تعنت البرهان يُعيد خلط أوراق المبادرة الأميركية
القاهرة - قال محمد بشير أبونمو رئيس وفد حكومة السودان في بيان اليوم الأحد، إن الاجتماعات التشاورية مع الولايات المتحدة في مدينة جدة السعودية انتهت دون التوصل إلى اتفاق على مشاركة وفد حكومي سوداني في محادثات مقررة في جنيف يوم 14 أغسطس/آب، فيما يعني هذا الموقف إعادة خلط أوراق المبادرة الأميركية الرامية لوقف القتال.
وتشير هذه التطورات إلى تضاؤل آمال الدفع بحل سلمي ينهي الأزمة القائمة ومعاناة ملايين السودانيين بين نازحين ومشردين وعالقين في الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وعدم الاتفاق على إرسال وفد يمثل الجيش السوداني في مفاوضات جنيف التي تجري بمبادرة أميركية وبحرص من الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن على إنهاء الحرب حتى لا تبقى وصما في ارثه السياسي قبل نحو 6 اشهر من نهاية ولايته، يرسخ فكرة أن قائد الجيش عبدالفتاح البرهان يناور فقط لكسب الوقت من دون أن ينخرط جديا في أي محادثات تنهي أسوأ نزاع مسلح في افريقيا.
وتوجه وفد من الحكومة السودانية يوم الجمعة إلى جدة للتشاور مع الولايات المتحدة بشأن دعوتها إلى المحادثات لإنهاء الحرب المستمرة منذ 15 شهرا بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.
وجاء في بيان رسمي وقتها "حرصا من حكومة جمهورية السودان على تحقيق السلام والأمن والاستقرار في البلاد ولرفع المعاناة الناتجة عن الحرب التي شنتها الميليشيا المتمردة عن كاهل شعبنا ومواطنينا، قررت حكومة السودان إرسال وفد إلى مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، يترأسه وزير المعادن محمد أبو نمو، للتشاور مع حكومة الولايات المتحدة الأميركية حول الدعوة المقدمة منها لحضور المفاوضات التي ستنعقد بجنيف في 14 اغسطس (آب) الجاري".
ويتناقض مضمون البيان مع نتائج المحادثات التي أجرها الوفد السوداني في جدة يوم الجمعة، فعدم الموافقة على إرسال وفد لمفاوضات جنيف يعني استبعاد إمكانية وقف إطلاق النار لتهيئة الأجواء لمفاوضات سلام بين طرفي القتال.
ونهاية يوليو، تموز دعت واشنطن الجيش وقوات الدعم السريع إلى هذه المفاوضات من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وقال دبلوماسي سوداني مقره في السعودية إن الوفد وصل إلى جدة يوم الجمعة "ليبحث مع مسؤولين أميركيين شروط مشاركة الحكومة في مباحثات جنيف".
وفي مقابل الموافقة السريعة لقوات الدعم السريع التي تخوض حربا مع الجيش السوداني، على الدعوة الأميركية، شدّدت وزارة الخارجية على "ضرورة التشاور المسبق مع الحكومة السودانية حول شكل وأجندة أي مفاوضات".
وأوضحت واشنطن في وقت سابق أن مفاوضات جنيف التي ترعاها السعودية ستضم الاتحاد الإفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة كمراقبين. وسبق أن باءت بالفشل جهود وساطة بذلتها خصوصا الولايات المتحدة والسعودية.
والجمعة، قالت أليساندرا فيلوتشي متحدثة باسم الأمم المتحدة في جنيف "لا يتعلق الأمر بمبادرة أممية، بل نؤيد كل المبادرات التي يمكن أن تساعد في حل الأزمة في السودان".
ويشهد السودان حربا منذ أبريل/نيسان 2023 بين قوات الدعم السريع والجيش، أوقعت إلى الآن عشرات آلاف القتلى وأدت إلى أزمة إنسانية كبرى.
وأجبرت الحرب أكثر من 11 مليون شخص على النزوح داخل السودان وعبر الحدود، وفقا للأمم المتحدة، ودمرت البنية التحتية ودفعت البلاد إلى حافة المجاعة.
ويواجه نحو 25.6 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان السودان، مستويات مرتفعة من "انعدام الأمن الغذائي الحاد"، وفق ما كشف تقرير تدعمه الأمم المتحدة في يونيو/حزيران.
والمعسكران متّهمان بارتكاب جرائم حرب، لا سيما باستهداف المدنيين والقصف العشوائي للمناطق السكنية ونهب المساعدات الإنسانية الحيوية أو عرقلة وصولها إلى من يحتاجون إليها.