تركيا تريد سرت شرطا لوقف النار في ليبيا
اسطنبول - اشترطت تركيا اليوم السبت انسحاب قوات الجيش الوطني الليبي من مدينة سرت الساحلية الإستراتيجية لوقف إطلاق النار في ليبيا، في موقف يؤكد سلطة القرار التركي على حكومة الوفاق الوطني التي يفترض أن يصدر مثل هذا الموقف عنها بصفتها طرفا في الأزمة لا عن دولة متدخلة في الصراع ومنتهكة للمواثيق الدولية.
وأكد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين السبت أن التوصل لوقف دائم لإطلاق النار في ليبيا يتطلب انسحاب قوات المشير خليفة حفتر من مدينة سرت.
لكن روسيا التي استقبلت حفتر في أكثر من مناسبة وعبرت عن دعمها لجهوده في مكافحة الإرهاب تعتبر بدورها وهي قوة وازنة أيضا في الأزمة الليبية، سرت خطا أحمر.
وحققت ميليشيات حكومة الوفاق بدعم تركي تقدما ميدانيا واستعادت السيطرة في الفترة الأخيرة على عدة مواقع ومدن في غرب البلاد كانت إلى وقت قريب تحت سيطرة الجيش الوطني بقيادة حفتر.
وعلى الرغم من المكاسب الميدانية التي حققتها تركيا وميليشياتها في ليبيا، فإن بقاء سرت خارج سيطرة حكومة الوفاق يحرم أنقرة من مكاسب جيوسياسية واقتصادية لطالما خططت لها حين اجتاحت قواتها ومرتزقتها الساحة الليبية بذريعة دعم "الشرعية".
فالمدينة الساحلية تعتبر المركز الاستراتيجي والحيوي للطاقة حيث يقع حوض سرت الذي يمثل نحو ثلثي الإنتاج الليبي من النفط إلى جانب قربها من الموانئ النفطية التي تعتبر هدفا للتدخل العسكري التركي.
واتهم كالين فرنسا بـ"تعريض أمن حلف شمال الأطلسي للخطر" عبر دعم قوات المشير خليفة حفتر في النزاع الليبي. وتقود باريس جهودا لكبح التدخلات التركية في ليبيا والانتهاكات في شرق المتوسط.
وتدرك فرنسا وحلفاؤها الأوروبيون في حلف شمال الأطلسي والأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن سيطرة حكومة الوفاق ومن خلفها تركيا على سرت يعني امتلاك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورقة ضغط أخرى على أوروبا.
وسبق لأردوغان أن استخدم ورقة الهجرة في ابتزاز الشركاء الأوروبيين وأطلق بالفعل مئات اللاجئين على الحدود مع اليونان للضغط على الاتحاد الأوروبي في قضايا منها الملف السوري.
وقال كالين الذي تعد بلاده الداعم الرئيسي لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، إن "وقفا لإطلاق النار يجب أن يكون قابلا للاستمرار، ما يعني أن على الطرف الآخر، الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر ألا يكون في موقع يتيح له شن هجوم جديد على الحكومة الشرعية ساعة يشاء".
وأضاف "في المرحلة الراهنة، تعتبر حكومة الوفاق في طرابلس ونحن ندعمها في ذلك، أن على جميع الأطراف العودة إلى مواقعهم في عام 2015 حين تم توقيع اتفاق الصخيرات السياسي (في المغرب)، ما يعني أن على قوات حفتر أن تنسحب من سرت والجفرة".
وتخطط تركيا لإقامة قاعدتين عسكريتين في ليبيا فعلى الجانب البحري تسعى أنقرة إلى تعزيز وجودها لتأمين الإمدادات العسكرية لمعارك الساحل الليبي وخاصة في سرت، بما يساعد على إعادة كفاءة عدة قواعد عسكرية جوية وبحرية في جنوب المتوسط، وهذا وفق خبراء عسكريين من ضمن أهداف التدخل العسكري التركي في ليبيا.
وسيطرت قوات حكومة الوفاق في بداية يونيو/حزيران على شمال غرب البلاد بدعم تركي، لكنها تحرز تقدما بطيئا نحو سرت، المدينة الإستراتيجية شرقا والتي لا تزال قوات حفتر تسيطر عليها.
وسرت مسقط رأس الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي وتبعد 450 كلم شرق طرابلس وكانت معقلا لتنظيم الدولة الإسلامية قبل أن تسيطر عليها قوات حكومة الوفاق في العام 2016. لكنها سقطت في يناير/كانون الثاني الماضي في أيدي قوات حفتر.
وتبحث أنقرة وموسكو راهنا محاولة إرساء وقف لإطلاق النار في ليبيا رغم إلغاء زيارة منتصف يونيو/حزيران كان سيقوم بها وزيران روسيان لاسطنبول بسبب خلافات بين البلدين.