تصدع تحالف الضرورة يدفع أردوغان لاستمالة باكستان

الرئيس التركي دأب على الاستثمار في أي أزمة من الممكن أن تخدم أجندته التوسعية والإيديولوجية ما يفسر زيارته لإسلام أباد وإعلانه دعم تركيا لبقاء باكستان خارج القائمة السوداء لتمويل الإرهاب.
أردوغان: سنعارض إدراج باكستان على قائمة تمويل الإرهاب
معركة ادلب تنذر بخسارة أردوغان لموسكو وطهران
الرئيس التركي يسعى عبثا منذ توليه السلطة لزعامة العالم الإسلامي
هل خسر أردوغان كل أوراقه في سوريا؟

إسلام اباد - قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة إنه سيعمل على بقاء باكستان خارج القائمة السوداء لتمويل الإرهاب خلال اجتماع هيئة رقابة مالية عالمية، في خطوة اعتبرها مضادة "للضغوط السياسية" من جانب منتقديها.

وتأتي هذه التصريحات بينما يتحرك أردوغان لاستمالة إسلام أباد في صفه بعد أن قاطعت قمة كوالامبور الإسلامية التي استضافتها ماليزيا في الأشهر القليلة الماضية والتي حشدت لها تركيا ضمن جهود إنشاء كيان مواز لمنظمة التعاون الإسلامي وأيضا في إطار محاولاته لتحجيم الدور السعودي الوازن إقليميا ودوليا.  

وحضر قمة كاولامبور تنظيمات وجماعات اخوانية من عدة دول في العالم أكثر من حضور ممثلي دول العالم الإسلامي. وكانت قمة الإسناد بامتياز لتلك الجماعات على ضوء فشل المشروع الذي يقوده أردوغان لتمكين الإخوان في المنطقة العربية.

وأظهر حجم المقاطعة، فشل الجهود التركية لسحب البساط من تحت أقدام السعودية التي تحولت إلى لاعب إقليمي ودولي وازن في خضم التهديدات التي تواجهها المنطقة وتنامي خطر النفوذ الإيراني.

وترتبط إسلام أباد بعلاقات وثيقة مع السعودية وربما هذا ما يفسر اندفاع الرئيس التركي لتعزيز علاقاته مع باكستان لاستكمال ما بدأه في قمة كوالامبور التي لم تحضرها السعودية ولم تشارك فيها إسلام اباد وقاطعتها معظم الدول الإسلامية.

كأن أردوغان بات وحيدا في ذروة خصوماته الاقليمية والدولية
كأن أردوغان بات وحيدا في ذروة خصوماته الاقليمية والدولية

ويبحث الرئيس التركي منذ توليه السلطة عن موقع متقدم في العالم الإسلامي محاولا تقديم نفسه كزعيم للمسلمين ولا تخرج استدارته لباكستان عن هذه المساعي.

ودأب على الاستثمار في أي أزمة من الممكن أن تخدم أجندته التوسعية والإيديولوجية في الفضاءات الجيوسياسية الحيوية، فباكستان تعتبر أرضا خصبة للجماعات المتشددة وهي البيئة التي يحبذ أردوغان التحرك فيها ضمن مشروع التمكين لجماعات الإسلام السياسي.

وتأتي زيارة أردوغان لإسلام أباد في الوقت الذي بات يواجه فيه مأزقا حقيقيا في سوريا على وقع معركة ادلب ومؤشرات على تضرر تحالف الضرورة والمصلحة مع روسيا.

ولا يمكن أيضا أن ينظر للزيارة والدعم الذي يساوم به أردوغان باكستان خارج سياق احتمال خسارته إيران التي تقاتل ميليشياتها دعما لقوات النظام السوري في ادلب آخر معقل للمعارضة المتشددة الموالية لتركيا.

