جهود روسية لخفض التوتر في ادلب تقابل بتصعيد تركي

السفير الروسي في مجلس الأمن يؤكد وجود وفد في انقرة يعمل على تهدئة الوضع في وقت تواصل فيه القوات التركية استهداف مواقع الجيش السوري.

نيويورك - تتسارع الأحداث في ادلب على خلفية تداعيات الهجوم الذي تعرض له الجنود الاتراك من قبل القوات السورية ما ادى الى مقتل وجرح العشرات منهم لكن هنالك توجه واضح نحو تخفيف التصعيد.
وفي هذا الاطار أعلن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا الجمعة أمام مجلس الأمن الدولي أنّ روسيا "مستعدّة للعمل على خفضٍ للتصعيد" في منطقة إدلب في شمال غرب سوريا "مع جميع الراغبين بذلك".
وغداة اعتباره أنّ مجلس الأمن يعقد الكثير من الاجتماعات المتعلّقة بسوريا، أقرّ الدبلوماسي الروسي بأنّ "الوضع ساء وتوتّر بشدّة" في منطقة إدلب.
ومتحدّثًا في اجتماع طارئ لمجلس الأمن عقد بناءً على طلب المملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبلجيكا وإستونيا وجمهورية الدومينيكان، قال نيبينزيا إنّه "يوجد حاليًا وفد روسي في أنقرة من أجل تهدئة الوضع".
وخلال اجتماع المجلس، وهو السادس حول سوريا منذ بداية شباط/فبراير، أكّد نيبينزيا مجدّدًا أنّ موسكو "لم تُشارك في الهجمات" التي نُسِبَت إلى دمشق الخميس وقُتِل فيها بحسب أنقرة 34 جنديًا تركيًا.
وأشار السفير الروسي إلى أنّ "الأتراك يُعلمون الروس بمواقعهم بشكل مستمرّ، ويتمّ نقل (هذه الإحداثيّات) إلى الجيش السوري من أجل ضمان أمن" الجنود الأتراك. وأضاف أنّ "إحداثيّات" المواقع التركيّة التي استهدفتها غارات الخميس "لم تُسَلَّم" إلى الجانب الروسي.
ودعت الغالبية العظمى من أعضاء مجلس الأمن إلى وقف عاجل لإطلاق النار. وقال الأعضاء الأوروبّيون إنّ "التصعيد العسكري في إدلب يجب أن يتوقّف. يجب أن يتوقّف الآن".
واعتبروا أنّ "هذه الهجمات تظهر أنّ النظام السوري، بمساعدة ودعم سياسي من روسيا، يواصل استراتيجيته العسكرية بأيّ ثمن، متجاهلًا عواقب أفعاله ضدّ المدنيّين".
وقالت السفيرة الأميركية كيلي كرافت "نطالب روسيا بوقف إطلاق طائراتها الحربيّة فورًا، وندعو جميع القوّات السوريّة ومؤيّديها الروس للانسحاب إلى خطوط وقف إطلاق النار التي تمّ تحديدها عام 2018".

الناتو وترامب اكتفيا بالدعم المعنوي لاردوغان دون تقديم مساعدات ملموسة
الناتو وترامب اكتفيا بالدعم المعنوي لاردوغان دون تقديم مساعدات ملموسة

وخلال افتتاح الجلسة، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنّ "النزاع قد تغيّرت طبيعته"، مشيرًا إلى التصعيد الكبير الذي شهدته إدلب خلال الأيام الأخيرة.
ويبدو واضحا أنّ لا رغبة روسية في مواجهة عسكرية مع تركيا في إدلب رغم اصرار موسكو على دعم القوات السورية على مواصلة هجومها في محافظة ادلب في مواجهة الفصائل المسلحة الموالية لانقرة.
والجمعة سارع الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين إلى التباحث هاتفيا، وبدأ التحضير لعقد قمة ثنائية الأسبوع المقبل في موسكو وذلك في محاولة لتخفيف التوتر.
وتسعى تركيا لكسب تاييد وتعاطف دولي حيث اعلن البيت الابيض ان الرئيسين الاميركي دونالد ترامب  ونظره التركي طالبا الجمعة روسيا وسوريا ب"وقف" هجوم عسكري في منطقة ادلب.
وقال البيت الابيض في بيان ان ترامب "عبر في اتصال هاتفي عن تعازيه وادانته" للقصف الذي شنته القوات السورية المدعومة من روسيا الخميس وقتل فيه 33 جنديا تركيا. وتابع "اتفق الزعيمان على أنه يجب على النظام السوري وروسيا والنظام الإيراني وقف هجومهم قبل قتل وتشريد المزيد من المدنيين الأبرياء".
كما أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) الجمعة عن تضامنه مع أنقرة ودعمه لها، لكن دون أن يقدّم تعهّدات بأي إجراءات جديدة ملموسة للدفاع عن القوات التركية.
وعقد مجلس الحلف محادثات طارئة بطلب من تركيا.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إن الحلفاء وافقوا على المحافظة على الإجراءات القائمة حاليا لتعزيز قدرات تركيا الدفاعية الجوية، لكنه لم يلمّح إلى أي خطوات جديدة تتجاوز التعهّد بشكل عام بالبحث في ما يمكن القيام به أكثر من ذلك.
وقال "يقدّم أعضاء حلف شمال الأطلسي الدعم لتركيا اليوم. نعزز دفاعاتهم الجوية ولدينا طائرة ضمن نظام الإنذار المبكر والتحكم جوا تساعد في مراقبة الأجواء وهناك كذلك زيارات للموانئ ونقدم أشكالا أخرى من الدعم"، مضيفا "لكن الحلفاء يبحثون على الدوام عن ما يمكنهم القيام به أكثر من ذلك لتقديم المزيد من الدعم لتركيا".
وأدان ستولتنبرغ دمشق وموسكو وحضّهما على وضع حد للعنف في إدلب. وقال "ندعو روسيا ونظام الأسد لوقف الهجمات ووقف الهجمات الجوية العشوائية والانخراط في دعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حل دائم سياسي وسلمي للأزمة في سوريا".

