تصعيد يصل إلى التهديد بالسلاح من رفاق القروي

توفيق بن بريك احد ابرز أصدقاء المرشح المسجون يحذر من إمكانية انزلاق البلاد نحو العنف داعيا منافسه قيس سعيد الى الانسحاب من السباق الرئاسي.

تونس - أثار قرار محكمة الاستئناف في تونس الثلاثاء برفض طلب الإفراج عن المرشح للدورة الرئاسية الثانية نبيل القروي مخاوف من ردود فعل انصاره ما سيشكل تهديدا للعملية السياسية.
وفي هذا الإطار حذر الكاتب توفيق بن بريك احد رفاق القروي من تداعيات ابقاء المرشح الرئاسي في السجن قائلا بان الغرب وفي مقدمتهم الفرنسيون لن يتركوا نبيل القروي يواجه مصيرا مجهولا.
وتحدث بن بريك في مداخلة عبر قناة نسمة الثلاثاء عن وجود لوبيات فرنسية للضغط على الحكومة من اجل العمل على اطلاق سراح القروي مشيرا بانه تحول الى رمز للحرية في نظر جهات فرنسية مضيفا "بان المرشح الرئاسي المسجون يملك صداقات في الداخل والخارج".

وفي لغة تهديد واضحة قال بن بريك "نبيل القروي ليس مرشحا عاديا بالنسبة لي فهو اخ وصديق ولا يمكن ان اترك صديقي في السجن متابعا "لو كنا في بلد اخر لحمل الشعب السلاح لانقاذ القروي وإخراجه من السجن".
وهذا التهديد الواضح من قبل توفيق بن بريك يحيل الى المازق الخطير الذي وصلت اليه التجربة السياسية والانتخابية في تونس في ظل حديث عن صراعات من الممكن ان تتخذ من العنف منهجا.
وإضافة الى التحذيرات بإمكانية اندلاع اعمال عنف بسبب ابقاء القروي في السجن تحدث سياسيون عن إمكانية دخول البلاد في مأزق قانوني ودستوري ينتهي بالغاء الانتخابات وما سينتج عنه من مشاكل دستورية وقانونية حول مدى شرعية استمرار المنظومة الحالية.
وفي هذا الإطار قال النائب الصحبي بن فرج في تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك الثلاثاء عن سيناريو خطير في حال تواصل الوضع الحالي قائلا "بعد عشرة أيام قد نستفيق على بعض او على كل فصول السيناريو التراجيكوميدي".

وشكل خوض القروي الدور الأول من الانتخابات وهو موقوف على ذمة تحقيقات في قضايا تبييض أموال وتهرب ضريبي، استثناء في المشهد الانتخابي التونسي.
وأثار احتجاز القروي تساؤلات حول الديمقراطية الوليدة في تونس، إذ يقول أنصاره إنه "ضحية خداع سياسي"، في حين يقول منتقدوه إن "حملته الانتخابية اعتمدت على قناته التلفزيونية بالمخالفة للقانون".
واعتبرت 'مجموعة الأزمات الدولية' أن استمرار سجن القروي يضع المسار الانتخابي برمته في خطر.
وكتبت المنظمة في تغريدة على حسابها الرسمي في موقع تويتر قبيل الإعلان عن رفض قرار الإفراج "إن ذلك يقوض الشرعية السياسية وسنوات ثمينة من التوافق في أعقاب الانتفاضات العربية منذ عام 2011". وطالبت المنظمة من مؤسسات الدولة التونسية بإطلاق سراحه الآن.
وتشهد تونس حكما ديمقراطيا منذ عام 2011 عندما ثار شعبها ضد المخلوع الراحل زين العابدين بن علي، ملهما انتفاضات الربيع العربي.
وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفون قد قال في تصريحات سابقة، إن "هناك إمكانية للطعن في سلامة العملية الانتخابية إن تواصل هذا الحال إلى يوم الاقتراع في الدورة الثانية. نخشى أن يكون للمحكمة الإدارية قول مغاير قد يمس الدورة الثانية".
وتابع بفون "ندعو القضاء لإعطاء المرشح نبيل القروي حقه في القيام بحملته الانتخابية".
وطالبت الهيئة وشخصيات حقوقية وسياسيون ومراقبون دوليون بالمساواة بين المرشحين.
وحذرت هيئة الانتخابات المستقلة من أن احتجاز القروي ربما ينتهك حقه في عقد لقاءات مع الناخبين، مما وضعها على طرفي النقيض مع السلطة القضائية التي قضت مرارا ببقائه محتجزا.
وإذا فاز القروي في الانتخابات فمن غير الواضح ما إذا كان سيمكنه حلف اليمين في السجن بدلا من البرلمان، أو إن كانت الحصانة التي يمنحها الدستور للرؤساء ستنطبق على الجرائم التي لم يحكم فيها بعد.

