تونس بين ضغط النقد الدولي وتعنت اتحاد للشغل

الحكومة التونسية تواجه أصعب الاختبارات في ظل توصيات صندوق النقد بتجميد الزيادة في الأجور وتصعيد اتحاد الشعل المطالب بتفعيلها.

تونس - أنهى الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر نقابة عمالية في البلاد، الخميس، ثالث إضراب عام له منذ ثورة يناير/ كانون ثاني 2011.

شارك في الإضراب نحو 700 ألف موظف حكومي، طالبوا فيه بإلغاء تجميد زيادات الأجور بالوظيفة العمومية في موازنة العام المقبل 2019.

ولم تفلح جولة من المفاوضات حول الزيادة في أجور الموظفين الحُكوميين، بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة.

ويعاني الاقتصاد التونسي من تحديات اقتصادية، على الرغم من تحقيقه نموا 2.6 بالمائة خلال الأشهر التسعة الأولى 2018، مقابل 1.9 بالمائة في الفترة نفسها 2017.

إلا أن تحديات تراجع أسعار الصرف، وارتفاع التضخم، وصعود عجز الميزان التجاري، وتباطؤ نمو الاستثمار الأجنبي، وضغوط يمارسها صندوق النقد الدولي بضبط فاتورة الأجور، وزيادة الضرائب، تحد من قدرة تونس على مواجهة أية مصاريف جديدة.

ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل منتسبيه، إلى التمسك بالإضراب العام في ظل "تدهور القدرة الشرائية لهم، وتراجع الأوضاع المعيشية جراء اقتصاد عانى الكثير طيلة السنوات الماضية".

ومن أبرز ملامح موازنة تونس 2019، تجميد الأجور الذي يلاقي رفضا واسعا، وعدم الزيادة في الضرائب.

ويقدر حجم موازنة التونسية لسنة 2019 ما قيمته 40.861 مليار دينار (14.489 مليار دولار) أي بزيادة بـ 8.5 في المائة مقارنة بالنتائج المحتملة لسنة 2018.

ويقدر مشروع الموازنة التونسية للعام 2019، معدل النمو الاقتصادي بنحو 3.1 بالمائة مقابل معدل النمو المتوقع 2.6 بالمائة لكامل 2018.

كما يفترض مشروع الموازنة التونسية سعر برميل النفط مقابل 75 دولارا، مقابل 54 دولارا للبرميل في قانون المالية لسنة 2018.

ويرى متابعون للشأن التونسي، أن الحكومة "رهينة" حزمة من الإصلاحات طالب بها صندوق النقد الدولي، مقابل قرض حصلت عليه.

ومنذ 2016، بدأت تونس بالتعاون مع صندوق النقد الدولي على برنامج قرض بقيمة 2.8 مليار دولار، تنفيذ إصلاحات اقتصادية تهدف إلى تعديل أوضاع المالية العامة وخفض عجز الموازنة والدين العام.

وحصلت تونس بموجب الاتفاق على 319.5 مليون دولار في 13 يونيو/ حزيران 2017، و257.2 مليون دولار في 23 مارس/آذار الماضي، و249.1 مليون دولار في 9 يوليو/ تموز الماضي.

وتتمثل الإصلاحات الكبرى التي تقول الحكومة إنها تسعى إلى تحقيقها، في 4 محاور، وهي: إصلاح المؤسسات الحكوميّة، ومنظومة صناديق التغطية الاجتماعية، والوظيفة العمومية (الحكومية)، ومنظومة الدعم".

وترى الحكومة أن الصناديق الاجتماعية في حاجة إلى حلول عاجلة، "الدولة مطالبة بدفع 100 مليون دينار (41.3 مليون دولار) كل شهر لتغطية عجز الصناديق".

وتعتبر الحكومة في تونس، أن منظومة دعم الفئات الفقيرة تعاني "فسادا كبيرا، أدى إلى تضخم فاتورة الدعم الحكومية، مقدرة أن "80 بالمائة من موازنة الدعم تذهب إلى غير مستحقيه".

ودعا صندوق النقد الدولي تونس بضرورة الإبقاء على فاتورة أجور القطاع العام تحت السيطرة، لتجنب مشاكل خطيرة متعلقة بالديون، بعد أن اتفقت الحكومة على زيادة أجور نحو 150 ألف موظف بالشركات الحكومية.

ويعتبر الصندوق أن التحكم في فاتورة الأجور، سيسمح لتونس بتحقيق الأهداف المالية التي حددتها للعام 2019، وسيخفف أيضا الضغط الإضافي الذي ستفرضه زيادة الإنفاق على دافعي الضرائب.

وحسب بيانات حكومية، تقدّر تكلفة أجور القطاع الحكومي بتونس، بنحو 16.485 مليار دينار (5.887 مليارات دولار)، أي ما يعادل 14.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وترى الحُكومة في المقابل، أنها تمكّنت منذ توليها الحكم من تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية مثل رفع نسبة النمو وخفض نسبة العجز بالموازنة، وكان من الممكن تحقيق نتائج أفضل لو لقيت "دعما سياسيا حقيقيا".

رئيس الحكومة التونسي يوسف الشاهد، اعتبر أيضا في تصريحات سابقة أن الإصلاحات الاقتصادية يجب أن تمضي قدما وبسرعة حتى لو كلفه ذلك منصبه، خصوصا في ما يتعلق بالمؤسسات العامة.

وترى السلطات في تونس كذلك أن المؤسسات العمومية، قد "أثقل كاهلها ولم تعد قادرة على مزيد استيعاب طاقات جديدة أخرى، وهو ما يجعل التشغيل من أهم أولوياتها في السنة المقبلة".

وأقرت الحكومة التونسية في أبريل/ نيسان 2017، قانونا جديدا للاستثمار بهدف تشجيع الاستثمارات الأجنبية لتوفير فرص عمل للشباب، خطوة رئيسية ضمن حزمة إجراءات يطالب بها صندوق النقد.

وتعمل الحكومة التونسية على خفض عجز الموازنة من 6.1 بالمائة في عامي 2016 و2017 إلى 4.9 بالمائة في 2018، لكي يصل إلى 3.9 بالمائة في 2019، وفق أرقام رسمية.