توافق جزائري تركي على دعم هدنة هشّة في ليبيا

حديث الرئيس التركي عن حلّ سياسي للأزمة في ليبيا يتناقض مع واقع استمراره في إرسال مرتزقة من جماعات سورية متشددة موالية لأنقرة إلى الغرب الليبي دعما لميليشيات حكومة الوفاق.
أردوغان يسعى لتعزيز تحالفاته مع الجزائر دعما لأجندة التمدد في ليبيا
عبدالمجيد تبون يتعهد برفع المبادلات التجارية مع تركيا في القريب العاجل
تبون يفتح السوق الجزائرية للتغلغل الاقتصادي التركي

الجزائر - عبرت أنقرة والجزائر عن "اتفاق تام" حول الأزمة في ليبيا التي تشهد هدنة هشة خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأحد إلى الجزائر العاصمة محطته الأولى في إطار جولة خارجية تشمل دولا افريقية.

وتأتي جولة أردوغان بعيد اجتماع لوزراء خارجية دول الجوار الليبي كانت الجزائر قد استضافته الخميس الماضي واختتم أشغاله بإعلان رفضه التام لأي تدخل أجنبي في الأزمة الليبية.

كما تأتي بعيد مؤتمر برلين الذي شدد على ضرورة الحل السياسي والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار وقرار حظر السلاح على ليبيا.

وكان الملف الليبي محور المحادثات بين أردوغان وتبون الذي تتقاسم بلاده حدودا بطول نحو ألف كلم مع ليبيا.

وكان الرئيس الجزائري قد أعلن عن جهود دبلوماسية ستبذلها بلاده للمساعدة في التوصل لحل سياسي للأزمة الليبية إلا أن تصريحاته السابقة التي أعلن فيها دعم الجزائر لما سماها الشرعية في ليبيا أوحت بتناغم موقفه مع الموقف التركي الداعم لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.

ومسألة الشرعية مسألة خلافية في ليبيا خاصة أن حكومة السراج لم تنل ثقة البرلمان الليبي الجهة التشريعية الشرعية، ما يجعلها محليا فاقدة بالفعل للشرعية ولا تحظى إلا باعتراف أممي شكل أمرا واقعا متجاوزا مبدأ التوافق وتمثيل كل الليبيين.

وإعلان تبون السابق بدعم حكومة الوفاق يشكل انحيازا وانحرافا عن مبدأ الحياد في التعامل مع الأزمة الليبية رغم أن الجزائر أعلنت لاحقا دعمها لتسوية سياسية للأزمة.

وعقب المحادثات قال الرئيس الجزائري أمام الصحفيين "لدينا اتفاق تام مع الرئيس أردوغان على أن نتبع ما تقرر في برلين وأن نسعى للسلم مع متابعة يومية ودقيقة لكل المستجدات في الميدان".

وقال أردوغان "التطورات في ليبيا تؤثر على الجزائر بشكل مباشر وتتعرض تركيا للمشاكل بسبب الأزمة السورية ولا يجب أن نسمح بتحول ليبيا إلى مرتع للمنظمات الإرهابية وبارونات الحرب".

وقال "نحن أكدنا منذ البداية بأنه لا مكان للحلول العسكرية في ليبيا ونجري اتصالات مكثفة مع دول المنطقة والفاعلين الدوليين من أجل ضمان استمرار وقف إطلاق النار والسماح بعودة الحوار السياسي".

ويتناقض حديث الرئيس التركي مع دفعه بآلاف المرتزقة من جماعات سورية متشددة موالية لأنقرة ومعظما تشكل تحت إشراف المخابرات التركية وتلقى تدريبات وتمويلات سخية من ضمنها كتائب السلطان مراد التي تضم آلاف المقاتلين التركمان.

وتعهدت الدول التي شاركت في مؤتمر برلين في 19 يناير/كانون الثاني وبينها تركيا والجزائر، باحترام "حظر تسليم الأسلحة" لطرفي النزاع في ليبيا، حكومة الوفاق الوطني في طرابلس والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

لكن أردوغان انتهك مقررات برلين باستمراره في إرسال مرتزقة إلى غرب ليبيا دعما لميليشيات حكومة الوفاق، فيما التزمت قوات الجيش الليبي بالتهدئة رغم أن حفتر لم يوقع رسميا على اتفاق وقف إطلاق النار خلال محادثات موسكو التي سبقت مؤتمر برلين.

كما التزمت الدول بعدم التدخل في الشؤون الليبية أو تمويل "القدرات العسكرية أو تجنيد مرتزقة" لصالح مختلف الأطراف.

وقالت بعثة الأمم المتحدة في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي في وقت متأخر من ليل السبت إنها "تأسف أشد الأسف للانتهاكات الصارخة المستمرة لحظر التسليح في ليبيا"، الذي ينص عليه قرار مجلس الأمن 1970 الصادر عام 2011 "حتى بعد الالتزامات التي تعهدت بها البلدان المعنية خلال المؤتمر الدولي الذي عقد في برلين حول ليبيا".

وتم خلال زيارة أردوغان للجزائر الإعلان عن "اتفاق تركي-جزائري لرفع حجم المبادلات التجارية إلى 5 مليارات دولار" في القريب العاجل بعد أن بلغت في 11 شهرا من 2019 أربع مليارات دولار.

وبذلك أصبحت تركيا خامس متعامل تجاري مع الجزائر بعد كل من الصين وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا بحسب إحصائيات جزائرية رسمية.

ويسعى الرئيس التركي لتعزيز العلاقات مع الجزائر واستثمارها سياسيا في دعم تحركه في ليبيا وهي سياسة دأب عليها منذ توليه السلطة معتمدا على الارتباطات الاقتصادية لتعزيز نفوذه وخدمة أجندته الخارجية.

وأصبحت تركيا منذ 2017 أول بلد مستثمر في الجزائر بأكثر من ألف شركة بعد أن حافظت فرنسا على هذا المركز لسنوات عديدة.

وزيارة أردوغان للجزائر ليست الأولى فقد سبق أن زارها في فبراير/شباط  2019 ورافقته زوجته أمينة التي وقامت بافتتاح "مخبر للتعلم الآلي" في مدرسة بحي القصبة العتيق مقر السلاطين العثمانيين خلال فترة حكمهم للجزائر.

وتمثل زيارة اردوغان للجزائر أولى محطات جولة افريقية لم يكشف بعد عن بقية وجهاتها، لكن من المرجح أن تشمل غامبيا والسنغال.