توتر على الحدود السورية الأردنية يفاقم أزمة دمشق الاقتصادية

عمان تفرض أقصى درجات التشديد قبل إدخال أي شاحنات ما أدى تكدس طوابير الشاحنات المحملة بالخضر والفواكه بانتظار العبور إلى دول الخليج عبر الأردن.

عمان - انعكست التوترات على الحدود السورية الأردنية إثر عمليات تهريب المخدرات والأسلحة، على حركة التجارة في معبر نصيب/جابر الحدودي التي تواجه صعوبات شديدة مع طوابير الشاحنات المتوقفة وسط الحديث عن تأثير هذه التطورات بشكل خطير على الاقتصاد السوري.

ويرجح محللون أن يراجع الأردن سياساته تجاه النظام السوري وقد تشهد المنطقة عمليات عسكرية نوعية شبيهة بالضربات الجوية التي استهدف منازل ومخازن التهريب في مناطق داخل الحدود السورية، وخاصة أن الأردن بات مهدداً من أذرع إيران على مقربة من حدوده.

وقال رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي، خلال اجتماعه مع وفد برلماني أوروبي في عمان الأربعاء أن المملكة تواجه العديد من التحديات جراء موجات اللجوء والمخدرات، مشيراً إلى جهود "القوات المسلحة لأجل حماية الحدود بمواجهة العصابات والمليشيات التي تحاول تهريب المخدرات والسلاح".

ودعا الصفدي المجتمع الدولي إلى الالتزام بتعهداته الأخلاقية والإنسانية تجاه الدول المستضيفة للاجئين، وإلى دعم وإسناد جهود المملكة في حربها على المخدرات التي باتت تهدد بإغراق المنطقة كلها بهذه الآفة.

إذا لم يتحقق الهدف من فتح معبر نصيب/جابر في تنشيط الحركة التجارية بين البلدين بناء على قاعدة المعاملة بالمثل، فإن احتمالات إعادة إغلاقه أو تضييق نطاق الحركة عليه واردة خصوصا مع غياب الثقة بحكومة دمشق

ولم يُعلن الأردن رسمياً عن الخطوات التي اتخذها بعد الاشتباكات الأخيرة مع مجموعات التهريب، والتي أدت إلى إصابة عناصر من حرس الحدود الأردني واعتقال بعض المهربين، غير أن تقارير إعلامية عديدة أكدت قيام الطائرات الأردنية بتوجيه ضربات على مناطق في الجنوب السوري قريبة من الحدود ومقتل تاجر مخدرات مرتبط بميليشيات إيرانية.

وينعكس استمرار تهريب المخدرات لمنطقة الخليج عبر الأردن على التجارة مع عمّان وإعاقة تسويق الخضر والحمضيات من الجانبين، حيث وجهت مصادر تابعة للنظام السوري انتقادات لإجراءات تفتيش شاحنات الفواكه السورية المتوجهة إلى الأسواق الخليجية عبر معبر نصيب وتحدث رئيس لجنة تصدير الحمضيات السوري عن وجود مئات الشاحنات عند المعبر بسبب الإجراءات "الطويلة" واصفاً ما يجري بـ"الكارثي".

وكشف رئيس اللجنة بسام علي عن أزمة جديدة تتمثل في صعوبة وصول الصادرات إلى الأسواق الخارجية، مشيراً إلى أن مئات البرادات عالقة في معبر نصيب، من الجانب السوري منذ أيام. ووصف علي في تصريح لصحيفة "الوطن" المقربة من دمشق، أن 370 براداً عالقاً عند المعبر منذ نحو أسبوعين.

وأضاف أن المشكلة الرئيسية التي أدت إلى ازدياد أعداد البرادات هي بسبب "خلل من الجهات المعنية لدينا، حيث تتوقف طويلاً للتفتيش الدقيق". وتساءل عن سبب تفتيش البرادات في المعبر بالرغم من أنه يُكشف عنها في مرفأ طرطوس عبر السكنر وبحضور جميع "الجهات المعنية"، وتابع "ترصيص البرادات يخولها الدخول مباشرة إلى المعبر من دون أي عراقيل.. لماذا يُعاد السكنر في معبر نصيب الذي هو بالأساس معطل وبشكل دائم؟".
وأكّد أن "هذا الإجراء خاطئ لأنه تسبب بتلف وإنهاك الحمضيات وأفقد عشرات آلاف الأطنان من الحمضيات جودتها"، مبيناً أن كميات كبيرة من الحمضيات وصلت إلى الدول العربية تالفة وتسببت في مشكلات للمصدرين.

وعلى الجانب الآخر، ذكرت مصادر أن الأردن فرض أقصى حالات التشدد قبل إدخال أي شاحنات ما أدى لزيادة عددها لاسيما المحملة بالخضر والفواكه، وتنتظر العبور إلى دول الخليج عبر الأردن، ومن المتوقع استمرار التشديد الأردني أو عودة تفريغ السيارات السورية لأخرى أردنية أو خليجية، للتأكد من مطابقتها للمواصفات وخلو الشحنات من حبوب المخدرات.

وتعاني سورية من أزمة اقتصادية ومالية خانقة أدت إلى انهيار الليرة بشكل كبير عام 2023، بعدما تراجعت من نحو 6 آلاف ليرة مطلع العام إلى نحو 14.2 ألف ليرة مقابل الدولار حاليا، في حين كان سعره 50 ليرة في 2011، وتزيد توقعات المختصين باستمرار تراجع سعر صرف الليرة بعد تلاشي جميع مقومات ثبات أو تحسن العملة.

ويقول متابعون إن الحكومة السورية تواصل منع دخول البضائع الأردنية على الرغم من إعادة فتح معبر جابر/نصيب منذ 2018، وتقديم الحكومة في عمّان كل التسهيلات لفتحه، وإذا لم يتحقق الهدف من فتح المعبر وهو تنشيط الحركة التجارية بين البلدين بناء على قاعدة المعاملة بالمثل، فإن كل الاحتمالات حول قرار إعادة إغلاقه أو تضييق نطاق الحركة عليه واردة خصوصا مع غياب الثقة بحكومة دمشق.

وتوترت العلاقات بين الأردن والنظام السوري بعد اندلاع الثورة السورية في العام 2011، ولم تنقطع بشكل كامل حتى مع اعتبار عمان السفير السوري السابق بهجت سليمان "شخصًا غير مرغوب فيه" في العام 2014، بحيث استمر عمل سفارات عمان ودمشق محصورا بموظفين إداريين عاديين.

وبقي الحال على ذلك حتى آذار/ مارس 2020، حيث عقد أول لقاء رسمي بين مسؤول حكومي أردني والنظام السوري، وذلك خلال لقاء جمع وزير الصناعة الأردنية حينها طارق الحموري بنظيره السوري محمد سامر الخليل في دمشق.