تركيا تنسحب إلى أنطاليا مدفوعة بالضغوط الأوروبية

تراجع سفن التنقيب التركية من المياه المتنازع عليها مع اليونان خطوة قد تخفف التوتر بين الطرفين، لكنها تخفي في طياتها مناورة تركية جاءت في وقت بدا فيه الموقف الأوروبي أكثر حدة حيال انتهاكات أنقرة في شرق المتوسط.
ما الذي تخطط إليه تركيا من وراء انسحابها المفاجئ من مياه شرق المتوسط؟
واشنطن تحض أنقرة على التوقف أن أنشطة تهدد أمن المنطقة
اليونان تعزز قدراتها العسكرية بصفقات أسلحة جديدة تحسبا للخطر التركي
قبرص توقع اتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة
أكار: تركيا لم تتخل عن حقوقها في شرق البحر المتوسط

إسطنبول – تراجعت السلطات التركية عن قرار استمرار عمليات التنقيب في المياه المتنازع عليها مع اليونان، في خطوة على ما يبدو أن جاءت مدفوعة بتهديدات الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على أنقرة بسبب انتهاكاتها في شرق البحر الأبيض المتوسط.

وفي هذا الإطار أظهرت بيانات رفينيتيف أن سفينة التنقيب التركية أوروتش رئيس عادت إلى مياه قريبة من إقليم أنطاليا بجنوب تركيا الأحد، في خطوة قد تخفف التوتر بين أنقرة وأثينا بشأن الموارد الطبيعية في البحر.

يأتي هذا تزامنا مع إعلان رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس الأحد عن إبرام صفقات أسلحة وسط تصاعد التوتر مع الجارة تركيا لتعزيز القدرات العسكرية للبلاد وخصوصا شراء أسلحة بينها 18 مقاتلة رافال فرنسية.

وتتداخل حدود الجرف القاري لكل من تركيا واليونان العضوين في حلف شمال الأطلسي وتتشابك مطالبهما بالأحقية في موارد الطاقة المحتملة في شرق البحر المتوسط. وتصاعد التوتر الشهر الماضي بعدما أرسلت أنقرة السفينة أوروتش رئيس لتحديد آفاق التنقيب عن النفط والغاز في مياه تتنازع على السيادة فيها اليونان وقبرص وتركيا.

وأصدرت البحرية التركية إخطارا هذا الشهر جاء فيه أن أوروتش رئيس ستواصل عملياتها في المنطقة حتى 12 سبتمبر/أيلول.

كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد قال إن السفينة ستواصل عملياتها الاستكشافية لفترة أطول لكن لم يصدر تمديد للإخطار حتى ظهر اليوم الأحد.

وأظهرت بيانات رفينيتيف لتعقب السفن أن أوروتش رئيس عادت إلى موقع قبالة ساحل أنطاليا اليوم الأحد برفقة سفينتين.

وحض وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو خلال زيارة لقبرص السبت، تركيا على وقف الأنشطة التي تُثير توتّرا في شرق البحر المتوسّط، داعياً جميع الأطراف إلى دعم السبل الدبلوماسيّة، معلنا أن بلاده وقعت اتفاقية لإنشاء مركز تدريب عسكري أميركي في قبرص.

واشنطن تتحرك لخفض التوتر في شرق المتوسط
واشنطن تتحرك لخفض التوتر في شرق المتوسط

وبينما قالت تركيا مرارا إنها منفتحة على حل المشاكل مع اليونان عبر الحوار، رفضت علانية وضع أي شروط مسبقة قبل المفاوضات بما في ذلك وقف عمليات أوروتش رئيس، وأثارت خطواتها التصعيدية طيلة الأسابيع الماضية قلقا دوليا من احتدام التوتر وخطر حدوث مواجهات مباشرة مع اليونان.

وقال جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحفي أمس السبت "إذا كان هناك من يضعون شروطا مسبقة لتركيا، فإن لدينا أيضا شروطا مسبقة يتعين تنفيذها".

ولم يخض جاويش أوغلو في تفاصيل مكررا أن الوضع الأمثل هو بدء المحادثات دون شروط مسبقة.

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار الأحد، خلال زيارة لمنطقة كاش في أنطاليا قرب جزيرة كاستيلوريزو اليونانية، إن تركيا تؤيد الحوار والتوصل لحل سياسي، مضيفا في تصريحات للصحفيين "نفعل دوما ما تتطلبه علاقات حسن الجوار ونتوقع المثل من الطرف الآخر".

لكن أحدث التصريحات التركية الهادئة جاءت بعد أيام من التمسك بالتصعيد في مياه شرق المتوسط واللهجة الحادة قبل أن يضغط يلوح الأوروبيون باتخاذ إجراءات حازمة لردع تركيا عن استفزازاتها وانتهاكاتها.

ويبدو أن سحب تركيا سفنها إلى مياهها الإقليمية يأتي في إطار مناورة سياسية لخفض التوتر مع اليونان التي تحظى بدعم أوروبي خصوصا من قبل فرنسا التي نزلت بثقلها العسكري لمساندة اليونان في الدفاع عن حقها السيادي في مياه شرق المتوسط. 

وأضاف أكار اليوم الأحد إن عودة سفينة التنقيب التركية أوروتش رئيس إلى مياه قريبة من السواحل الجنوبية للبلاد لا تعني أن أنقرة تخلت عن حقوقها في شرق البحر المتوسط، مضيفا في تصريحات لوكالة الأناضول الرسمية للأنباء أن عودة السفينة تأتي في إطار عملياتها المقررة.

وتقول تركيا إن مطالبها بالسيادة على المنطقة الواقعة بشرق البحر المتوسط مشروعة. ولا يوجد اتفاق بينها وبين اليونان يحدد الجرف القاري لكل منهما، كما ترفض تركيا أي مطالب سيادية لقبرص التي لا تربطها بها علاقات دبلوماسية.

وتنقب تركيا عن موارد النفط والغاز في البحر الأسود أيضا واكتشفت حقلا للغاز يحوي 320 مليار متر مكعب.