جهود حثيثة لحماية البوم من الاضطهاد في لبنان

هواة الطبيعة يعملون على إنقاذ طيور البوم من القتل الجائر أو الصيد العشوائي أو الاحتجاز ويشددون على أهميتها في تحقيق التوازن البيئي.
طيور البوم تساهم في التخلص من القوارض التي تلحق الضرر بالزراعة

بيروت  -لم تمنع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان هواة البيئة من اصرارهم على الحفاظ على الكائنات البرية لا سيما طيور البوم في ظل تناقص أعدادها على مرّ السنين نتيجة الصيد العشوائي والمتاجرة بها بشكل غير قانوني.
ويعيش في لبنان 4 أنواع من البوم، وهي بومة الحظائر البيضاء وبومة النسر الأوراسية والبومة السمراء والبومة الصغيرة، بالإضافة إلى نوعين مهاجرين هما البومة الطويلة الأذن وبومة الأشجار الأوروبية.
والبوم طائرٌ جارح ينشط بصورة رئيسية في الليل، ويستعين بحاسة السمع القويّة والقدرة الكبيرة على الرؤية لاصطياد الفئرانِ والأرانبِ وغيرها من الحيوانات الصغيرة.
وبسبب الأساطير الشعبية المتوارثة من جيل إلى آخر، تحوّلت البومة وهي من "طيور الظلام" إلى نذير شؤم في نظر الكثيرين بسبب قبح صورتها وصوتها ولأنها تستوطن في مناطق يعم فيها الخراب، وهو ما جعلها تتعرض للقتل الجائر والمتاجرة بها بطريقة غير قانونية من خلال بيعها محتجزة داخل الأقفاص.

 رعاية وعلاج الطيور المصابة والجريحة في لبنان
رعاية وعلاج الطيور المصابة والجريحة في لبنان

ويحظر قانون الصيد البري في لبنان اصطياد طيور البوم وحجزها والاتجار فيها، على غرار الطيور الجارحة الأخرى، ولا تدخل طيور البوم ضمن الطرائد المسموح صيدها، لكن القانون لا يُطبق في أحيان كثيرة بسبب غياب الرقابة.
وتناقصت أعداد البوم بشكل كبير في البرية اللبنانية بسبب اضطهادها، لكن جمعيات بيئية غير حكومية على غرار "الجنوبيون الخضر" قررت وضع حدّ لتلك الانتهاكات من خلال حملات التوعية وإنقاذ الطيور المصابة أو المحتجزة.
"زبقين" هو اسم البومة الجديدة التي أعيدت إلى البرية بعد إنقاذها، وهي من نوع بومة الحظائر البيضاء، كما تقول المهندسة الزراعية كاميليا جفّال من جمعية "الجنوبيون الخضر".
ولفتت جفّال إلى أنه جرى اختيار اسم الجمعية "تيمناً باسم مشروع محمية طبيعية في جنوب لبنان".
وعن كيفية إنقاذ هذه البومة، أوضحت جفّال أن "أحد الأشخاص تواصل مع الجمعية عبر فيسبوك ليبلغ أن لديه بومة وصلته كهدية داخل قفص وبعدما احتفظ بها لنحو شهر قرر ألا يبقيها محتجزة ويعيدها إلى البرية".
وقالت الناشطة في مجال البيئة "فور تسلّم البومة من صاحبها، قدّمنا لها الرعاية لمدة شهر تقريباً وأعدنا تأهيلها وتدريبها على كيفية الصيد، وقمنا باطلاقها مجدداً في الطبيعة، موطنها الأصلي".
وأصبح عدد طيور البوم التي أعيدت إلى البرية بعد إنقاذها نحو 30، بعضها كان مصاباً بجروح بسبب الصيد الجائر، إلا أن نشطاء البيئة استطاعوا معالجتها ورعايتها قبل إطلاقها مجدداً، بحسب كاميليا.
وتوصف بومة الحظائر التي تنشط في البرية اللبنانية، لا سيما الأرياف والغابات ذات الأشجار العالية والدروب الصعبة بأنها صديقة المزارعين لمساهمتها في التخلص من الفئران والقوارض التي تلحق الضرر بالمزروعات في الحقول.
وتتمتع البومة بخاصية فريدة وهي الطيران الهادئ فلا تحدث أجنحتها صوتاً أثناء الطيران، حتى لا تهرب الفئران والقوارض الحذرة بطبعها.
وبفضل حملات التوعية، "تحول هذا الطائر من نذير شؤم كما كان يُنظر إليه (شعبياً)، إلى طائر محبب، ومصدر تفاؤل وأمل بالنسبة إلى كثيرين، خصوصاً في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعصف بلبنان"، بحسب جفّال.
وأشارت جفّال إلى أنه بالإضافة إلى أعمال الإنقاذ والتأهيل، يعمل "الجنوبيون الخضر" على توعية المجتمع حول أهمية هذه الطيور في الحفاظ على التوازن البيئي. وهكذا أصبحت هذه الطيور مرحباً بها في مناطق لبنانية عدة.
ورحب علي رضا بزيع رئيس بلدية منطقة "زبقين"  بجهود النشطاء في الحفاظ على الحياة البرية، مشيراً إلى أن البوم هو فعلاً طائر مميز وله دور مهم في الطبيعة.