تونس تنتظر الجيل الشاب في أول انتخابات بلدية منذ الثورة

التونسيون ينتخبون المجالس المحلية لتعزيز المسار الديمقراطي لكن في ظرف سياسي واقتصادي صعب وتوقعات بإقبال ضعيف.

تونس - فتحت مراكز الاقتراع أبوابها صباح الاحد في تونس معلنة انطلاق الانتخابات البلدية الحرة الاولى منذ ثورة 2011 لترسيخ المسار الديمقراطي في البلد الوحيد الناجي من تداعيات الربيع العربي.

وتجرى الانتخابات في ظرف اقتصادي وسياسي صعب ومن المنتظر ان تفرز جيلاً جديداً من السياسيين الشباب الذي ترأس القوائم المرشحة لتسيير أول مجالس بلدية حرة ومستقلة.

وانطلقت عملية الاقتراع باقبال ضعيف من ناخبين جلهم من كبار السن. وقال رضا كوكي (58 عاما) بحسب وكالة الصحافة الفرنسية "هذا حق وواجب. بالرغم من ان الأمل ضئيل ولا يوجد مشاريع. والبرامج كلها قصص خاوية، جئت للانتخاب".

من جهته، قال شكري العلوي (45 عاما) اثر خروجه من مكتب الاقتراع بعد التصويت "انا هنا منذ الساعة السابعة والنصف صباحا والانتخاب يشعرني بالفخر، وهو رسالة للسياسيين لنقول لهم نحن متواجدون وقد انتخبنا ودوركم الآن لتبينوا لنا ما ستفعلونه من أجلنا".

ودعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في خطاب الجمعة التونسيين للتوجه لصناديق الاقتراع. وقال "هذا الاحد لن يكون كالمعتاد، لأول مرة الشعب التونسي مدعو للمشاركة في الانتخابات البلدية. في الظاهر هي قضية بسيطة لكن هي هامة جدا"، مضيفا "لذلك، على الشعب التونسي التجند للتصويت. الدستور منح التونسيين حق تقرير المصير وهذه مناسبة لنختار من نريد".

ويتوقع مراقبون أن تسجل نسبة عزوف كبيرة عن التصويت بالرغم من الآمال العريضة التي جاءت بها الثورة، بالتحديد بسبب فشل من تسلموا السلطة بعد الثورة في تحقيق الانجازات المطلوبة. إذ بقيت نسب البطالة في حدود 15 في المئة، والتضخم في مستوى 8 في المئة، بينما يعبر التونسيون كذلك عن استيائهم من التسويات التي حصلت بين الاحزاب على حساب الانجازات الحقيقية.

ويوجد في الاجمال 11185 مكتب اقتراع فيما يبلغ عدد الناخبين المسجلين نحو 5.3 ملايين. وتجري الانتخابات في دورة واحدة. وأمام المُنتَخبين مهلة حتى منتصف حزيران/يونيو لاختيار رؤساء البلديات.

ويؤمن نحو 60 الف من قوات الامن والجيش مراكز الاقتراع في بلد لا يزال في ظل حالة الطوارئ منذ الاعتداءات الدامية التي وقعت في 2015.

'مرارة وتقزز'

في محافظة القصرين (غرب)، تفتح مكاتب الاقتراع ابوابها من الساعة التاسعة صباحا الى حدود الرابعة بتوقيت غرينيتش لاسباب وصفتها الهيئة بـ"الامنية". وتتحصن في جبال المنطقة جماعات إسلامية متطرفة مسلحة.

ووفقا للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، يتنافس اكثر من 57 الف مرشح نصفهم من النساء والشباب ضمن نحو 2074 قائمة انتخابية، على 350 مجلسا بلديا موزعة على كامل البلاد. وهناك 1055 قائمة حزبية و159 ائتلافية و860 مستقلة.

وكتبت الصحيفة اليومية التونسية الناطقة بالفرنسية "لا برس" في افتتاحية الجمعة "التونسيون ينزفون ويحسون بالمرارة والتقزز بسبب الغياب الكبير للاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المعلقة والمؤجلة".

ويأمل جزء من التونسيين في ان يتحسن الوضع خصوصا في ما يتعلق بالنظافة والنقل والتنمية.

وإثر ثورة 2011 التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، عينت الحكومة الانتقالية مجالس فشلت في غالب الاحيان في تحقيق مطالب التونسيين.

ولاحظت الصحيفة ان "كل القوائم المرشحة والمتنافسة ركزت على شعارات تهتم بجمالية المدن والنقل والاضاءة. وهذه أساسيات الحياة الكريمة. ولكن عمل البلديات اوسع من ذلك حيث بامكانها ان تساهم في خلق مواطن الشغل والتنمية الاقتصادية".

امتيازات

ستمكن هذه الانتخابات من تكريس مبدأ لامركزية السلطة التي نص عليها الدستور التونسي وهي من مطالب الثورة التي انطلقت من المناطق المهمشة في البلاد.

وخلال حكم الحزب الواحد، كانت قرارات البلديات تخضع لإدارة مركزية غالبا ما تكون موالية للحزب الحاكم.

وصادق البرلمان نهاية نيسان/ابريل الفائت على قانون الجماعات المحلية الذي سيمنح البلديات للمرة الاولى امتيازات مجالس مستقلة تُدار بحرية وتتمتع بصلاحيات واسعة.

ويرجح خبراء أن حزبي "النهضة" الاسلامي و"نداء تونس" الذي أسسه الرئيس الباجي قائد السبسي سيتصدران النتائج في عدد من المناطق، بحكم أنهما الوحيدان اللذان قدما قوائم في 350 بلدية في كامل البلاد.

ومن المنتظر ان تفرز هذه الانتخابات جيلا جديدا من السياسيين قبل موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في 2019.