في إطار نظام الحماية المؤقتة" بعدما فروا من سوريا نتيجة النزاع القائم هناك منذ 2011.

وتابع البيان الذي نشر بالتركية والعربية أن "الأجانب من الجنسية السورية الذين ليسوا تحت الحماية المؤقتة (غير مسجلين أو ليست لديهم إقامة) سيتم ترحيلهم إلى المحافظات المحددة من وزارة الداخلية"، مشيرا إلى أنه "تم إغلاق باب التسجيل الجديد للحماية المؤقتة في اسطنبول".

وقال "تم إعطاء مهلة حتى تاريخ 20 أغسطس (اب) 2019 للأجانب من الجنسية السورية الذين يملكون هويات حماية مؤقتة في محافظات غير اسطنبول ويعيشون في اسطنبول، حتى يعودوا إلى محافظاتهم"، مشيرا إلى أنه سيتم ترحيل "الذين لا يعودون حتى نهاية المهلة المؤقتة إلى المحافظات المسجلين فيها".

وأكدت ولاية اسطنبول "استمرار أعمال إلقاء القبض على الداخلين إلى بلادنا بطريقة غير شرعية" لإخراجهم من البلاد.

وتستضيف سوريا أكبر عدد من السوريين الهاربين من بلادهم مقارنة بما استقبلته دول أخرى مجاورة ويقدر عددهم بنحو 3.5 ملايين شخص.

وعززت قوات الأمن التركية عمليات التدقيق في الهويات في الأيام الأخيرة في اسطنبول، خصوصا في محطات المترو والحافلات وفي الأحياء التي تتركز فيها أعداد كبيرة من السوريين.

وقال مهدي داود رئيس منبر الجمعيات السورية الذي يضم عددا من المنظمات السورية غير الحكومية إن أكثر من 600 سوري غالبيتهم يحملون بطاقة الحماية المؤقتة اعتقلوا الأسبوع الماضي في اسطنبول وطردوا إلى سوريا.

واعتبر أن عمليات الطرد هذه تتعارض مع تعليمات وزارة الداخلية التركية نفسها، لأن هؤلاء الأشخاص كان يفترض أن ينقلوا إلى الولايات التركية المسجلين فيها وليس إلى سوريا، مضيفا "لقد أجبروا على توقيع وثائق يعترفون فيها بأنهم يعودون إلى سوريا طوعا".

وقال إن المنبر الذي يترأسه أجرى اتصالات مع السلطات التركية إثر عمليات الطرد هذه "ولم تسجل أية حالة طرد جديدة منذ السبت".

وأوضح داود أن نحو 26 ألف سوري يعيشون في اسطنبول ولا يحملون بطاقة الحماية المؤقتة. ولم يكن قادرا على إعطاء رقم عن عدد السوريين المسجلين في ولايات أخرى والمقيمين في الوقت الحاضر في اسطنبول.

وأفادت دراسة نشرتها جامعة قادر هاس في اسطنبول الأسبوع الماضي أن نسبة الأتراك المستائين من وجود السوريين ارتفعت من 54.5 بالمئة إلى 67.7 بالمئة في 2019.

وشهدت حملة الانتخابات البلدية هذا العام انتشارا للخطاب المعادي للسوريين على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال وسم "السوريون ارحلوا".

ووجهت انتقادات إلى رئيس البلدية الجديد لاسطنبول أكرم إمام أوغلو لأنه عبر عن استيائه من عدد اللافتات المكتوبة بالعربية في بعض الأحياء في المدينة.

وتحاول حكومة رجب طيب أردوغان المتهمة بالتراخي تجاه استقبال اللاجئين، إظهار المزيد من الحزم حول المسألة، فيما كانت قد روجت لاستقبال السوريين في تركيا تحت شعار "التضامن الإسلامي".

لكن يبدو أن أردوغان أدار ظهره بالفعل للنازحين السوريين بعد أن استنفد هذه الورقة سياسيا وماليا ولم يعد بحاجة للعزف على هذا الوتر فيما كانت صوره وهو يعانق أطفال لاجئين سوريين أو يتناول وجبة إفطار في خيمة أحد النازحين أو في زيارة لمدرسة مخصصة لأبناء النازحين.