تونس تغرق في أزمة سياسية عنوانها اقالة الشاهد

المدير التنفيذي لحزب حركة نداء تونس يطالب صراحة برحيل يوسف الشاهد فيما أجلت لجنة الخبراء المنبثقة عن وثيقة قرطاج في حسم ملف الاقالة وسط خلافات عميقة بين الأطراف الموقعة على الوثيقة.

أوساط سياسية تعتبر وثيقة قرطاج جزء من المشكلة لا الحل
الخناق يضيق على يوسف الشاهد بعد رفع الغطاء السياسي عنه
النهضة تتمسك بالشاهد حماية لمصالحها وللاستقرار الحكومي
الأزمة السياسية تراوح مكانها بين التعديل الحكومي الموسع واقالة الشاهد
القوبنطيني تتهم ابن الرئيس التونسي بالوقوف وراء الحملة على الشاهد
"اقالة الشاهد تستهدف تعطيل الحرب على الفساد"
دعوة ابن الرئيس التونسي لاقالة الشاهد تفجر انقسامات في نداء تونس

تونس - أنهت لجنة الخبراء المنبثقة عن وثيقة قرطاج أشغالها مساء الثلاثاء دون أن تتوصل إلى توافق حول بقاء يوسف الشاهد رئيسا للحكومة التونسية من عدمه ورحلت الملف إلى جلسة قادمة للأطراف الموقعة على الوثيقة فيما اعتبر مراقبون أن وثيقة قرطاج تحولت من محاولة لحل الأزمة السياسية إلى مشكل.

وقالت سعيدة قراش المتحدثة باسم الرئاسة التونسية إنه تم "تأجيل الحسم في بقاء الشاهد في منصبه من عدمه إلى الجلسة القادمة لاجتماع اللجنة العليا للأطراف الموقعة على الوثيقة"، مشددة على "وجود خلافات بين الأطراف في المواقف حول هذه النقطة".

ولفتت في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية إلى أنه تم الاتفاق على بنود الصياغة الجديدة للوثيقة وأنه سيتم رفع تقرير لجنة الخبراء إلى اللجنة العليا التي يترأسها الرئيس الباجي قائد السبسي، مشيرة إلى أن التقرير تضمن العديد من المقترحات في علاقة بالجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي دون أن تقدم المزيد من التفاصيل.

وعلى اثر اجتماع لجنة الخبراء، طالب حافظ قائد السبسي المدير التنفيذي لحزب نداء تونس بـ"رحيل يوسف الشاهد" وهو أول تصريح علني يدعو فيه الشاهد للمغادرة، ما أثار تململا في أوساط الشق المناهض لنجل الرئيس التونسي والمتمسك ببقاء الشاهد رئيسا للحكومة.

وتعقيبا على تصريحات حافظ قائد السبسي قال منجي الحرباوي الناطق باسم حركة نداء تونس إن "الحركة لا تمانع في تغيير حكومة يوسف الشاهد، إذا ما أجمع على ذلك مختلف المتحاورين في وثيقة قرطاج 2 ".

وأوضح الحرباوي في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أنه تم خلال اجتماع لجنة الخبراء الانتهاء من إعداد وثيقة قرطاج 2 ، التي ضمت 65 نقطة وإحالتها على لجنة رؤساء الأحزاب والأمناء العامين للمنظمات الوطنية.

وخلال الاجتماع طالب كل من الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والاتحاد الوطني للمرأة التونسية، بـ"ضرورة تغيير الحكومة".

وفي ظل مطالبة النداء والمنظمات الوطنية بتغيير هيكلي في الحكومة، يكون قد تم رفع الغطاء السياسي عن الشاهد من قبل الموقعين على الوثيقة باستثناء حركة النهضة التي تمسكت خلال الاجتماع ببقائه والاكتفاء بتعديل وزاري فني.

وقال رضا سكندالي ممثل النهضة في لجنة الخبراء في تصريح لمراسل ميدل ايست أونلاين "إن اللجنة اتفقت على جميع النقاط الخلافية المتعلقة بالمجالات الاقتصادية والاجتماعية إلا أنه لم يتم الاتفاق على إقالة الشاهد".

وتابع "النهضة غير موافقة على رحيل الشاهد بل بالعكس هي تتمسك به من أجل ضمان الاستقرار السياسي"، مضيفا أنه في حال عدم التوصل إلى توافق بهذا الشأن فإنه سيتم رفع مسألة التعديل الحكومي إلى الرئاسات الثلاث".

رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد
رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد يواجه ضغوطا شديدة

وكانت الأوساط السياسية تتطلع إلى أن تفضي لجنة الخبراء إلى الحسم في كل النقاط الخلافية بما فيها مسألة تغيير الحكومة غير أن تمسك النهضة بالشاهد أحبط تطلعاتها.

