التوتر بين الجزائر والنيجر يهدد 'مشروع خط الغاز العابر للصحراء'

السلطات الجزائرية تحتاج الى إعادة ترتيب أوراقها وتصحيح مسار علاقاتها مع تحالف دول الساحل لا سيما النيجر التي يمر عبرها أنبوب الغاز.

الجزائر/نيامي – يثير قرار طرد النيجر للسفير الجزائري لديها الكثير من التساؤلات حول مصير "مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء" الذي يمتدّ لأكثر من أربعة آلاف كيلومتر لتصدير الغاز النيجيري إلى أوروبا، حيث تضع حقائق الاضطرابات السياسية والهشاشة الأمنية التي تعيشها البلدان التي سيتم تنفيذ المشروع فيها مستقبل هذا المشروع الطاقي على المحك.

ومن المفترض أن ينقل أنبوب الغاز عند اكتمال بنائه مليارات الأمتار المكعبة من الغاز النيجيري إلى النيجر ثم إلى الجزائر حيث يمكن بعد ذلك أن يتمّ تصديره إلى الاتحاد الأوروبي سواء عبر أنبوب "ترانسميد" الذي ينقل الغاز من الجزائر إلى إيطاليا عبر تونس، أو عبر تحويله إلى غاز طبيعي مسال ونقله على متن سفن شحن مخصصة لنقل هذا النوع من الوقود.

وكانت مالي والنيجر وبوركينافاسو قد أعلنت الأحد استدعاء سفرائها لدى الجزائر التي اتهموها بإسقاط طائرة بلا طيار تابعة لجيش باماكو في شمال الأراضي المالية قرب الحدود الجزائرية نهاية آذار/مارس الماضي، حيث أخذت الحادثة منحى تصاعديا يهدد بمزيد من التوتر في العلاقات، بينما أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية أيضا غلق مجالها الجوي أمام دولة مالي اعتبارا من الاثنين.

ويرى مراقبون أن هذه التطورات الدبلوماسية من شأنها أن تلقي بظلالها على خط أنبوب الغاز مع نيجيريا الذي يمر بالنيجر، كما ستنعكس سلبيا على ديناميكية المشاريع المرتبطة بهذا الفضاء الإفريقي الهش أمنيا والذي تطغى عبيه الاضطرابات العسكرية فضلا عن أنه غير مهيكل اقتصاديا، إتذ تُعقّد الهجمات الإرهابية المتنامية والاضطرابات الجيوسياسية جهود تنفيذ المشروع الطاقي الذي تطمح الجزائر أن يقوي علاقاتها الاقتصادية مع الدول الافريقية ومع الشركاء الأوروبيين.

ولطالما أكد خبراء في الاقتصاد أن الرهان الجزائري على نيامي خاسر منذ البداية بسبب شساعة المناطق غير المؤمنة والتي يصعب حراستها وتأمين مرور الخط في منطقة مضطرة وتتمركز بها ميليشيات مسلحة، فيما يذهب آخرون الى أن المشروع ولد ميتا، إذ أنه يندرج فقط ضمن مناكفة جزائرية لمنافسة المغرب الذي قطع خطوات مهمة في تهيئة الظروف المناسبة للبدء في مشروع  بناء خط الغاز مع نيجريا وهو مشروع طموح من المتوقع أن يحدث نقلة نوعية في التعاون بين المملكة والدول الافريقية التي انخرطت فيه.

كما يشير المشهد بكل تجلياته الراهنة إلى تعقيدات كثيرة من شأنها ان تعرقل جهود الجزائر للعودة للعمق الافريقي ولتعزيز روابط الشراكة مع الأوروبيين في ظل دبلوماسية يصفها كثيرون بـ"المربكة والانفعالية" في التعاطي مع الأزمات المتناثرة في محيطها.

وتحتاج السلطات الجزائرية إلى إعادة ترتيب أوراقها وتصحيح مسار علاقاتها مع تحالف دول الساحل لا سيما أن وجود النيجر ضمن هذا التحالف يعتبر مفصليا في تحديد العلاقة مع الجانب الجزائر حماية لمصالحها الاقتصادية ومن ضمنها مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء.