تفاؤل ألماني حذر بالتوصل إلى حل سياسي للصراع الليبي

وزير الخارجية الألماني يشير إلى وجود مؤشرات ايجابية على إمكانية انتقال طرفي النزاع من المنطق العسكري إلى المنطق السياسي.
المغرب يشارك في مؤتمر برلين2 حول ليبيا
لا يمكن تجاهل دور المغرب في مساعدة الليبيين على تسوية الأزمة

برلين/الرباط - أبدت الحكومة الألمانية "تفاؤلا حذرا" بشأن فرص التوصل إلى حل سياسي للنزاع في ليبيا وذلك إثر مؤتمر دولي عبر الفيديو عقد الاثنين بعدما استأنف طرفا النزاع أخيرا الحوار بينهما.

وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في مؤتمر صحافي في برلين "هناك أسباب لإبداء تفاؤل حذر"، لافتا إلى أن ثمة "مؤشرات لدى طرفي النزاع للانتقال من المنطق العسكري إلى المنطق السياسي".

وأضاف الوزير الذي كان يترأس الاجتماع مع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة "نعتقد أن ثمة نافذة تتيح جعل الأمور التي كانت مستحيلة في الأسابيع الماضية ممكنة".

وقال غوتيريش وفقا لنص كلمته خلال الاجتماع "التطورات الأخيرة تمثل فرصة نادرة لانجاز تقدم حقيقي بحثا عن السلام والاستقرار في ليبيا".

وألمانيا على رأس الدول التي تبذل جهودا دولية لحمل الأطراف في ليبيا على الموافقة على وقف دائم لإطلاق النار ومفاوضات سياسية والجهات الداعمة لها إقليميا إلى احترام الحظر على الأسلحة.

وكانت مفاوضات نهاية سبتمبر/ايلول في الغردقة بمصر بين ممثلين عسكريين وشرطيين من الجانبين بدأت تمهد الطريق لوقف دائم لإطلاق النار.

كما أفضت مفاوضات تضم برلمانيين من الجانبين المتخاصمين في العاشر من سبتمبر/أيلول في المغرب إلى اتفاق شامل حول المؤسسات السيادية. وفي وقت سابق من الشهر نفسه أفضت "مشاورات" ليبية في مونترو بسويسرا إلى اتفاق لتنظيم انتخابات خلال 18 شهرا بعد تشكيل حكومة وفاق وطني جديدة.

وشدد وزير الخارجية الألماني مجددا وكذلك غوتيريش على احترام الحظر على الأسلحة كتمهيد للعودة إلى مفاوضات السلام.

وقال ماس "لن نخرج من المأزق العسكري طالما يستمر تدفق الرجال والعتاد إلى الأطراف المتخاصمة".

من جهته أعلن غوتيريش أن "انتهاكات الحظر فاضحة ويجب أن يتوقف على الفور تسليم أسلحة أجنبية وأي شكل آخر من الدعم العسكري".

وحكومة فايز السراج المعترف بها من الأمم المتحدة مدعومة من تركيا وقطر، حيث تكفلت أنقرة بارسال العتاد والسلاح وآلاف المرتزقة وتكفلت الدوحة بتوفير قسم كبير من التمويلات.

وتتلقى كافة الأطراف الليبية المزيد من المساعدات العسكرية من داعميها وفقا لتقرير لخبراء الأمم المتحدة يعود لنهاية اغسطس/اب سربت معلومات منه.

وأشار التقرير مثلا إلى ما وصفه بخرق الحظر من قبل الشركة العسكرية الروسية الخاصة "فاغنر" القريبة من الكرملين.

ويشارك المغرب في مؤتمر برلين2 حول الأزمة الليبية وفق ما أعلن مسؤول في الخارجية المغربية، موضحا أن سفير المملكة لدى الأمم المتحدة سيمثلها في هذا المؤتمر، فيما لم توجه لها دعوة في مؤتمر برلين 1 وهو ما استنكرته الرباط حينها بوصفها طرفا فاعلا في جهود دفع الليبيين إلى حل سياسي للأزمة.  

وقال المسؤول المغربي إن بلاده ستشارك في مؤتمر برلين 2 حول الأزمة الليبية في وقت لاحق الاثنين بعدما تردد أن المملكة لن تشارك في هذا المؤتمر.

وأوضح في تصريح لوكالة الأناضول التركية، أن المغرب "لن يشارك على المستوى الوزاري بسبب تعذر ذلك على وزير الخارجية ناصر بوريطة"، مضيفا أن بلاده "ستشارك في المؤتمر عبر ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عمر هلال، بعد ما تلقت الرباط دعوة للمشاركة".

وكانت تقارير إعلامية مغربية ذكرت في وقت سابق الاثنين أن بوريطة رفض المشاركة في مؤتمر برلين 2.

وينعقد المؤتمر بمشاركة وزراء وممثلين عن الدول والمنظمات الدولية والإقليمية نفسها التي حضرت مؤتمر برلين الأول في 19 يناير/كانون ثان الماضي.

وفي يناير/كانون الماضي عبر المغرب عن استغرابه لإقصائه من مؤتمر برلين الذي انعقد حول ليبيا، حسب وزارة الخارجية المغربية وهو رد فعل مبرر ومنطقي باعتبار أن الدور الوازن للمملكة المغربية في دعم الحل السلمي للأزمة في ليبيا وهي التي استضافت في السابق حوار الفرقاء الليبيين الذي أفضى في ديسمبر/كانون الأول 2015 لاتفاق سياسي جاء بحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.

لكن حكومة الوفاق فشلت في تثبيت سلطتها ورهنت نفسها لميليشيات مسلحة تقلب ولاءاتها حسب مصالحها كما هيمنت جماعة الإخوان المسلمين المدعومة من ميليشيات متطرفة على السلطة في طرابلس وعطلت مرارا التسوية السلمية مع السلطة المؤقتة في شرق ليبيا.

وقالت وزارة الخارجية المغربية في تعليقها على تغييب الرباط عن مؤتمر برلين الأول إن "المملكة المغربية كانت دائما في طليعة الجهود الدولية الرامية إلى تسوية الأزمة الليبية".

ولفتت إلى أن "الرباط لا تفهم المعايير ولا الدوافع التي أملت اختيار البلدان المشاركة في هذا الاجتماع (اجتماع برلين الأول)"، مضيفة حينها أن "المغرب اضطلع بدور حاسم في إبرام اتفاقات الصخيرات التي تشكل حتى الآن الإطار السياسي الوحيد الذي يحظى بدعم مجلس الأمن وقبول جميع الفرقاء الليبيين، من أجل تسوية الأزمة".

واتفاق الصخيرات جرى توقيعه تحت رعاية أممية في مدينة الصخيرات المغربية في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، لإنهاء الصراع في ليبيا.

وخلال الأيام الثلاثة الماضية استضافت مدينة بوزنيقة المغربية جولة ثانية من الحوار بين وفدين من المجلس الأعلى للدولة الليبي ومجلس نواب طبرق (شرق) الداعم لقيادة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر. وكانت الجولة الأولى من الحوار الليبي قد انعقدت بين 6 و10 سبتمبر/أيلول الماضي.

وتوصل طرفا الحوار إلى اتفاق شامل حول آلية تولي المناصب السيادية واستئناف الجلسات لاستكمال الإجراءات اللازمة بشأن تفعيل الاتفاق وتنفيذه.