تنديد دولي بجرائم ميليشيات الوفاق بعد فضح اقتحامهم سجن صرمان

بعثة الأمم المتحدة في ليبيا تندد بقيام ميليشيات تابعة لحكومة الوفاق اقتحام سجن مدينة صرمان وإطلاق مئات السجناء من بينهم إرهابيين ومتطرفين بالإضافة إلى ترويع المدنيين من سكان صرمان وصبراتة.

طرابلس - سارعت حكومة الوفاق الليبية اليوم الأربعاء إلى التنصل من مسؤوليتها عن إطلاق سراح سجناء من بينهم إرهابيين في سجن مدينة صرمان التي سيطرت عليها ميليشياتها بدعم تركي كثيف منذ يومين، في سعي للهروب من إدانة دولية للجرائم التي ارتكبتها ووثقتها وسائل إعلام ونشطاء على التواصل الاجتماعي وصل صداها إلى منظمات دولية وأصدرت على إثرها بعثة الأمم المتحدة بيانا شديد اللهجة تنديدا باقتحام الميليشيات السجن وإطلاق مئات المحكومين دون إجراءات قانونية.

وأبدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الأربعاء "انزعاجها الشديد" من التصعيد الذي قامت به حكومة الوفاق غرب البلاد وقامت الميليشيات التابعة لها خلاله باقتحام سجن مدينة صرمان وإطلاق مئات السجناء من بينهم إرهابيين ومتطرفين بالإضافة إلى ترويع المدنيين من سكان صرمان وصبراتة.

والاثنين، أعلنت حكومة فائز السراج التي تتلقى دعما من تركيا بالسلاح والمستشارين العسكريين بالإضافة إلى المرتزقة، عن استعادة ميليشياتها السيطرة على 6 مدن غرب العاصمة طرابلس كانت بيد قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

ومن بين المدن التي استعادتها الميليشيات التابعة لها وبدعم عسكري تركي صبراتة (70 كلم غرب طرابلس) وصرمان (60 كلم غرب العاصمة) وقد ارتكبت فيهما أعمال عنف وحشية ضد المدنيين الذين كانوا يتعاونون مع قوات الجيش الوطني الليبي في معركتها الشرسة لتطهير المنطقة الغربية من الإرهابيين.

واستنكر نشطاء ليبيون على مواقع التواصل الاجتماعي ما قامت به ميليشيات الوفاق واعادوا نشر صور السجناء الذين ينتمون إلى تنظيمات متطرفة منها فرع تنظيم داعش في صبراتة، منددين بإطلاق سراح المئات منهم من سجن صرمان وتهديد المواطنين وترويعهم. وفي أحد الفيديوهات التي وثقت عملية اقتحام السجن قال أحد المقاتلين على وقع صوت الرصاص مخاطبا المساجين "الحمد لله على سلامتكم".

وقالت البعثة الأممية في بيان الأربعاء أنها "تدين الأعمال الانتقامية في المدن الساحلية الغربية والقصف العشوائي على طرابلس، ما أسفر عن وقوع ضحايا بين المدنيين، مهددا باحتمال حدوث موجات نزوح جديدة".

وأضافت "تابعنا ببالغ القلق تقارير تفيد بوقوع هجمات على المدنيين واقتحام سجن صرمان وإطلاق سراح 401 سجين بدون إجراءات قانونية،علاوة على تمثيل بالجثث وأعمال انتقامية بما في ذلك أعمال النهب والسطو وإحراق الممتلكات العامة والخاصة في المدن الساحلية التي سيطرت عليها قوات تابعة لحكومة الوفاق".

وتابعت "إذا تم التأكد من صحة الأعمال الانتقامية، فإن من شأنها تشكيل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي".

ومع انتشار الفيديوهات والصور التي تدين عملية اقتحام السجن من قبل الميليشيات وتنديد البعثة الأممية بتلك الأعمال الإجرامية، وجدت حكومة فائز السراج نفسها في حرج اضطرها لنفي علمها بالأمر وذلك على الرغم من بث وسائل إعلام موالية لها منذ الاثنين عملية اقتحام سجن صرمان بوضوح من قبل الميليشيات.

وقالت وزارة العدل التابعة لحكومة السراج في بيان إنه "أثناء تحرير صرمان حدث تمرد بمؤسسة الإصلاح والتأهيل أدى إلى هروب جميع النزلاء، وهم 384 نزيلًا بمؤسسة صرمان وتسع نزيلات بمؤسسة النساء، وهم موقوفون احتياطيًا أو محكومون بناء على إجراءات صحيحة".
وأضافت أنها "وجهت جهاز الشرطة القضائية للإسراع بفتح تحقيق عاجل وشامل، للوقوف على خلفية هذه الأحداث، وتحديد المسؤولين عنها، لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم".
ودعت "النزلاء الفارين إلى تسليم أنفسهم فورًا إلى أقرب مؤسسة إصلاح وتأهيل"، وإلا "سيعرضون أنفسهم للملاحقة القضائية".
وأثار البيان موجة سخرية بين الليبيين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أعاد نشطاء نشر الفيديوهات التي تباهت بها مجموعة من الميليشيات التابعة للوفاق خلال اقتحامها مركز البحث الجنائي بصرمان.

وأظهر مقطع فيديو تم تداوله بكثافة على فيسبوك وتويتر بشكل واضح عملية اقتحام قام بها عناصر مليشيا "سرية عثمان حمزة" لسجن مباحث الجنائية العامة في مدينة صرمان وإطلاق سراح السجناء.

