تونسيو الخارج يرفضون دفع 'جزية' كورونا!

استمرار اجبار تونسيي المهجر العائدين لبلادهم على الحجر الفندقي رغم اعفاء الوافدين من ليبيا يثير غضب جاليات الخارج خاصة في ظل تهاون كامل في تطبيق البرتوكولات الصحية من مواطنيهم في الداخل وتجاوزات بالجملة شابت تطبيق القرار.

تونس – بعد تمرد تونسيي الداخل على الاغلاق العام الذي فرضته حكومتهم قبيل عيد الفطر، يبدو ان عدوى التبرم وصلت تونسيي الخارج الذين عبروا عن رفضهم اجبارهم على ملازمة النزل لأسبوع حال وصولهم، معتبرين انفسهم ضحية معاملة تمييزية وحلقة ضعيفة يراد لها دفع تكاليف أزمة قطاع السياحة.

وفي السابع من مايو/ايار اعلنت السلطات عن حجر صحي شامل تحت ضغط ارتفاع غير مسبوق لاصابات ووفيات كورونا، وشملت الاجراءات الاستمرار في اخضاع الوافدين من الخارج الى حجر صحي اجباري  لسبعة ايام داخل فنادق، فضلا عن الاستضهار باختبار يثبت عدم الاصابة بالفيروس التاجي.

وواجهت شريحة واسعة من التونسيين قرار الاغلاق بالتجاهل الكامل خصوصا في المدن والقرى في ظل تهاون واضح من السلطات في تطبيقه، فيما شهدت مناطق اخرى احتجاجات قطاعية رافضة للحظر الصحي الشامل الذي سرعان ما تراجعت الحكومة عنه.

ورغم تساهل السلطات في تطبيق الاجراءات الصحية في الداخل، يستمر فرض الحجر الفندقي على الوافدين منذ 26 من ابريل/نيسان.

وجابه تونسيو الخارج هذا الاجراء بالرفض منذ الاعلان عنه، مشككين في جدواه في ظل غياب اي تقيد بالبروتوكولات الصحية داخل البلاد، فيما ارجع بعضهم خلفيات القرار لضغوط من اصحاب النزل لتخفيف حدة ازمتهم المالية بعد عام من الانهيار المستمر عدد السياح.

والأحد تفاقم غضب تونسيي المهجر بعد اعلان حكومي عن استثناء الوافدين على البلاد من ليبيا من الحجر الفندقي بلا اي حجة علمية تستند للوضع الوبائ في الدولة الجارة.

وكان رئيس الحكومة هشام مشيشي ادى السبت والاحد زيارة رسمية الى ليبيا افضت الى توقيع اتفاقيات في مجال النقل ووضع الإجراءات الكفيلة بتحرير المبادلات التجارية بين البلدين.

وعلى شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنشأ مقيمون خارج البلاد مجموعة تحت اسم "لا للحجر الصحي الفندقي" للتعبير عن رفضهم لما اعتبروه تمييزا ضدهم وسطوا على أموالهم بلا وجه حق.

وتداول اعضاء المجموعة صورا وفيديوهات لحفلات وتجمعات في تونس لا تلتزم بابسط معايير السلامة الصحية، برهانا على وقوف اعبارات لا علاقة لها بالذرائع الصحية وراء استمرار منعهم من دخول البلاد بلا قيود.

وقالت عضوة المجموعة ايمان "اصبحنا غرباء فى كل مكان، للاسف لا ننتمي الى اي دولة، هنا (في المهجر) وافدون وفى بلادنا نحن وافدون ايضا"، مضيفة "محاباة الليبيين على حسابنا، بمثابة طرد لنا من وطننا، اما ان تدفع للنزل او ان تحرم من حق العودة".
من جهته قال محمد ميراوي " في تاريخ تونس الحديث 3 محطات عار، معاهدة باردو (مع الاحتلال الفرنسي)، تسليم القيادي الليبي السابق في نظام القذافي البغدادي المحمودي لبلاده (في عهد الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي) والحجر التمييزي".

