تقرير الهيئة الحكومية الدولية للمناخ محطّ رهان سياسي

آلاف الدراسات الصادرة في السنوات الأخيرة تقيّم التداعيات المرتقبة للاحترار المناخي، وتوقعات بأن يكون تشخيص الوضع أكثر قتامة.
الإصرار على احتواء الاحترار دون 1,5 درجة يحمي الدول الصغيرة والبلدان النائية والمتقدمة
من المتوقّع أن ترتفع الحرارة 1,5 درجة بحلول 2040
بلورة إجراءات سريعة وعميقة تطال قطاعات متعددة
الأسرة الدولية لا تبذل ما يكفي من الجهود لمحاربة التغير المناخي

باريس – تستعد حكومات دول العالم الأسبوع المقبل لاعتماد التقرير العلمي الأخير حول المناخ الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التي يتوقع أن يكون تشخيصها للوضع أكثر قتامة بعد.
وبالاستناد إلى آلاف الدراسات الصادرة في السنوات الأخيرة، يقيّم هذا الفريق الأممي التداعيات المرتقبة لاحترار المناخ، مستعرضا إياها بالتفصيل ومحللا السبل التي تتيح تجنّب احترار بهذا المعدّل، علما أن الحرارة ارتفت حتى الآن، درجة مئوية واحدة.
وقد تعهّد المجتمع الدولي، بموجب اتفاقية باريس المعتمدة في نهاية العام 2015، إبقاء الاحترار دون درجتين مئويتين بالمقارنة مع العصر ما قبل الصناعي، وإن أمكن دون درجة ونصف الدرجة. غير أن سبل تحقيق هذا الهدف لا تزال غير واضحة المعالم والمنشورات العلمية ضئيلة في هذا الصدد.
وفي نهاية العام 2015، كلّفت الهيئة الدولية المعنية بالتغير المناخي بإعداد تقرير خاص ضمن مهلة زمنية محددة ألا وهي قبل نهاية العام 2018 وقت يحلّ موعد دعوة البلدان إلى تعزيز التزاماتها تخفيض غازات الدفيئة في إطار المناقشات الدائرة في الأمم المتحة بشأن المناخ.
فإذا ما اكتفت بالتزاماتها الحالية، سيتخطى الاحترار من دون شكّ 3 درجات مئوية بأشواط، ما سيحتّم تداعيات كارثية.
ويقول هنري وايسمان الذي شارك مع 85 خبيرا آخر في إعداد هذا التقرير "لم تصدر الهيئة يوما تقريرا هو محطّ جدل سياسي لهذا الحدّ"، مشيرا إلى أن "المسألة مسألة رهان سياسي … فهو أعدّ لهذا الغرض".
وسيحضر هذا الباحث في معهد التنمية المستدامة والعلاقات الدولية مع زملائه عرض التقرير الأسبوع المقبل في مدينة إنشيون الكورية الجنوبية.
ويظهر التقرير الذي سرّبت نسخات أولية منه أن الفارق كبير بين ارتفاع الحرارة 1,5 درجة مئوية او ارتفاعها درجتين، خصوصا من حيث اشتداد الأعاصير وموجات الجفاف وشحّ الموارد المائية.
ويشير هنري وايسمان إلى أن "التقرير يوضح أن الإصرار على احتواء الاحترار دون 1,5 درجة ليس لمجرّد حماية الدول الجزرية الصغيرة والبلدان النائية. فالظواهر المناخية التي نشهدها في بلداننا المتقدمة هي خير دليل على أننا كلنا معنيون بهذا الأمر".
ويُستنتج من تقرير الهيئة الأممية أن الأسرة الدولية لا تبذل ما يكفي من الجهود لمحاربة التغير المناخي، فإذا ما استمرت الانبعاثات على هذا المنوال، من المتوقّع أن ترتفع الحرارة 1,5 درجة بحلول 2040.

وتستعرض الهيئة في هذه الوثيقة السياسات الممكن اعتمادها "لبلورة إجراءات سريعة وعميقة تطال قطاعات متعددة".
وفي كوريا الجنوبية، ستنكّب وفود 195 دولة تقريبا على دراسة ملخصّ التقرير الذي أعدّ خصيصا "لصنّاع القرار"، كما ورد فيه. ويقع هذا النصّ في حوالى 15 صفحة وسيطلب من ممثلي الدول إقراره في نهاية الاجتماع في 5 تشرين الأول/أكتوبر، أو 6 في حال استغرقت الجلسات وقتا أطول كما الحال غالبا.

ولطالما شهدت هذه الاجتماعات المغلقة نقاشات محمومة حول موقف بعض البلدان مثلا أو القطاعات المسببة للتلوث. ولا تستبعد كايسا كوسونن من منظمة "غرينبيس" التي تتمتع بصفة مراقب أن "تكون الجلسة صعبة".
وهي ترى أنه "لا بدّ للمسؤولين من مواجهة الحقيقة … خصوصا أن هناك وقائع تزعج بعض البلدان".
وتبقى المعضلة الأصعب في هذا الاجتماع موقف الولايات المتحدة التي سيمثّلها وفد من دبلوماسيين وخبراء في شؤون المناخ.