تغييرات الدائرة والديوان قبل هبوط صفقة القرن على الأردن

العاهل الأردني يربط مباشرة بين التحديات الإقليمية التي تواجه المملكة وتغييرات في دائرة المخابرات العامة شملت 'إقالات فورية' وتعيين مدير جديد للجهاز الأمني الأهم بعد اسبوعين على تغيير ثلاثة من مستشاريه في الديوان الملكي.

عمان – كشف العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الاربعاء عما اسماه محاولات يائسة للمساس بالوطن والدستور ووجه انتقادات نادرة لضباط في دائرة المخابرات العامة، وذلك في سياق تحذيري من "التحديات غير المسبوقة" التي تواجه المملكة الواقعة في قلب أزمات المنطقة ونزاعاتها.
وعين العاهل الأردني مديرا جديدا للمخابرات لكن اللافت في مضامين رسالة التعيين التي وجهها الاربعاء الى اللواء احمد حسني، الربط بين الوضع الإقليمي والداخلي المتأزم ودور المخابرات للحفاظ على التوازن الأمني والسياسي.
وقال معلقون ان أكثر ما يثير قلق الأردن على الصعيد الاقليمي هي خطة السلام الأميركية المكتومة الى حد بعيد حتى الان والتي باتت تعرف بصفقة القرن.
والأردن هو البلد الأكثر حساسية في المنطقة لأي تسوية تتعلق بالقضية الفلسطينية نظرا لموقعه وطبيعة سكانه الذين يمثل الأردنيون من اصل فلسطيني نحو نصفهم. وسبق للعاهل الأردني أن رفض اي حل لا يقوم على مبدأ الدولتين. 

لقد وقع اختيارنا عليك في هذه المرحلة الدقيقة التي تواجه فيها منطقتنا بأسرها تحديات جمة وغير مسبوقة

وقال الملك عبدالله الثاني في الرسالة الموجهة الى اللواء حسني  "لقد وقع اختيارنا عليك لتتولى إدارة دائرة المخابرات العامة، في هذه المرحلة الدقيقة التي تواجه فيها منطقتنا بأسرها تحديات جمة وغير مسبوقة، ويواجه فيها بلدنا الحبيب تحديات فرضتها عليه المتغيرات الإقليمية والمناخ العالمي العام الفريد والمتوتر".
وطلب العاهل الأردني من مدير المخابرات الجديد "رصد كل المحاولات اليائسة التي نلمسها -خصوصاً في الآونة الأخيرة- والهادفة للمساس بالثوابت الوطنية الأردنية، والتعامل معها بفاعلية".
ويسود الطبقة السياسية في الأردن قلق من تداعيات صفقة القرن، في ظل ما يثار حول تأثيراتها على المملكة ومنها خصوصا حق رعاية الأماكن الدينية في القدس الشرقية، والتي تعد احد أسس الخطاب السياسي للمملكة.
وتعترف معاهدة السلام التي وقعها الأردن مع اسرائيل في وادي عربة عام 1994، باحقية المملكة في رعاية المسجد الأقصى والأوقاف الاسلامية الأخرى في القدس الشرقية التي يريدها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم المنشودة.
ومن المنتظر ان تعلن الولايات المتحدة عن خطتها للسلام بعد شهر رمضان الذي ينتهي في الاسبوع الأول من يونيو/حزيران.
كما أمر الملك في رسالته بـ"التصدي لكل من تسول له نفسه محاولة العبث بالمرتكزات التي ينص عليها الدستور الأردني، وفي مواجهة البعض ممن يستغلون الظروف الصعبة والدقيقة التي نمر بها، والهموم المشروعة، التي نعمل على تجاوزها، لدى بعض الفئات في مجتمعنا، طلباً لشعبية زائلة، تاركين بذلك أنفسهم، سواءً عن علم أو جهل، عرضة للاستغلال من جهات عديدة لا تريد لنا الخير وتعمل على العبث بأمن الأردن واستقراره".
 

كثير من الأردنيين يخشون من تسوية القضية الفلسطينية وأزمات المنطقة على حسابهم
كثير من الأردنيين يخشون من تسوية القضية الفلسطينية وأزمات المنطقة على حسابهم

ويخشى كثير من الأردنيين من تسوية القضية الفلسطينية وأزمات المنطقة على حسابهم، وهم في وضع اقتصادي صعب أفرز حالة من الاحتقان خاصة مع ما ظهر في الآونة الأخيرة من اتهامات وتحقيقات في الفساد شملت موظفين كبار ورجال اعمال على علاقة مباشرة مع اجهزة الحكومة.
ويعيش الأردن وضعا اقتصاديا صعبا يتمثل في العجز المزمن في الموازنة العامة والديون التي تجاوزت 40 مليار دولار (28 مليار دينار)، ما ادى الى اندلاع مظاهرات واسعة العام الماضي ادت الى إقالة الحكومة وتعيين حكومة جديدة برئاسة عمر الرزاز.
وفي معرض حديثه عن التغييرات في دائرة المخابرات، قال الملك عبدالله في الرسالة ان "قلة قليلة حادت عن طريق الخدمة المخلصة للوطن وقدمت المصالح الخاصة على الصالح العام، الأمر الذي تطلب حينها التعامل الفوري معه وتصويبه".
وفيما بدا مثل ضوء اخضر من الملك الى مدير المخابرات الجديد لضبط عمل الدائرة بـ"العمل على تعزيز قيم النزاهة والعدل"، قال العاهل الأردني ان " هذه التصرفات الفردية والسلوك المستغل لهذه القلة القليلة، تناست ونسيت أن السلطة والمناصب، وعلى كل المستويات، تصاحبها وتتلازم معها بالضرورة المسؤولية والمساءلة".

وذكر متابعون ان تغيير مدير المخابرات و"إعادة الهيكلة" في الجهاز يرتبط بالاستعداد للاستحقاقات القادمة اقليميا ومحليا. والشهر الماضي عين العاهل الاردني ثلاثة مستشارين له في الديوان الملكي.
ويعرف الأردنيون جيدا ان الديوان الملكي ودائرة المخابرات العامة- باعتبارها جزءا من القوات المسلحة- يمثلان أدوات الحكم الرئيسية للملك عبدالله الى جانب الحكومات المتعاقبة، التي يعتبرونها ذات هامش مناورة سياسي ضيق نسبيا.
ويخلف اللواء حسني الفريق عدنان الجندي الذي أمضى اقل من سنتين في المنصب قبل ان يحال الى التقاعد برسالة ملكية أيضا. وتولى حسني الذي تم ترفيعه الى رتبة لواء مديرية مخابرات العاصمة عمان.
وترافقت التعيينات في الديوان والمخابرات مع جولات ميدانية شبه يومية للعاهل الأردني شارك خلالها في تمارين عسكرية وزار عددا من المؤسسات الرسمية والأهلية. وأصبح للعاهل الأردني الذي يسافر الى الخارج لفترات طويلة تمتد أحيانا أسابيع، حضورا متواصلا في وسائل الاعلام ومواقع التواصل حول زياراته وتصريحاته.