وسخر حاتم بن يعقوب من اعفاء الليبيين من الحجر، قائلا "اللجنة العلمية (حكومية استشارية مكلفة باصدار التوصيات الصحية للحكومة) اصبحت غير علمية بمجرد تعاملها مع الليبيين" في تلميح لافتقاد قرار الاعفاء لما يبرره خصوصا مع تفشي سلاسلات متحورة بينها الهندية في الدولة الجارة.

وعبر بشير بن محمد عن غضبه بدعوة وجهها لنظرائه "حولوا العملة الصعبة التي بحوزتكم في السوق السوداء، لا تعطوا نقودكم لدولة تسرقنا".

وقال رمزي عثمان متوعدا "سنحاسبكم قريبا في اول موعد مع صناديق الاقتراع".

من جهتها قالت سارة، "لما اللف والدوران، قولوا ببساطة انكم تريدون سلب كل وتونسي عائد 300 دولار"، وهي التكلفة التقريبية لاسبوع من الاقامة في نزل تونسي.

وكانت شهادات متواترة اوردتها اذاعة موزاييك المحلية نقلت اكتفاء السلط في بعض المطارات بالاطلاع على الحجز الفندقي، قبل ترك المسافرين يغادرون المطار دون أي مرقابة ودون أخذ أية معطيات عنهم لإخضاعهم لتحليل كورونا الذي تنص اللوائح على القيام به حال وصول المسافر للبلاد.

كما اكد مسافرون حجزهم لاسبوع في احد النزل المرخص لها باستقبالهم مع اتفاق مسبق مع المشرفين عليه ''على عدم الخضوع للحجر الاجباري''.

واشتكى وافدون من خضوعهم لابتزاز مالي من اصحاب النزل وعدم احترام مالكي النزل لتسعيرات الاقامة المعلنة عبر مقايضتهم بحرمانهم من وثيقة اثبات الحجز الفندقي، حتى ان بعضهم شبه الاجراء بدفع الجزية.

وقرار الحجر الاجباري يلاقي ايضا معارضة عدد كبير من البرلمانيين الذين كثفوا في الايام الاخيرة جهودهم لاقناع الحكومة بالتراجع عنه او تخفيفه.

وندد عدد من البرلمانيين في بيان الاثنين بقرار استثناء الوافدين على تونس قدوما من الشقيقة ليبيا من إجراءات الحجر الإجباري، مستنكرين التمييز بين الوافدين على أساس بلد المصدر دون نشر أي سند علمي أو وبائي.

ودعا النواب اللجنة الوطنية لمجابهة الكورونا (حكومية) ورئاسة الحكومة إلى تمتيع المواطنات والمواطنين المقيمين بالخارج من نفس التسهيلات اعتمادا على نفس المستندات العلمية.

وعلى صفحتها في فيسبوك، لوحت النائب بمجلس نواب الشعب عن دائرة فرنسا ليليا باليل بملاحقة رئيس الحكومة هاشام المشيشي قضائيا ان "لم يعلن خلال مهلة 24 ساعة عن رفع الحجر الصحي الاجباري على التونسيين العائدين".

ونددت النائبة بما اعتبرته "قرارا يعبر عن مواقف رئيس الحكومة السياسية والتمييزية ضد الجالية التونسية بالخارج، الذين يتعرضون للابتزاز والاستغلال عند بلوغهم أرض الوطن في علاقة باجراء الحجر الصحي الاجباري".

والاثنين، بدى ان السلطات تلقت ولو متأخرا الرسالة من مواطنيها بالخارج في تصريحات ادلى بها وزير الخارجية عثمان الجرندي امام البرلمان.

وقال الجرندي أن اللجنة العلمية تُراجع القرارات المتعلقة بالحجر الاجباري للوافدين تفاعلا مع مختلف المؤشرات الصحية، مشيرا الى أنّ تونس قررت سابقا اعفاء التونسيين الذين أتموا تلقي جرعتين من التلقيح من الحجر الاجباري بالنزل في حال عودتهم لتونس.

وأشار الوزير الى أنه يتفهم هذا الجدل، كاشفا أن مشاورات ستُجرى بين وزارة الخارجية وزارة الصحة لرفع شرط الحجر الاجباري في النزل عن التونسيين، وتعويضه بحجر منزليّ أو الغاءه.