تنسيق تركي قطري حول الهجوم العسكري على سوريا

رغم التنديد العربي والدولي الواسع بالعملية العسكرية التركية، أمير قطر يحجم عن الإدانة ويعطي مؤشرا جديدا على طبيعة العلاقات بين الدوحة وانقرة.

أنقرة - كشفت وزارة الدفاع التركية عن تنسيقها مع النظام القطري بخصوص العملية العسكرية التي تشنها قوات الجيش التركي ضد أكراد سوريا في مناطق شرق الفرات.
وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار اليوم الخميس، أنه زود نظيره القطري خالد بن محمد العطية بمعلومات عن عملية "نبع السلام" التي أطلقتها القوات التركية شمال سوريا.
ونقلت وكالة الأناضول عن وزارة الدفاع التركية، في بيان أصدرته الخميس، أن أكار أوضح للعطية خلال مكالمة هاتفية، أن العملية تأتي في إطار حقوق تركيا النابعة من القانون الدولي، و"الحق المشروع في الدفاع عن النفس" المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة.

وقالت الأناضول إن الوزير القطري أعلن عن دعم بلاده لـ"عملية نبع السلام".
وأضافت أن أكار أكد على أن العملية تجري في إطار احترام وحدة الأراضي السورية، مشيرا إلى أن القوات المشاركة في العملية تستهدف تنظيم "ي ب ك/ بي كا كا" الذي تصنف عناصره ضمن الإرهابيين، ومواقعه وآلياته وأسلحته فقط.

وتعدّ أنقرة المقاتلين الأكراد "إرهابيين" وترغب بإبعادهم عن حدودها. وسبق أن نفّذت هجومين في سوريا: الأول ضد تنظيم الدولة الإسلامية عام 2016 والثاني ضد الوحدات الكردية عام 2018.

ورفضت عدة دول عربية الهجوم التركي داخل الأراضي السورية باستثناء قطر التي أحجمت عن إدانته رغم الانتقادات الدولية الواسعة.
وبدأت تركيا بعد ظهر الأربعاء هجوماً على مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا ما تسبّب بمقتل مدنيين ونزوح آلالاف.
وعززت قطر التي دعمت المعارضة السوريّة في النزاع ضدّ النظام السوري، تحالفها مع تركيا منذ أن قطعت السعودية والبحرين والإمارات العلاقات معها في حزيران/يونيو 2017.
وقالت وكالة الأنباء القطريّة الأربعاء إنّ أمير قطر الشيخ تميم اتّصل بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان واستعرض معه "العلاقات الاستراتيجيّة بين البلدين الشقيقين وسُبل دعمها وتعزيزها، إضافةً إلى مناقشة آخر التطوّرات الإقليميّة والدوليّة، لاسيما مستجدّات الأحداث في سوريا".
وقال معلقون إن الموقف القطري يعطي مؤشرا جديدا على طبيعة العلاقات بين الإمارة الخليجية الغنية وتركيا، التي تقيم قاعدة عسكرية في قطر. ويتشارك البلدان دعم جماعات إسلامية من أبرزها الإخوان المسلمون.
وأدانت السعودية "العدوان التركي" على مناطق الأكراد، محذّرةً من أنّ الهجوم يُهدّد أمن المنطقة ويُقوّض جهود محاربة تنظيم الدولة الإسلاميّة المتطرّف.
كما أدانت الإمارات بدورها "العدوان العسكري التركي على سوريا"، معتبرةً أنّه "يمثل تطوراً خطيراً واعتداءً صارخاً غير مقبول على سيادة دولة عربية شقيقة وتدخلاً صارخاً في الشأن العربي".
وقالت وزارة الخارجية المصرية الأربعاء إن مصر دعت إلى عقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية بشأن الهجوم التركي على سوريا، مضيفة في بيان أن "مصر تدين بأشد العبارات العدوان التركي على الأراضي السورية". وقالت إن العملية التركية "تمثل اعتداء صارخا غير مقبول على سيادة دولة عربية شقيقة".

تركيا تشن الحرب الثالثة في سوريا
تركيا تشن الحرب الثالثة في سوريا

واتهمت قطر منذ بداية الأزمة السورية في 2011 بدعم التنظيمات المتشددة للقتال في سوريا ودفع عناصر المعارضة السورية للتحالف مع الميليشيات والمتشددين الإسلاميين ما كبدها خسارة تأييد المجتمع الدولي لها لتولي زمام الأمور في سوريا.