وتتواصل المخاوف حول مصير العملية الانتخابية والديمقراطية في تونس بدعوة توفيق بن بريك للمرشح الرئاسي قيس سعيد الى الانسحاب من السباق الرئاسي وما سينتج عن ذلك من ارتباك في المشهد السياسي قبل ايام من الانتخابات التشريعية وقبل 10 ايام من اجراء الدور الثاني للانتخابات الرئاسية.

ولم تتشكل بعد محكمة دستورية نص عليها دستور عام 2014 للبت في المسائل الدستورية المعقدة. وفشل البرلمان الماضي في الاتفاق على القضاة الذين يجب أن تضمهم المحكمة.
والقروي متهم في قضايا تبييض أموال والتهرب الضريبي وقد تم توقيفه في 23 أغسطس/آب الفائت.
بدوره أكد أسامة الخليفي المسؤول في حزب القروي "لا نشكك في القضاء لكن الكارثة والمهزلة تتواصل وتهدد المسار الديمقراطي".
كما دعا عدد من النواب الفرنسيين في بيان نشروه  في الـ24 سبتمبر/أيلول الفائت، السلطات التونسية إلى إطلاق سراح المرشح الرئاسي نبيل القروي القابع في السجن منذ يوليو/تموز في تهم تتعلق بالتهرب الضريبي وتبييض الأموال.
وأكد نواب مجموعة 'ليبرتي اي تيرتوار' رغبتهم في أن يتمكن المرشح القروي من القيام بحملته الانتخابية في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية وفق قاعدة تكافؤ الفرص واحتراما لمبدأ المساواة.
كما عبر النواب عن أملهم إجراء انتخابات الدور الثاني في كنف من الشفافية والنزاهة وذلك في تعليق على استمرار احتجاز القروي.
ورفض القضاء كل مطالب الإفراج السابقة. وأرجأ الجمعة الماضي النظر في الطلب حتى الأربعاء بسبب إضراب للقضاة، ثم تقرر أن يكون الثلاثاء.
وكان القروي قد حل في الـ15 من سبتمبر/أيلول ثانيا في الدورة الرئاسية الأولى بحصوله على 15.6 بالمئة من الأصوات. وهو ملاحق منذ العام 2017 بتهمة غسل الأموال والتهرب الضريبي.
وقرر القضاء التونسي في يوليو/تموز الفائت تجميد أصول القروي وشقيقه غازي ومنعهما من السفر.
وفي حين ترى النيابة أن الشبهات بحقه قوية، أثار اعتقاله قبل عشرة أيام من بدء الحملة تساؤلات حول مدى تسييس القضاء.
وأبقت الهيئة العليا المستقلة على القروي مرشحا للانتخابات ما لم يصدر أي حكم قضائي في شأنه، وواصل عدد من قيادات حزبه 'قلب تونس' حملاته الانتخابية إلى جانب زوجته سلوى السماوي.
وكانت حملة القروي الانتخابية اتهمت رئيس الحكومة يوسف الشاهد بالوقوف وراء سجنه لكن الأخير ينفي ذلك.
وأحدثت نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها المرشح المستقل أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد بالمرتبة الأولى ومرشح حزب قلب تونس رجل الأعمال نبيل القروي بالمرتبة الثانية، مفاجأة ثقيلة مثلت صفعة لمنظومة الحكم في تونس.