تركيا تستعجل جني ثمار دعمها للسراج

تركيا تسعى للاستحواذ على كبرى المشاريع خاصة في مجال الطاقة في بلد دمرت الحرب والصراعات بنيته التحتية وقطاعاته الحيوية، قبل أي تسوية سياسية يمكن أن تحرم أنقرة من عقود تفاضلية وامتيازات مالية.
أنقرة تفاوض طرابلس للبدء في عمليات تنقيب بحرية وبرية عن النفط والغاز
تركيا تسعى للاستحواذ على قطاعي الطاقة والكهرباء في ليبيا
لقاءات تركية مكثفة بمسؤولين من الوفاق قبل اي تسوية سياسية محتملة للأزمة  

اسطنبول - تُجري تركيا محادثات مع سلطة الوفاق الليبية في طرابلس للبدء في عمليات تنقيب برية وبحرية عن النفط والغاز، في استعجال من الجانب التركي لجني ثمار الدعم الذي قدمته لحكومة الوفاق في مواجهة هجوم شنه الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

وقال مسؤول كبير في وزارة الطاقة التركية لصحافيين "نناقش مع الحكومة الليبية والشركة الليبية الوطنية للنفط موضوع حقول برية وبحرية للتنقيب عن النفط والغاز".

وأضاف المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته "نجري أيضا مناقشات معهم في مجالات أخرى مرتبطة بالطاقة مثل إنتاج الكهرباء. لديهم احتياجات هائلة مرتبطة بالطاقة خصوصا في الكهرباء". وتشمل المحادثات أيضا "تطوير شبكة توزيع واحتمال تشغيل وبناء أنابيب".

وكثّف المسؤولون الأتراك في الفترة الأخيرة من اللقاءات والنقاشات مع مسؤولين في حكومة الوفاق لبحث ملفات التعاون وتحديد المجالات الحيوية التي تفيد الشركات التركية.

وتسعى تركيا للاستحواذ على كبرى المشاريع خاصة في مجال الطاقة في بلد دمرت الحرب والصراعات بنيته التحتية وقطاعاته الحيوية، قبل أي تسوية سياسية يمكن أن تحرم أنقرة من عقود تفاضلية وامتيازات مالية.

وتشهد ليبيا التي تملك أكبر احتياطات نفط في إفريقيا، نزاعا بين سلطتين متنافستين: حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة ومقرها طرابلس وحكومة موازية في الشرق يدعمها حفتر الذي يسيطر على شرق البلاد وجزء من الجنوب.

ووقعت أنقرة وحكومة الوفاق الوطني في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 اتفاقا لترسيم الحدود البحرية تستند إليه تركيا للمطالبة بالسيادة على مساحة كبيرة تُجري فيها عمليات تنقيب عن الغاز، ما يثير غضب معظم الدول المطلة على شرق المتوسط خصوصا اليونان وقبرص.

الرئيس التركي الذي فجر مواجهات على أكثر من جبهة منذ توليه السلطة، لن يجد غنيمة أفضل من غرب ليبيا لما قد يجنيه من مكاسب سياسية واقتصادية عبر أدوات محلية تتزعمها جماعة الإخوان المسلمين

ورغم أن عمليات التنقيب التركية في شرق المتوسط لم تتوصل إلى أي اكتشاف كبير منذ إطلاقها عام 2018، إلا أن أنقرة المصممة على فرض نفسها كجهة فاعلة رئيسية في هذه المنطقة في مواجهة خصومها الإقليميين، تنوي مواصلة عمليات التنقيب عن موارد رغم التوتر الذي تثيره.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 21 أغسطس/اب أن بلاده اكتشفت في البحر الأسود حقل غاز طبيعي يُقدّر مخزونه بـ320 مليار متر مكعّب وأن تركيا ستكثّف عمليات البحث في شرق المتوسط أيضا.

وبحسب المسؤول في وزارة الطاقة، فإن تركيا تستورد حاليا 92 بالمئة من احتياجاتها من النفط الخام و"تقريبا كامل احتياجاتها من الغاز الطبيعي".

وأوضح أن الغاز الذي اكتشفته في البحر الأسود والذي تنوي البدء بتوزيعه اعتبارا من العام 2023، سيسمح لها عندما سيبلغ إنتاجها الذروة، بتأمين "30 بالمئة من احتياجاتها" لعدة السنوات.

وقال "سيكون علينا مواصلة استيراد سبعين بالمئة من احتياجاتنا. الحقل الذي اكتُشف في البحر الأسود كبير، لكن نحتاج إلى كمية أكبر من الغاز".

ولن يجد النظام التركي الذي فجر مواجهات على أكثر من جبهة منذ توليه السلطة، غنيمة أفضل من غرب ليبيا لما قد يجنيه من مكاسب سياسية واقتصادية عبر أدوات محلية تتزعمها جماعة الإخوان المسلمين التي دعمها في الماضي وزاد من دعمها حاليا باعتبارها الجهة المهيمنة في طرابلس.

وتقول قيادة الجيش الوطني إن حكومة الوفاق واجهة سياسية للإخوان وقد تحولت إلى رهينة لتركيا ولم تعد تملك سلطة القرار.

ويتعامل الرئيس التركي مع طرابلس بمنطق الوصاية والغنيمة ويعمل على ترسيخ أقدام بلاده في ليبيا التي تعتبر بوابة المتوسط وإفريقيا.   

وكانت أنقرة وطرابلس قد وقعتا في يوليو/تموز الماضي على تفاهمات واتفاقيات تجارية واقتصادية وصفتها وزير التجارة التركية روهصار بكجان بـ"المهمة للغاية"، موضحة أن تلك التفاهمات تمهد الطريق لاستكمال المفاوضات بين الشركات التركية ونظيراتها الليبية.

وتفتح تلك الاتفاقيات المزيد من المنافذ لتركيا للتنفيس عن أزمتها الاقتصادية وهي أيضا شكل من أشكال المكافأة على الدعم العسكري الذي قدمه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لحكومة الوفاق الوطني في مواجهة عملية عسكرية كان قد أطلقها الجيش الوطني الليبي في ابريل/نيسان 2019 لتحرير العاصمة طرابلس من الجماعات الإرهابية.

وقالت أنقرة حينها إن تلك التفاهمات تهدف لاستمرارية المشاريع التركية غير المكتملة وحل المشكلات التي واجهتها مشاريع البناء المنفذة في ليبيا.

وأوضحت أن بعض مشاريع المقاولات التي نفذتها شركات تركية في ليبيا في الماضي القريب توقفت ولم تتمكن من تحصيل مستحقاتها.

وأكدت أنها قامت بعمل شامل ومهم للغاية لحل مشكلات المشاريع والذمم المدينة (المستحقات المالية) التي تركت في الماضي وتحقيق مشاريع واستثمارات جديدة في المستقبل.

وستكون الحكومة التركية بقيادة حزب العدالة والتنمية الإسلامي التي تواجه مشاكل مالية، من أكثر المستفيدين من عودة الشركات التركية للعمل في طرابلس وإعادة تنشيط الاستثمارات في غرب ليبيا.