وأظهر فيديو آخر تم بثه حتى على وسائل إعلام موالية للوفاق للمليشيات وهي تقوم بتهريب السجناء بقوة السلاح تحت حماية مدرعات تركية تستخدمها قوات الوفاق.

وشن الصحفي الليبي محمود المصراتي هجوما على وزير العدل محمد لملوم الذي وصفه بـ"المفقود" بسبب البيان الذي أصدره "استغفالا للشعب". وقال عبر صفحته على فيسبوك إن التمرد الذي تحدثت عنه الوزارة التابع للوفاق يأتي "للتستر على عملية التهريب العمد التي قام بها قادة المليشيات مثل العمو والييدجا والقصب على رؤوس الأشهاد وبثتها قناة فبراير" الموالية للوفاق.

وأضاف المصراتي أن المسؤول عن عملية "فرار مئات السجناء من داعش والقاعدة والمهربين (..) خرجوا على التلفاز في بيان رسمي وعلى رأسهم أمير التهريب في المنطقة الغربية اللواء مقاول أسامة جويلي الذي أعلن مسؤوليته الكاملة على العملية وهو يعرف تمام المعرفة بوضع السجون ومن فيها ومع ذلك ترك أمرها لمليشيات السلوقي والقصب والبيدجا والعمو والغرابلي"، مشيرا إلى أن "هؤلاء جميعًا مطلوبون لحكومة الوفاق ولمكتب النائب العام".

وتابع مخاطبا لملوم أن "المسؤولين عن السجناء الذين أطلقتم سراحهم بقوة مليشياتكم يسميهم رئيسك فايز السراج أنهم قواته المسلحة بصفته المغتصبة وهي القائد الأعلى للجيش الليبي" .

وأضاف أن "المسؤولين هم قادة العمليات الأتراك في بوستة ومصراتة وعلى رأسهم اللواء التركي عرفان بصفته الآمر الحقيقي لغرفة العمليات المشتركة وليس المقاول جويلي ولا قنونو".، مشيرا إلى أن "فريق وزارة الدفاع التركية في طرابلس "هو من حرك "الطيران المسير الذي قصف محيط سجن صرمان ومقر المباحث الغربية بأكثر من 20 ضربة سقط فيها خيرة الرجال حتى جاء دور مليشياتكم لفتح الأبواب أمام كل الزنادقة واللصوص والمهربين والتنكيل بعباد الله في منازلهم وقتلهم" .

ونشر المصراتي صورة لواحد من أخطر الإرهابيين الفارين من سجن صرمان يدعى "حسام الدين اللافي الحريزي أو حسام اليمني"، قال إنه "متطرف وكان سجين لدى قوة الردع الخاصة على ذمة قضايا إرهاب ودعم لداعش وقد تم نقلة لجهاز المباحث فرع الغربية قبل أن تقوم مليشيات السراج بإطلاق سراحه من سجن صرمان لينضم فوراً للإرهابيين الفارين من بنغازي".واستنكر الليبيون عمليات الانتقام والترويع التي نفذتها ميليشيات الوفاق المدعومة تركيا ضد سكان صرمان وصبراتة وطالبوا بمشاركة كثيفة لفيديو يوثق عملية اقتحامهم لسجن صرمان حتى "يصل إلى لملوم مثلما وصل إلى فريق لجنة الخبراء بمجلس الأمن" على حد تعبيرهم.

ال
المدرعات التركية في صرمان

وقالت إحدى الصفحات التي تتابع أخبار مدينة صرمان على فيسبوك إن "مليشيات الزاوية ومطاريد صرمان قاموا بحرق منازل المدنيين المؤدين لقوات الجيش الوطني الليبي في مدينة صرمان وصبراتة"، منددة "بأخلاق الدولة المدنية التي يتشدقون بها"، على حد تعبير المشرفين على الصفحة.

وأفادت مصادر محلية من صرمان أن الميليشيات تعمدت أيضا سرقة السجل المدني لمنطقة أم الحشان وسرقة ممتلكات المواطنين وسياراتهم في عدة أحياء في المدينة التي منع فيها أصحاب المحلات والمخابز والصيدليات فتح دكاكينهم في ظل الفوضى العارمة وتوغل مليشيات الزاوية داخل شوارعها.

وحذرت الأمم المتحدة من أن هذه "الأعمال الانتقامية ستفضي إلى مزيد من التصعيد في النزاع وستؤدي إلى دائرة انتقام من شأنها العصف بالنسيج الاجتماعي في ليبيا".

ودعت في بيانها "إلى وقف التصعيد والتحريض، والاستجابة الفورية للدعوات المتكررة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة والشركاء الدوليون إلى هدنة إنسانية".

ولم تلتزم حكومة الوفاق بالهدنة التي دعت إليها الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار مرارا كان آخرها تلك التي وجهت للتركيز على محاربة انتشار فيروس كورونا المستجد ووقف القتال.

وسعت حكومة السراج إلى استغلال انشغال العالم بمحاربة وباء فيروس كورونا استقواء بالدعم الذي تتلقاه من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي تدخل عسكريا في ليبيا في يناير الماضي لمنع سقوطها.

وأمس الثلاثاء، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أنقرة أرسلت دفعة جديدة من المرتزقة السوريين الموالين لها إلى طرابلس لدعم الميليشيات التي تقتل إلى جانب السراج بعد أن ألقت بثقلها العسكري بشكل غير مسبوق لمنع سيطرة قوات الجيش الوطني على مناطق إستراتيجية جديدة في العاصمة طرابلس.