تركيا تعمق الخلافات مع لبنان باستدعاء سفيرها

أنقرة تبلغ السفير اللبناني قلقها من تعرض سفارتها لتهديد امني وذلك على خلفية احتجاجات ضد إساءة السلطات التركية للرئيس عون.

أنقرة - صعدت أنقرة التوتر مع بيروت وذلك على خلفية الانتقادات المتبادلة اثر اتهام الرئيس اللبناني عون الإمبراطورية العثمانية بارتكاب جرائم ضد الارمن ورد الخارجية التركية التي وصقت عون بالخاضع للاستعمار.

واستدعت وزارة الخارجية التركية، الخميس، السفير اللبناني لدى أنقرة، غسان المعلّم، على خلفية ما وصفته بانه عمل استفزازي تعرضت لها السفارة التركية في بيروت.
وذكرت مصادر ان لبنانيين غاضبين احتجوا امام السفارة التركية  ما اثار انزعاج انقرة واعتبرته عملا استفزازا.

وقامت تركيا بإبلاغ السفير اللبناني بقلقها على أمن السفارة التركية في بيروت، داعية الى اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة، من أجل حماية جميع المصالح التركية في لبنان، وفي مقدمتها السفارة.

وكانت الحكومة اللبنانية استجابت لدعوات نشطاء وشخصيات سياسية طالبوا على مواقع التواصل الاجتماعي، باستدعاء السفير التركي في لبنان على خلفية بيان لوزارة خارجية بلاده وصف الرئيس اللبناني بـ"الخاضع للاستعمار".

وأعلنت وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان الثلاثاء، عن استدعاء السفير التركي في لبنان هاكان تشاكل لاستيضاحه حول بيان خارجية بلاده بشأن تصريحات ميشال عون .

وكانت الخارجية اللبنانية استهجنت البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية التركية الاحد بشأن الرئيس ميشال عون، والذي عبرت فيه عن "استنكارها الشديد" لاتهام الإمبراطورية العثمانية بممارسة الإرهاب في لبنان".

وكان الرئيس عون استعرض في رسالة إلى اللبنانيين وجهها يوم السبت الماضي بمناسبة إطلاق احتفاليات الذكرى المئوية لتأسيس لبنان، مراحل من تاريخ لبنان خلال العهد العثماني متحدثاً عن "محاولات التحرر من النير العثماني التي كانت تقابل بالعنف والقتل وإذكاء الفتن الطائفية"، كما تحدث عن " إرهاب الدولة الذي مارسه العثمانيون على اللبنانيين".

والسبت، قال عون في كلمة موجهة إلى مواطنيه نشرها عبر سلسلة تغريدات عبر صفحته على تويتر إن "كل محاولات التحرر من النير العثماني كانت تقابل بالعنف والقتل وإذكاء الفتن الطائفية. إن إرهاب الدولة الذي مارسه العثمانيون على اللبنانيين خصوصاً خلال الحرب العالمية الأولى، أودى بمئات آلاف الضحايا ما بين المجاعة والتجنيد والسخرة".

وناشد الرئيس اللبناني مواطنيه تعليم الأجيال القادمة تاريخ لبنان، قائلا "شعبنا لا يستكين أمام الاحتلال أو الوصاية، ولبنان الصغير بمساحته الجغرافية، منارة للديمقراطية، ومنبرا للفكر الحر".

وأثارت تصريحات عون حفيظة أنقرة التي ردت عبر بيان للخارجية قالت فيه إنها "تدين بأشد العبارات وترفض كليا التصريحات المبنية على الأحكام المسبقة، والتي لا أساس لها عن الحقبة العثمانية، واتهامه للإمبراطورية العثمانية بممارسة إرهاب الدولة في لبنان".

وأضاف البيان أن العبارات التي نشرها عون بعد أسبوع على زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إلى لبنان، "لا تتماشى مع العلاقات الودية بين البلدين، ومؤسفة للغاية وغير مسؤولة".

وشدّد البيان على اعتزاز الجمهورية التركية بكونها وريثة الإمبراطورية العثمانية.

واعتبرت الخارجية التركية تصريحات عون "هذيان" و"تحريف للتاريخ" وخضوع للاستعمار وهو ما استنكره اللبنانيون الذين طالبوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي باستدعاء السفير اللبناني في تركيا.

والاثنين، قال عمر جليك، المتحذث بأسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، أثناء انعقاد اجتماع اللجنة التنفيذية المركزية للحزب في العاصمة أنقرة، برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان، إن تصريحات عون "جاءت من منظور ضيّق، وغير لائقة".

وأضاف "نرفض كلياً هذه التصريحات ونحتج عليها".

من جهته اعتبر مستشار عون للشؤون الروسية والنائب السابق أمل أبوزيد بيان الخارجية التركية "تطاولا على رأس الدولة في لبنان".

وقال أبوزيد في تغريدة على تويتر إن البيان "مدان ومرفوض وما هو إلا تعبير عن ذهنية التسلط والهيمنة، التي ورثتها الدولة التركية، عن السلطنة العثمانية البائدة".

وأضاف أن "أقل رد من الدولة اللبنانية، هو استدعاء السفير التركي لدى لبنان، لتوجيه رسالة شديدة اللهجة إلى السلطات في أنقرة، علها تستفيق، أن زمن السلطنة والتسلّط، ولى إلى غير رجعة، وأن التاريخ لا يعود إلى الوراء، وأن لبنان الكبير، الذي يحتفل بمئويته الأولى، سيبقى وطنًا سيدًا حرًا مستقلًا، وخصوصًا في ظل رئاسة العماد ميشال عون، الذي نجدّد معه القول "لبنان أكبر من أن يبلع وأصغر من أن يقسم".

يذكر أن وزير الخارجية التركي زار بيروت في شهر أغسطس/آب الماضي، حيث التقى الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الوزراء سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل وعدد آخر من الشخصيات السياسية في لبنان.

وفي شهر أبريل/نيسان، قام لبنانيون بحرق العلم التركي خلال مسيرة حاشدة نظمتها الأحزاب الأرمنية، مُطالبين أنقرة بالاعتراف بمجازر الأرمن التي وقعت قبل 104 أعوام.
وطالب السفارة التركية في بيروت آنذاك باتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية بحق المسؤولين عن إحراق العلم التركي في المسيرة.

وتطالب أرمينيا والدول الأوروبية ودول أخرى تركيا بالاعتراف بما جرى خلال عملية التهجير في 1915 على أنه "إبادة عرقية"، وبالتالي دفع تعويضات.

يذكر أن أكثر من 20 دولة حول العالم من بينها لبنان، الأرجنتين، البرازيل، كندا، فرنسا، إيطاليا، روسيا، سويسرا، الولايات المتحدة، الفاتيكان، وفنزويلا وغيرها اعترفت "بالمذبحة الأرمنية" ومجازر الأتراك قبيل انهيار السلطنة العثمانية والتي راح ضحيتها 1.5 مليون قتيل، بالإضافة إلى أعمال التهجير والطرد لأكثر من مليون أرمني.