جدل في الكويت حول مادة تفرض 'الوصاية' على المترشحات للانتخابات

مجلس الأمة الكويتي يصادق على المادة 16 من قانون مفوضية الانتخابات بنصها المعدل الذي يشترط "الالتزام بأحكام الدستور والقانون والشريعة الإسلامية".
المصادقة على مادة تفرض الوصاية على شكل المترشحات للانتخابات في الكويت
النساء الحاضرات للجلسة تنسحبن بعد المصادقة على المادة 16

الكويت - صادق مجلس الأمة الكويتي بغالبية الأصوات الثلاثاء على المادة 16 من قانون مفوضية الانتخابات بنصها المعدل الذي يطرح إشكالا ويثير جدلا في الكويت وهي المادة التي تقول في الفقرة الثانية منها "ويشترط لممارسة حق الانتخاب والترشيح الالتزام بأحكام الدستور والقانون والشريعة الإسلامية".

وتم تمرير المادة في المداولة الثانية على مشروع قانون انتخاب أعضاء مجلس الأمة والذي سبق أن أقره المجلس في مداولته الأولى في جلسة الخميس الماضي، بحضور 62 نائبا وبموافقة 53 منهم واعتراض تسعة أعضاء فقط بينهم النائبة الوحيدة بالمجلس جنان بوشهري، بينما انسحب الحضور النساء من جلسة المداولات كشكل احتجاجي على تمرير مادة تضبط شكل المرأة المترشحة وتلزمها بارتداء الحجاب (بحكم تطبيق الشريعة الاسلامية الواردة في المادة 16).

وطالب النواب التسعة حذفها باعتبار أنها تتضمن إقصاء للمرأة غير المحجبة بالمشاركة في الحياة السياسية. كما رفض المجلس طلبا من النائب مرزوق الغانم (الرئيس السابق لمجلس الأمة) بحذف المادة استنادا إلى أن "الالتزام بالدستور والقانون والشريعة منصوص عليها في الدستور".

ورفض المجلس أيضا ثلاث طلبات بالحذف من النائبة جنان بوشهري التي حذّرت من "خطورة إقحام نص ذو مدلول عام يحمل أكثر من تفسير ومعنى في قانون الانتخاب"، معتبرة أن التعديل "موائمة سياسية وعبث سياسي في الشريعة وأحكامها وفتاويها".

وسجلت الجلسة إلى جانب بوشهري اعتراض كل من حمد المدلج ومرزوق الغانم وسعد العصفور وداود معرفي ومهلهل المضف وعبدالوهاب العيسى وحمدالعليان وبدر الملا.

واعتبر كثيرون أن النص يستهدف "إقصاء النساء من المشاركة السياسية" وكذلك فرض مزيد من الوصاية عليها "باسم الدين والشريعة".

النساء الحاضرات لجلسة المداولة حول المادة 16 انسحبن احتجاجات على ما اعتبرنه فرضا للوصاية على المترشحات للانتخابات
النساء الحاضرات لجلسة المداولة حول المادة 16 انسحبن احتجاجات على ما اعتبرنه فرضا للوصاية على المترشحات للانتخابات

وقد أعربت الأستاذة نوال الرشيد عن رفضها لبس الحجاب كأحد شروط الترشح إلى مجلس الأمة الكويتي. وقالت في تصريح من أمام مبنى مجلس الأمة "الناس تتطور أو ترجع إلى الوراء، هل هذا البند فيه تطور أو تخلف؟ ألف بالمئة تخلف، الكويت لم تكن بهذا الشكل في الستينات والسبعينات"، مضيفة "الديرة كلها مختطفة من الدينيين".

ويهيمن الإسلاميون على مجلس الأمة الكويتي في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أعادت بعض الوجوه في المجلس السابق واستبعدت آخرين، بينما لم يكن للمرأة حضور يذكر.

واثارت تصريحات الرشيد جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي بين مؤيد ورافض لتصريحاتها وموقفها وبين من اعتبرها مسيئة للحجاب والشريعة الإسلامية.

ومصدر الانزعاج الأكبر من تصريحات الرشيد هو ربطها بين ارتداء الحجاب والتخلف. وقال مغرد "نوال الرشيد تحدثت وأنا تعجبت إذا كان خلع الحجاب تطور فخلع اللباس المحتشم يكون تطورا وإنجازا!! أعتقد أي قضية تطالب فيها امرأة حتى وان كانت مستحقه نتائجها خاسره".

وغرد آخر قائلا "إذا كان شرع الله ودينه وتعاليم الإسلام الصحيحة تخلف بأعين الليبراليين والنسويات فنحن نراها قمة الرقي والتحضر والشرف"، فيما قالت مغردة أخرى "أنا ضد الاقتراح بس كلامج غلط صار شرع الـلّـه والحجاب تخلف!!! صارت الديره مختطفه من الدينين؟ لو الأغلبية ليبراليين بتقولين الديره مختطفه؟؟".

في مقال بجريدة القبس الكويتية شبق جلسة الثلاثاء كتبت الدكتورة غدير محمد أسيري تحت عنوان "أهذا ما تستحقه الكويتية؟" أمس الاثنين "اشتركت المرأة الكويتية في صفوف المقاومة (خلال غزو العراق للكويت في تسعينات القرن الماضي) واستُشهد الكثير منهن في تلك الحقبة السياسية وأُسر الكثير منهن من قبل جنود الاحتلال واعتقلن وعُذِبن في السجون ومراكز الاعتقال كما الرجل الكويتي، فبعد 15 عاما من التحرير ومن المطالبة بحقوقها والوقوف لإقناع من يستمر في مهاجمتها والتشكيك بقدراتها وحصولها على حقها في المساواة بالانتخاب والترشح".

وتابعت "نجد أن المجتمع، بدلا من تمكينها في 2023، لا يزال يمارس الضغوط على المرأة في سن القوانين والقيود لتقليص حركتها وتطورها وتقليل مشاركاتها السياسية بضوابط تشكك وتُميّز بين قدرتها في المشاركة السياسية".

وقالت أيضا "سلوك التقليل من قدرة المرأة أصبح يتنقّل ويتفشى بشكل ملاحظ في الآونة الأخيرة، من خلال القوانين المطروحة من بعض النواب، إن المتاجرة بقضاياها بالوصاية عليها غير مقبولة، خصوصا مشروع إنشاء المفوضية العليا للانتخابات في دولة مدنية تتبع دستورا واضحا متطورا متعايشا، ينصف ويساوي بين الجميع، فمن غير المنطقي أن يكون القانون، وهو مرحلة تلي الدستور، أن يتناقض مع مواده التي تنص بشكل صريح على المساواة التامة وعدم التطرق بالوصاية في القوانين والقرارات على المرأة شكلاً ومضموناً".

وخلصت كاتبة المقال إلى القول "في دولة الكويت، فالانتقاص من شكلها وطريقة تفكيرها هو سلوك يقمع حقها في اختيار شكلها أو وظيفتها أو طريقة حياتها ومستقبلها أسوة بالرجل في الدولة".

وشهدت نتائج انتخابات أعضاء مجلس الأمة الكويتي للعام 2023 فوز 10 مرشحين جدد بعضوية المجلس وعودة بعض الأعضاء ممن سبق لهم الفوز بعضوية المجلس في دورات سابقة، لكن المرأة الكويتية فقدت أحد المقعدين في المجلس السابق، إذ حافظت النائبة جنان بوشهري على حضورها، بينما لم يحالف الحظ زميلتها عالية الخالد.