ثلاث سنوات سجنا لساركوزي في قضية فساد

الحكم القضائي على الرئيس الفرنسي الأسبق يأتي فيما يواجه اعتبارا من 17 مارس محاكمة ثانية تعرف بقضية "بيغماليون" حول تمويل حملته للانتخابات الرئاسية العام 2012.
ساركوزي ثاني رئيس فرنسي يحكم عليه بالسجن بعد شيراك
محامو ساكوزي يعتبرون "التنصت" مجرد ثرثرة بين أصدقاء
رئيس النيابة العامة الفرنسية ينفي أي نية للانتقام من الرئيس الاسبق

باريس - قضت محكمة فرنسية اليوم الاثنين بسجن الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي لمدة ثلاث سنوات بينها سنة مع النفاذ بعد أن أدانته في قضية فساد واستغلال النفوذ، لكنه لن يودع السجن لعدم صدور أمر إحالة بحقه.

وأصبح ساركوزي البالغ من العمر 66 عاما والذي تولى رئاسة فرنسا من 2007 إلى 2012، ثاني رئيس فرنسي يُدان في ظل الجمهورية الخامسة بعد جاك شيراك الذي حُكم عليه في 2011 بالسجن سنتين مع وقف التنفيذ في قضية وظائف وهمية في بلدية باريس التي كان رئيسا لها.

واستمع ساركوزي الذي أكد على الدوام أنه لم يرتكب "أدنى عمل يتعلق بالفساد"، إلى النطق بالحكم الصادر ضده وهو يقف أمام المحكمة وبدا غير متأثر. ولم يدل الرئيس اليميني السابق ومحاموه بأي تصريحات لدى مغادرتهم القاعة.

كما حكم القضاة بنفس العقوبة على قاضي التحقيق السابق جيرار ايزبير والمحامي الشهير للرئيس السابق تييري إيرتزوغ مع حظر ممارسة المحاماة لمدة 5 سنوات بحق الأخير. كما أدينا بانتهاك أسرار المهنة.

واعتبرت المحكمة أن "ميثاق فساد" قد أُبرم بين الرجال الثلاثة، إلا أنها لم توافق على طلب النيابة العامة بفرض عقوبة السجن لمدة أربع سنوات من بينها سنتان مع النفاذ لاعتبارها أن صورة الرئاسة الفرنسية "تضررت" جراء هذه القضية التي كانت لها "آثار مدمرة".

ويأتي الحكم فيما يواجه ساركوزي اعتبارا من 17 مارس محاكمة ثانية تعرف بقضية "بيغماليون" حول تمويل حملته للانتخابات الرئاسية العام 2012.

وقد انسحب من السياسة في العام 2016 إلا انه لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة في أوساط اليمين قبل سنة على الانتخابات الرئاسية المقبلة. وطالب ساركوزي أمام المحكمة بـ"تبرئته من وصمة العار هذه".

وتعود قضية "التنصت" إلى العام 2014. وكان يومها استخدام "واتساب" والرسائل المشفرة الأخرى غير منتشر كثيرا وفق ما أكد الرئيس الفرنسي السابق.

وفي إطار التحقيق حول شبهات التمويل الليبي لحملته الانتخابية في العام 2007 الذي وجهت إليه أربع تهم في إطارها، اكتشف القضاة يومها أن ساركوزي يستخدم خطا هاتفيا سريا تحت اسم "بول بيسموس" للتواصل مع محاميه تييري إيرتزوغ.

وقد اظهر تفريغ حوالي عشرة من اتصالاتهما بحسب الادعاء وجود "نية على الفساد" بين نيكولا ساركوزي ومحاميه والقاضي السابق جيرار ايزبير.

وتعتبر النيابة العامة أن القاضي نقل عبر إيرتزوغ معلومات مشمولة بالسرية وحاول التأثير على طعن تقدم به ساركوزي أمام محكمة التمييز في إطار قضية أخرى. وفي المقابل قبل الرئيس الفرنسي (الاسبق) بدعم ترشح القاضي لمنصب رفيع المستوى في موناكو.

ويقول إيرتزوغ في أحد الاتصالات التي تليت على المحكمة "لقد بذل جهدا" ليرد عليه ساركوزي في مكالمة أخرى "أنا أساهم في ارتقائه".

وقد طلب الادعاء إنزال العقوبة نفسها بالمتهمين الثلاثة أي السجن أربع سنوات بينها سنتان مع وقف التنفيذ مرفقة بمنع ممارسة المهنة لمدة خمس سنوات بالنسبة لإيرتزوغ.

وقال محامو الدفاع إن هذه الاتصالات "كانت مجرد ثرثرة بين أصدقاء" منددين بـ"تخيلات" و"فرضيات" و"محاكمة على النوايا" من قبل الادعاء، مشددين على الغياب التام للأدلة وطالبوا بتبرئة المتهمين.

وأمام المحكمة قالوا إن ساركوزي لم يحصل في نهاية المطاف على حكم مؤيد له في محكمة التمييز كما أن ازيبير لم ينجح في الحصول على منصب في موناكو. وبموجب القانون من غير الضروري أن يحصل الطرف على المقابل الموعود أو أن يكون النفوذ فعليا لكي توصف الأفعال بأنها تندرج في إطار الفساد أو استغلال النفوذ.

وطوال المحاكمة التي جرت في أجواء محتدمة، طالب الدفاع بإلغاء المحاكمة التي تستند برأيه إلى عمليات تنصت "غير قانونية" لأنها تنتهك سرية التبادل بين محام وموكله.

وقوض محامو المتهمين أيضا تحقيقا تمهيديا موازيا تجريه النيابة العامة. ويهدف التحقيق إلى كشف هوية عميل مزدوج أبلغ في العام 2014 تييري إيرتزوغ بأن خط "بيسموث" يتعرض للتنصت، ما أدى إلى التدقيق المعمق بفواتير الهاتف.

وحفظ التحقيق من دون نتيجة. ويطال تحقيق إداري منذ سبتمبر/ايلول ثلاثة قضاة من النيابة العامة المالية من بينهم رئيستها السابقة إليان أوليت، على أن تصدر نتائجه قريبا.

في ظل هذه الأجواء المتوترة، حضر رئيس النيابة العامة المالية الحالي جان-فرنسوا بونير شخصيا جلسة المرافعات للدفاع عن الهيئة التي كانت قد شكلت للتو عند اندلاع قضية "التنصت" مؤكدا "لا أحد هنا يسعى إلى الانتقام من رئيس سابق للجمهورية".