ولعبت الدوحة بالتعاون مع النظام التركي دورا كبيرا في الأزمة السورية على عدة أصعدة عسكرية وسياسية، حيث ساهمت تدخلاتها في تحريف الثورة السورية عن مسارها المدني وذلك بعسكرة أهم وجوه الثورة لتهيمن عليها يد الإسلاميين الذين يحاول أردوغان إعادتهم للواجهة حاليا بضمهم للجيش التركي وفي صفوفه الأولى خلال هجومه على الأكراد شمال سوريا.

وأظهرت الصور التي تم دوالها لمدرعات وشاحنات الجيش التركي وهي تدخل الأراضي السورية أمس الأربعاء، عناصر من الإسلاميين المتشددين الذين كانوا يقاتلون في صفوف ما يسمى بالمعارضة السورية التي تدعمها أنقرة.

وشن ناشطون عرب على مواقع التواصل الاجتماعي اليوم الخميس، حملة ضد أردوغان، بسبب ما وصفوه بأنه "متاجرة بالدين" على إثر إطلاقه اسم "الجيش المحمدي" على القوات المسلحة التركية التي دخلت الأراضي السورية مع المتشددين.

وكتب أردوغان مساء الأربعاء تغريدة قال فيها "أقبل كافة أفراد الجيش المحمدي الأبطال المشاركين في عملية نبع السلام من جباههم، وأتمنى النجاح والتوفيق لهم ولكافة العناصر المحلية الداعمة والتي تقف جنبًا إلى جنب مع تركيا في هذه العملية، وفقكم الله وكان في عونكم".

وأثارت التغريدة استياء وغضبا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي وشن ناشطون هجوما لاذعا على الرئيس التركي وأطلقوا وسم #الجيش_المحمدي للتنديد بالانتهاكات التركية داخل سوريا.

وكتب  ناشط على تويتر "هذا الجيش المجرم الذي يقتل المسلمين في سوريا ويغتصب أرض الأكراد المستضعفين بينما يتعاون مع إسرائيل عسكرياً ويعمل معهم مناورات وتدريبات! هل يصح تسميته بجيش محمد ! ألا قاتل الله الخرفان وخليفتهم الإرهابي المتاجر بالدين" .

وكتب مغرد "أردوغان ذو الأطماع التوسعية يسير على خطى أجداده يدغدغ مشاعر المسلمين تحت غطاء ما أطلق عليه الجيش المحمدي".

وغرد ناشط آخر "اسمه جيش الدم والإرهاب وليس الجيش المحمدي أردغان مجرم حرب".

وأضاف مغرد يدعى عبدالله أحمد "الجيش المحمدي هو عبارة عن مجموعة من المرتزقة السوريين الذين تم تتريكهم وأصبحوا عبيدا لأردوغان لكن صاحب الأرض سيدفن الغازي على أطرافها".

ومع اقتراب التسوية في سوريا تسعى كل من قطر وتركيا حيث يقيم عدد كبير من جماعة الإخوان المسلمين، إلى الدفع بالإسلاميين لاقتناص دور بارز في المشهد السياسي في سوريا مستقبلا.

ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً مغلقاً الخميس لبحث الهجوم التركي بناءً على طلب بلجيكا وفرنسا وألمانيا وبولندا وبريطانيا، التي نددت بالهجوم.

وأدان رئيس الوزراء الإيطالي كونتي العملية التركية قائلا إنها تهدد بزعزعة استقرار المنطقة وإلحاق الضرر بالمدنيين
وطالب رئيس الاتحاد الأوروبي جان-كلود يونكر تركيا الأربعاء بوقف عمليتها العسكرية ضد الأكراد في شمال سوريا وقال لأنقرة إن الاتحاد لن يدفع أموالا لإقامة ما يسمى بـ"المنطقة الآمنة" في شمال سوريا.
وردا على ذلك أعاد أردوغان اليوم الخميس تهديداته بإرسال اللاجئين السوريين لديها والذين يصل عددهم إلى 3.6 مليون، إلى أوروبا إذا صنفت الدول الأوروبية التوغل العسكري التركي في سوريا على أنه احتلال.

وقال أردوغان في كلمة لنواب البرلمان من حزبه العدالة والتنمية "سنفتح الأبواب ونرسل 3.6 مليون لاجئ نحوكم".