ويقول خصوم النهضة إن تمسك الحركة بالشاهد لا يعكس موقفا مبدئيا ولا هو نتيجة لاقتناعها بأداء الشاهد الذي يواجه انتقادات لاذعة من قبل القوى السياسية الديمقراطية والقوى الوطنية وإنما يعكس مخاوفها من تركيز تركيبة حكومية تستأثر بها القوى العلمانية المدنية وتمتص نفوذ الحركة.

ورغم من أن أكثرية المحللين يرون أن رحيل الشاهد بات أمرا محسوما في ظل تعهد الرئيس التونسي للأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي بإقالته وأيضا في ظل مطالبة النداء والمنظمات الوطنية، فإن تمسك النهضة بالشاهد من شأنه أن يلقي بتداعيات سلبية على المشهد السياسي.

ويرجح مراقبون أن الحسم في ملف الشاهد سيكون على حساب النهضة ولن يقود بها سوى إلى المزيد من العزلة السياسية تجاه القوى الديمقراطية والمنظمات الوطنية.

وفيما يقول النداء إنه يسعى إلى تغيير حكومي هيكلي وفي العمق لا ترى المعارضة لا في الصياغة الجديدة لوثيقة قرطاج ولا في التغيير الحكومي سوى "عنوانا مغشوشا".

وقال أحمد الصديق القيادي في الجبهة الشعبية (ائتلاف أحزاب يسارية معارض) "إنه من المستحيل الاتفاق الشامل حول وثيقة قرطاج 2 نتيجة تضارب الأجندات والمصالح والصراع على مراكز القرار".

وأضاف لمراسل ميدل ايست أونلاين أن "الوثيقة في حد ذاتها ليست حلا وإنما هي مشكل لا تعكس سوى الصراع على توزيع مواقع النفوذ والقرار".

وتابع "فيما عدا الانتقادات والملاحظات والمخاوف التي أبداها اتحاد الشغل لا نجد أثرا لصراع برامج أو مضامين" ما جعل الخلاف ينصب على الشاهد.

ويبدو كما يذهب إلى ذلك محللون أن يقود تمسك النهضة وشق من نداء تونس بالشاهد إلى تعقيدات سياسية، مشيرين إلى أن الحركة الاسلامية الشريك في الائتلاف الحاكم تحرص على ضمان بقائها في مواقع القرار مستفيدة من تغلغلها في مفاصل مؤسسات الدولة وأجهزتها الإدارية وهو نفوذ مرتبط مباشرة بمضامين وثيقة قرطاج وفي مقدمتها الإصلاحات الكبرى ومحاربة البيروقراطية.

وثيقة قرطاج
وثيقة قرطاج لم تخرج تونس من أزمتها
وثيقة قرطاج
خلافات بين الموقعين على وثيقة قرطاج تضعها على حافة الانهيار
حافظ قائد السبسي المدير التنفيذي لحزب حركة نداء تونس
حافظ قائد السبسي يضغط لاقالة يوسف الشاهد
يوسف الشاهد
يوسف الشاهد يواجه ضغوطا من قيادات متنفذة في نداء تونس

غير أن مراقبين يرون أن النهضة التي خسرت خلال الانتخابات البلدية 40 بالمئة من خزانها الانتخابي بشهادة رئيسها راشد الغنوشي لن تستطيع التمسك بموقفها لأنها عاجزة على مواجهة بقية الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية الموقعة على وثيقة قرطاج.

وشددوا على أن النهضة بتمسكها بالشاهد بناء على حماية مصالحها في الحكم تسعى إلى ترحيل وثيقة قرطاج من حل الأزمة السياسية إلى أزمة أشد تستثمرها للضغط على الرئيس قائد السبسي وعلى اتحاد الشغل حفاظا على تموقعها في الحكم.

صابرين القوبنطيني تعتبر اقالة الشاهد استهدافا للحرب المعلنة على الفساد

وتعتبر أوساط سياسية في المقابل أن اقالة الشاهد من شأنها أن تعمق الأزمة السياسية في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة حربا على الفساد.

وترى صبرين القوبنطيني النائبة بالبرلمان التونسي عن كتلة الحرة أن من يدفع باتجاه اقالة يوسف الشاهد هو حافظ قائد السبسي المدير التنفيذي لحركة نداء تونس.

واعتبرت القوبتطيني في تصريحات لإذاعة محلية خاصة الثلاثاء أن الدفع باتجاه اقالة الشاهد يأتي بسبب اعلانه الحرب على الفساد التي تمس مصالح سياسيين متنفذين بمن فيهم حافظ قائد السبسي، مشيرة إلى أن الأخير يتدخل في تسيير شؤون الدولة ويحاول فرض املاءات على رئيس الحكومة.