تواصلوا مع شلومو ساند ونعومي تشومسكي!

ينبغي استثمار وجود كبار العلماء اليهود المناصرين للقضية الفلسطينية.

عرف شلومو ساند ونعومي تشومسكي بمعاداة الصهيونية. ولهذين الرجلين اليهوديين مؤلفات تدين الكيان الصهيوني ومن يدعمه، وفي مؤلفاتهما يفندان الأسس التاريخية التي يدعي الصهاينة أن دولتهم قامت عليها، وأن اليهود كانوا أحد الشعوب الطارئة على أرض كنعان التي كان يسكنها الكنعانيون العرب قبل وبعد مجيء اليهود. وشلومو ساند هو أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب ويروي في أحد كتبه أنه شارك في حرب 1967 كجندي في جيش الاحتلال وكان شاهدا على تعذيب الأسرى الفلسطينيين تعذيبا أفضى إلى الموت، ومن ثم اتجه إلى دراسة التاريخ وأصبح دكتورا في جامعة تل أبيب، وهو يصف إسرائيل بأنها كيان غاصب لا يعرف الرحمة، وأنه لا يوجد قومية أسمها اليهود، وهؤلاء اليهود لهم ثقافات ولغات متعددة كل حسب الدولة التي ولد ونشأ فيها. أما نعومي تشومسكي فقد اشتهر بإسهامه في النظرية العقلية في تفسير الفكر الإنساني كما أنشأ مدرسة القواعد التحويلية في اللغة الانجليزية، وله مؤلفات كثيرة عن الإمبريالية الأميركية، ومناوئته الشديدة للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين حتى أنه يرتدي الكوفية الفلسطينية في المؤتمرات.

يسعى العرب جميعا إلى دعم القضية الفلسطينية عن طريق التواصل والتفاهم مع جماعات الضغط (اللوبيات)، ولا يستثمرون وجود كبار العلماء اليهود المناصرين للقضية الفلسطينية، وهم دون أي شك لهم تأثير أكثر من المقاومة المسلحة، ولهم أنصار مقتنعون بأفكارهم، وهؤلاء لم يجر تكريم أحد منهم في الاحتفالات الثقافية العربية، التي تجري في العواصم العربية، ولكن تكريمهم من قبل الحكام الذين لهم ثقل دولي يكسب أفكار هؤلاء المفكرين انتشارا أوسع، وكذلك يمكن استضافتهم في حفل جماهيري كبير للحديث عن آرائهم، فهم يستحقون الإبراز والنشر والتكريم، خاصة وأن لهم ثقلا أكاديميا كبيرا في الأوساط الأكاديمية.

أستبعد أن تقوم أي جامعة بتخصيص مساق للمفكرين اليهود المعارضين لإسرائيل والأسس التاريخية التي يستندون إليها، لسبب أو لآخر، علما أن مساقا كهذا يوسع آفاق الطلاب ويجعلهم على وعي ومعرفة بالرأي والرأي الآخر. فاليهود عرفوا بعمق التفكير ومعظم الاختراعات العلمية والإنجازات الفكرية أتت منهم، حتى الفلسفة المادية الجدلية التي يستند إليها الفكر الشيوعي هي نتاج الفكر العبقري لكارل ماركس، ولو أحصينا عدد اليهود الملحدين الذين لا يؤمنون بالصهيونية ولا يؤمنون في حق إسرائيل في فلسطين لوجدناه كبيرا جدا. وهؤلاء يمثلون فرصة جيدة لتعميق التواصل معهم ودعمهم وترجمة أعمالهم ونشر أفكارهم.