ثلاثاء أسود في مسار قضية غصن

محكمة طوكيو ترفض طلبا تقدم به رئيس شركة نيسان السابق لإطلاق سراحه بكفالة رغم تقدم الاخير حزمة ضمانات اإقناع المحكمة بأنه لن يهرب من اليابان، ورينو تعلن في ذات الوقت موعدا لتعيين بديل دائم لرئيسها المقال.
محكمة طوكيو ترفض ضمانات بينها ارتداء سوار إلكترون ومبلغ إضافي ككفالة
منذ توقيفه، غضن لم يظهر إلى العلن إلا مرة واحدة
تييري بولوريه مطروح كمدير تنفيذي لرينو وجان دومينيك سينار كرئيس مجلس الإدارة

طوكيو - رفضت محكمة طوكيو الثلاثاء طلبا تقدم به رئيس شركة نيسان السابق كارلوس غصن الموقوف في اليابان إثر اتهامه بارتكاب مخالفات مالية لإطلاق سراحه بكفالة بينما أعلنت شركة رينو التي لم تُقِله بعد أنها ستعين بديلا عنه الخميس.

وكان قرار المحكمة متوقعا إذ أنها قالت في الماضي إنها تخشى مغادرته البلاد وإتلافه أدلة. وأكد محامي غصن أن موكله سيبقى على الأرجح في السجن إلى حين موعد محاكمته.

ومنذ توقيفه المفاجئ في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، كانت قضية غصن مليئة بالمفاجآت حيث شدت انتباه اليابان وعالم المال والأعمال.

ولم تأبه محكمة طوكيو بتعهد قطب صناعة السيارات علنا البقاء في اليابان وعرضه ارتداء سوار إلكتروني يمكّن من تعقبه إذا اقتضت الضرورة.

وفي بيان أصدره الاثنين تقدم غصن بسلسلة خطوات على أمل إقناع المحكمة بأنه لن يهرب من اليابان.

وتعهد بتسليم جوازات سفره الثلاثة وارتداء جهاز الكتروني يمكّن من تعقّبه بينما عرض مبلغا إضافيا ككفالة.

كما تعهد بتوظيف حرّاس أمن يوافق عليهم الادعاء لمراقبته مؤكدا أنه لن يتصل بأي شخص على صلة بالقضية.

وأكد غصن في بيان وزّعه ممثّلوه في الولايات المتّحدة "في وقت تدرس المحكمة طلب إطلاق سراحي بكفالة، أريد أن أؤكّد أنّني سأبقى في اليابان وسأحترم كلّ شروط الكفالة التي تتوصّل إليها المحكمة".

وتعهّد غصن أيضًا حضور جلسات المحاكمة "ليس لأنّني ملزم ذلك قانونيًا فحسب، بل أيضًا لأنّني أتوق لأن تكون لديّ الفرصة أخيرًا للدّفاع عن نفسي".

وأضاف "لستُ مذنبًا بالتُهم الموجّهة ضدّي، وأنا أتطلّع إلى الدفاع عن سمعتي في المحكمة".

لكن مسؤولا في وزارة العدل اليابانية أوضح لوكالة فرانس برس أنه "لا يوجد نظام في اليابان يسمح بإطلاق سراح المتهم في قضية جنائية مع سوار تعقب" إلكتروني كالذي أشار إليه غصن.

وأضاف المسؤول أن "المحكمة تحدد مبلغ الكفالة وبإمكانها كذلك إضافة شروط مناسبة مثل تحديد مكان بقاء المتّهم".

ظروف "قاسية"

وكان غصن فعليا قيد الاعتقال قبل المحاكمة بعدما وجهت إليه ثلاث تهم منفصلة ينفيها جميعها.

وتتهمه النيابة بعدم الإفصاح عن جزء من دخله يبلغ نحو خمسة مليارات ين (46 مليون دولار) في بيانات رسمية قدمها للمساهمين بين عامي 2010 و2015، في محاولة على ما يبدو لتجنب الشبهات بأنه كان يتلقى أجرا زائدا.

ويواجه تهمة ثانية مشابهة كثيرا تتمثل بأنه واصل القيام بذلك بين العامين 2015 و2018 حيث لم يعلن عن جزء من دخله بلغ أربعة مليارات ين إضافية.

كما وجه إليه المدعون تهمة الضلوع في مخطط معقد يقولون إنه هدف لتحميل "نيسان" خسائر مالية تكبدها في مشاريع خاصة به إذ لجأ إلى شخص سعودي اعتبر كضامن له وقام بتحويلات مالية لحسابه من حساب تابع لأحد فروع نيسان.

ومنذ توقيفه، لم يظهر إلى العلن إلا مرة واحدة حيث بدا نحيلا للغاية وأصر على براءته في قاعة المحكمة المكتظة.

وناشدت زوجته كارول منظمة "هيومن رايتس ووتش" التدخل، وقالت إنه يُحتجز في ظروف "قاسية" ويخضع لعمليات استجواب على مدار الساعة بهدف انتزاع اعتراف منه.

 "قيادة جديدة دائمة" 

رينو
'تركيز السلطة بدرجة كبيرة في أيدي شخص واحد' في رينو من الماضي

وأثار توقيف غصن شكوكا بشأن مستقبل تحالف شركات السيارات الذي أسسه والذي تعرض إلى ضغوط في غيابه.

وأقالته نيسان مباشرة من رئاستها إضافة إلى ميتسوبيشي موتورز، الشركة الثانية المنضوية في التحالف الثلاثي الذي يضم كذلك رينو الفرنسية.

من جهتها، أعلنت رينو الثلاثاء أنها ستعقد اجتماعا لمجلس إدارتها الخميس لتعيين بديل لغصن الذي لم تُقِله حتى الآن.

وقالت مصادر قريبة من الملف إن الشركة قد تطرح اسم تييري بولوريه كمدير تنفيذي ورئيس مجموعة "ميشلان" لصناعة الإطارات جان دومينيك سينار كرئيس مجلس الإدارة، وهما منصبان يتولّاهما غصن حاليا.

وقال مسؤولون في الحكومة الفرنسية ، أكبر مساهم في رينو بحصة تتجاوز 15 بالمئة -- إنهم حثوا مجلس إدارة الشركة على اختيار "قيادة جديدة دائمة".

وتم تعيين بولوريه الذي يدير رينو منذ توقيف غصن كنائب المدير التنفيذي بعد يوم من توقيف رجل الأعمال الفرنسي-البرازيلي-اللبناني. وقضى بولوريه (55 عاما) حياته المهنية في عالم صناعة السيارات، معظمها في آسيا، وهو ما تعتبره رينو نقطة لصالحه في ما يتعلق بتسوية العلاقات المتوترة مع شريكتيها اليابانيتين وتطوير الأعمال التجارية في الصين.

وفي وقت متأخر الأحد، عقدت نيسان اجتماعا للجنة خاصة شكلت لتطوير القيادة غداة الفضيحة.

وقال رئيس اللجنة سييشيرو نيشويكا إن المشكلة تتمثل بـ"تركيز السلطة بدرجة كبيرة في أيدي شخص واحد".

ويتوقع أن تلتئم اللجنة ثلاث أو أربع مرات قبل إصدار تقرير نهائي أواخر آذار/مارس.

ونفى وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير الأحد الحديث عن اندماج محتمل بين رينو ونيسان، رغم تقارير في وسائل إعلام يابانية ذكرت إن باريس تدفع في ذلك الاتجاه.