وتركيا وإيران وروسيا هي الدول الراعية والضامنة لاتفاق استانا المتعلق بخفض التصعيد في عدة مناطق في سوريا من ضمنها ادلب، لكن التطورات الأخيرة في المحافظة المشمولة باتفاق وقف إطلاق النار تدفع بقوة لانهيار تحالف الضرورة بين هذه الأطراف المتدخلة في الحرب السورية.

وكان لابد للرئيس التركي أن يبحث عن قوة وازنة ترتبط بعلاقات وثيقة مع كل من موسكو وطهران ويبدو أن لا خيار أمام أردوغان إلا إسلام أباد لإعادة تعديل كفة التوازنات وتنقية الأجواء مع الروس والإيرانيين (داعمي النظام السوري).   

وفي أواخر العام الماضي أبلغت مجموعة العمل المالي التي تتصدى لغسل الأموال، باكستان بأنها قد توضع في القائمة السوداء إذا استمرت في عدم تطبيق القيود الكافية لمكافحة تمويل الإرهاب.

باكستان تبحث عن دعم من الدول الاسلامية يبقيها خارج القائمة السوداء لتمويل الإرهاب
باكستان تبحث عن دعم من الدول الاسلامية يبقيها خارج القائمة السوداء لتمويل الإرهاب

وتجتمع المجموعة في فرنسا الأسبوع المقبل ويمكن أن تبقى باكستان بمنأى عن القائمة السوداء بدعم من تركيا وحلفاء إسلام أباد التقليديين مثل الصين وماليزيا والسعودية. وتحتاج أي دولة لثلاثة أصوات على الأقل للإفلات من القائمة.

وفي حالة إدراج باكستان بالقائمة السوداء إلى جانب إيران وكوريا الشمالية، فسوف تواجه عقوبات وعقبات في وقت يعاني فيه اقتصادها من أزمة في ميزان المدفوعات.

وقال أردوغان أمام البرلمان الباكستاني بعد يوم من وصوله إلى إسلام أباد "سندعم باكستان في اجتماعات مجموعة العمل المالي حيث تتعرض لضغوط سياسية".

ووضعت المجموعة بالفعل باكستان على القائمة الرمادية الخاصة بالبلدان التي تفتقر للضوابط الكافية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

لكن الهند خصم باكستان اللدود والتي أوشكت على الدخول في حرب معها العام الماضي، تريد إدراجها بالقائمة السوداء.

ومن بين 40 توصية قدمتها المجموعة، التزمت باكستان التزاما تاما بتوصية واحدة فقط، وامتثلت إلى حد كبير لتسع توصيات وجزئيا لست وعشرين توصية ولم تلتزم على الإطلاق بأربعة معايير وهي توصيات كان الامتثال لها إلزاميا لرفعها من القائمة الرمادية وذلك حسب ما أظهرت مراجعة أجرتها المجموعة العام الماضي.

وتقول مجموعة العمل المالي إنه يتعين على باكستان تحديد وتقييم وفهم المخاطر المرتبطة بالمجموعات المتشددة العاملة في البلاد مثل الدولة الإسلامية والقاعدة والدعوة وعسكر طيبة وجيش محمد والتي تواصل جمع أموال في العلن.

وتقول باكستان إنها حققت تحسنا كبيرا في الوفاء بالاشتراطات منذ المراجعة السابقة، مشيرة إلى أنها صادرت أصول الجماعات وحاكمت متشددين مثل قيادات جماعة الدعوة بالكامل بمن فيها قائدها حافظ سعيد الذي يشتبه في أنه العقل المدبر لهجمات مومباي عام 2008 بالهند والتي أسفرت عن مقتل 166 شخصا.

وفي إجراء أشادت به واشنطن ووصفته بأنه خطوة مهمة للأمام، صدر حكم على سعيد بالسجن 11 عاما يوم الأربعاء الماضي بتهمة تمويل الإرهاب.

وأكد وزير الشؤون الاقتصادية حماد أزهر في تغريدة على تويتر قبل يومين أن باكستان لا تزال ملتزمة بإكمال خطة المهام الموضوعة لها في أقرب وقت ممكن.