تونس تضع حدّا لإغراق أسواقها بالسلع التركية
تونس - أعلنت الحكومة التونسية الجمعة أنها ستفرض ضرائب جمركية على بعض المنتجات الصناعية التركية ضمن مراجعة لاتفاقية التجارة مع تركيا، في أوّل إجراء فعلي بعد الجدل الذي أثاره إغراق السوق التونسية بالعديد من البضائع التركية بتسهيلات من منظومة الحكم السابقة بقيادة حركة النهضة ما أضرّ بالاقتصاد التونسي فيما يشكل العجز التجاري أحد المشاكل الرئيسية للبلاد التي تواجه أزمة مالية واقتصادية.
وصادقت جلسة عمل وزارية انعقدت الجمعة بقصر الحكومة بالقصبة بإشراف رئيس الحكومة أحمد الحناشي على مقترحات لجنة الشراكة بين البلدين الخاصة بتطوير الاتفاقية التجارية بين تونس وتركيا وهو ما مثل وفق خبراء اقتصاديين خطوة على الطريق الصحيح لاصبلاح الاقتصاد الوطني ووثق نزيف العملة الصعية ومواجهة العجز التجاري الذي يعتبر من بين ابرز مشاكل الاقتصاد التونسي.
وتشمل المراجعة قائمة من المنتوجات الصناعية التي لها مثيل مصنّع محليا موجهة للاستهلاك في قطاعات مواد التنظيف والمواد البلاستيكية والعجلات المطاطية والملابس الجاهزة من خلال إخضاعها لمعاليم ديوانية على أن يتم تجسيم ذلك في إطار قانون المالية لعام 2024، وفق وكالة تونس أفريقيا للأنباء.
وكانت العديد من المؤسسات الصغرى والمتوسطة في عدد من المجالات مثل الملابس والمواد الغذائية والفلاحية وغيرها قد نضررت بسبب اكتساح المنتجات التركية للسوق التونسية.
واستدعى هذا الوضع تحركا تونسيا حاسما وان جاء متأخرا نسبيا، للتصدي لهذه الظاهرة بحزم وانعاش محركات الاقتصاد التونسي التي كانت سببا في تحقيق نمو غير مسبوق بداية التسعينات.
واقترحت اللجنة الحصول على امتيازات للصادرات التونسية في عدد من المنتوجات الفلاحية والصناعات الغذائية نحو تركيا في شكل حصص سنوية معفاة تماما من المعاليم الديوانية، بالإضافة إلى تنظيم منتدي اقتصادي للاستثمار خلال الثلاثية الأولى من العام 2024 لدعم الاستثمار التركي في تونس في المجالات ذات الاهتمام المشترك ودعت الحكومة التونسية كل الوزارات المعنية لتفعيل بقية مجالات التعاون الثنائي بما يخدم مصالح البلاد.
وأثار إغراق الأسواق التونسية بالسلع التركية خلال العشرية السابقة جدلا واسعا، فيما ذهب بعض المنتجين والصناعين إلى حد اتهام المنظومة الحاكمة حينها بتخريب الاقتصاد التونسي.
ومنذ وصول الإسلاميين للحكم في تونس بعد ثورة الياسمين في 2011 انفتحت أبواب السوق التونسية على مصراعيها أمام السلع التركية، فيما تتمتع جماعات الإسلامي السياسي بدعم تركي لكن بعد اتخاذ الرئيس قيس سعيد للاجراءات الاستثنائية في يوليو/تموز 2021 بدات السلطات تتخذ سياسة لحماية السيادة الوطنية وتحصين الاقتصاد من خلال مراجعة العديد من الاتفاقيات.
وأطلق نشطاء تونسيون في مناسبات سابقة دعوات لمقاطعة السلع التركية بهدف تحصين اقتصاد بلادهم، لكنها لم تعط نتائج ملموسة في ظل تواصل الاستيراد الذي شمل الكماليات والأساسيات ولم يستثن العديد من المواد التي تنتجها البلاد، مقابل نسبة تصدير ضئيلة للسلع التونسية إلى تركيا.
ولا تعدّ تونس البلد الوحيد الذي توصل إلى الاقتناع بالأضرار الاقتصادية لاتفاقية التبادل التجاري مع تركيا، حيث قام المغرب بتعديل اتفاقيته مع أنقرة في العام 2021 بعدما تفاقم العجز التجاري مع أنقرة، ما أدى إلى ارتفاع صادرات الرباط نحو أنقرة بنسبة 56 في المائة خلال العام 2022.
ويقول المغرب إن تركيا أغرقت سوقه بالسلع، مما تسبب في ضرر للشركات الوطنية واليد العاملة ما يدعو لمراجعة الاتفاقية التجارية لحماية الاقتصاد المغربي وتحصينه.