تفاهمات رباعية على دعم اتفاق إدلب في قمة اسطنبول

قادة روسيا وتركيا وفرنسا وألمانيا يطالبون بتشكيل لجنة صياغة الدستور السوري وتوفير الظروف لعودة المهجرين.

اسطنبول - دعا قادة تركيا وروسيا وفرنسا وألمانيا خلال قمة عقدوها السبت في اسطنبول إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار في محافظة إدلب، والى "حل سياسي" للنزاع في سوريا.
وجاء في البيان الختامي للقمة الذي تلاه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن الاجتماع "شدد على أهمية وقف دائم لإطلاق النار (في إدلب) مع التشديد على مواصلة المعركة ضد الإرهاب".
وأشاد البيان بـ"التقدم" الذي تحقق في ادلب بشأن إقامة منطقة منزوعة السلاح وانسحاب المجموعات المتشددة منها استنادا الى اتفاق تركي روسي تم التوصل اليه في أيلول/سبتمبر الماضي.
وجمعت هذه القمة اضافة الى اردوغان، الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
وأكد القادة الأربعة في البيان تصميمهم "على العمل معا لخلق الظروف الملائمة لضمان السلام والامن في سوريا" و"دعم حل سياسي وتعزيز الاجتماع الدولي بهذا الشأن".
ودعوا ايضا الى "تشكيل اللجنة الدستورية واجتماعها في جنيف قبل نهاية السنة في حال سمحت الظروف بذلك".
كما دعوا إلى "ضمان التحرك السريع والآمن للمنظمات الانسانية ومن دون قيود عبر الأراضي السورية". وجاء في البيان الختامي أيضا ان الدول الأربع "شددت على ضرورة تهيئة الظروف التي تتيح العودة الطوعية والآمنة للاجئين" السوريين.

وفي تصريح أدلى به في ختام أعمال القمة اعتبر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان السبت أنه يعود إلى الشعب السوري "في الداخل والخارج" تقرير مصير الرئيس بشار الأسد.
وقال إردوغان "إن الإرادة التي ستحدد مصير الأسد هي إرادة الشعب السوري. إن مجمل الشعب السوري في الداخل والخارج هو الذي سيتخذ القرار".
من جهته دعا الرئيس الفرنسي روسيا إلى "ممارسة ضغط واضح جدا على النظام السوري" من أجل "ضمان وقف دائم لإطلاق النار في إدلب"، مضيفا "نعوّل على روسيا لممارسة ضغط واضح جدا على النظام الذي يدين لها ببقائه قائما".
وكان اردوغان قال عند افتتاح القمة "عيون العالم تراقبنا اليوم (..) وآمل أن نتقدم بشكل صادق وبناء وأن نكون على مستوى التطلعات".
وتعقد القمة مع استمرار الوضع المتوتر في محافظة ادلب شمال غرب سوريا غداة مقتل سبعة مدنيين في المحافظة التي يسيطر عليها جهاديون في غارات لقوات النظام السوري، وهي أعلى حصيلة تسجل منذ بدء سريان وقف اطلاق نار برعاية روسيا وتركيا الشهر الماضي.
والاتفاق بين انقرة حليفة المتمردين وموسكو حليفة النظام، ينص خصوصا على اقامة "منطقة منزوعة السلاح" بعرض ما بين 15 و20 كلم لفصل الأراضي التي يسيطر عليها المسلحون في ادلب عن المناطق الحكومية.
وكان بوتين وإردوغان توصلا إلى تلك الهدنة في آخر لحظة حين كان الجيش السوري يستعد لشن حملة واسعة النطاق لاخراج المسلحين من إدلب ما كان ينذر بحدوث كارثة انسانية.

نعوّل على روسيا لممارسة ضغط واضح جدا على النظام الذي يدين لها ببقائه قائما

وصرح ابراهيم كالين الناطق باسم إردوغان الجمعة إن "الهدف الرئيسي لهذه القمة هو دراسة أي صيغ جديدة يمكن إيجادها من أجل التوصل إلى حل سياسي" لهذا النزاع المعقد الذي أسفر عن سقوط أكثر من 360 ألف قتيل وملايين المهجرين والنازحين منذ 2011.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية في بيان السبت قبل بدء القمة أن أحد المواضيع التي سيتم التطرق اليها هو العمل على تحديد موعد لعقد أول اجتماع للجنة الدستورية "قبل نهاية السنة" الحالية، الأمر الذي سيشكل "تقدما مهما".
ويشارك في قمة اسطنبول أيضا موفد الأمم المتحدة لسوريا ستافان دي ميستورا الذي أجرى محادثات غير مثمرة في دمشق هذا الأسبوع وعبر عن أسفه لرفض دمشق بدء عمل اللجنة الدستورية بسبب تحفظاتها على طريقة تشكيلها.
وقال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في تغريدة قبيل القمة "ان ما يوجد على المحك اليوم هو استقرار سوريا لتفادي كارثة انسانية اخرى".
ومع أن الرئاسة الفرنسية اعتبرت أن "سقف توقعاتها متواضع" ازاء هذه القمة، فإن مجرد عقدها شكل فرصة للقادة الأربعة للتوصل الى أرضية تفاهم.
وروسيا وايران وتركيا ثلاثي لا يمكن تجاوزه ميدانيا حيث اتاحوا بعض الهدوء في سياق عملية استانا، ولدى هذه الدول مصالحها وانفقت الكثير من الموارد العسكرية في سوريا.
اما فرنسا وألمانيا فهما عضوان في "المجموعة المصغرة" حول سوريا التي تضم خمس دول أخرى بينها الولايات المتحدة، وتسعى خصوصا للتوصل الى حل سياسي. لكن جهود هذه المجموعة غطى عليها مسار استانا الذي تقوده موسكو وطهران وانقرة.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الجمعة إن "هناك مقاربات مختلفة. لكن في المجمل، الجميع يريدون بطبيعة الحال التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا".
وأضاف "قد تكون هناك اختلافات في الوسائل والتكتيك. ومن أجل البحث في هذه القضايا وتقريب المواقف بالتحديد" تعقد هذه القمة.
ولا يحضر القمة بلدان فاعلان في النزاع السوري هما إيران والولايات المتحدة المتعاديتان. لكن ماكرون اتصل الخميس بالرئيس الأميركي دونالد ترامب لتنسيق مواقفهما.
وازاء نفوذ روسيا بفضل انتصارات النظام السوري، أكد وزير الدفاع الاميركي جيم ماتيس السبت أن روسيا لا يمكنها "أن تحل مكان الولايات المتحدة" في الشرق الاوسط.