القوات التركية تسعى للخروج من مازقها باستهداف الجيش السوري ومنع تقدمه
القوات التركية تسعى للخروج من مازقها باستهداف الجيش السوري ومنع تقدمه

وفي محاولة اممية لخفض التصعيد أعلن أمين عام الأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الجمعة بدء التحضيرات لإرسال بعثة إنسانية أممية إلى إدلب.
ولدى سؤاله خلال لقاء مقتضب مع الصحافة لمعرفة إذا حان الوقت لإرسال موظفين تابعين للأمم المتحدة إلى إدلب لتقييم الوضع فيها، أجاب انطونيو غوتيريش أنّ "ثمة بعثة إنسانية قيد التحضير لهذا الغرض بالضبط".
ولم يعط تفاصيل حول تشكيلة هذه البعثة وحول موعد ذهابها إلى إدلب ومدة بقائها هناك.
وقال دبلوماسيون رفضوا الكشف عن هويتهم إنّ البعثة قد تحضر الاسبوع المقبل وستضم ممثلين عن مختلف وكالات الأمم المتحدة. وبالإضافة إلى الشؤون الإنسانية، قد تضم ايضاً ممثلين عن برنامج الأغذية العالمي ويونيسف.
وأشار غوتيريش إلى انّ "الحاجة الأكثر إلحاحاً تكمن في (التوصل) إلى وقف فوري لإطلاق النار قبل أن يخرج الوضع عن السيطرة تماماً".
وأضاف "في كل اتصالاتي مع الأطراف المعنية، ليس لدي سوى رسالة واحدة: اتخذوا خطوة إلى الوراء بينما أنتم عند حافة التصعيد".
وشدد على انّه "من الضروري أن تتوقف المعارك"، ولكن من دون أن يعلن عن مبادرة او الإشارة بوضوح إلى روسيا رغم تنديده باستمرار "الغارات الجوية التي تطال مدارس ومراكز طبية".
وخلال لقائه الأربعاء مع الغربيين في مجلس الأمن، طلبت المانيا منه التوجه إلى إدلب بهدف دعم وقف الأعمال القتالية وتسهيل عبور المساعدات الإنسانية الدولية إلى هذه المنطقة، وفق ما قال دبلوماسيون.
واضافت المصادر الدبلوماسية أنّ غوتيريش رفض، معتبراً أنّ زيارة مماثلة قد تؤدي إلى "نتائج عكسية".
ورغم الجهود الدولية ومساعي روسية لتخفيف التوتر تواصل تركيا استهداف القوات السورية في محاولة للانتقام من هجمات اوقعت قرابة 53 قتيلا تركيا الشهر الجاري.
وهزت انفجارات ضخمة مدينة حلب وريفها الجنوبي ليل الجمعة/ السبت.
وقال قائد عسكري في الجيش السوري الحر لوكالة الانباء الإلمانية"قصف الجيش التركي بصواريخ أرض أرض معامل الدفاع ومركز البحوث العلمية في منطقة سفير جنوب شرق مدينة حلب مساء الجمعة وقد دمرت الكثير من المباني نتيجة القصف والانفجارات كما سقط قتلى وجرحى أغلبهم من الحرس الثوري الإيراني ".
وأكد القائد العسكري أن " الانفجارات العنيفة طالت معامل الأسلحة والذخيرة وهزت مدينة حلب التي تبعد حوالي 25 كم وتوجهت فرق الدفاع المدني والإسعاف إلى المنطقة ".
وفشلت فصائل المعارضة خلال السنوات الماضية في الوصول والسيطرة على معامل الدفاع التي تعتبر من اهم مصادر الذخيرة للجيش السوري .

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت إن ضربات جوية وبرية تركية على القوات الحكومية السورية وحلفائها في إدلب أسفرت عن مقتل 48 من "قوات النظام والمسلحين الموالين لها" في الساعات الأربع والعشرين الماضية.

وأضاف أن الطائرات الحربية السورية والروسية واصلت الضربات الجوية اليوم السبت على مدينة سراقب الاستراتيجية في إدلب.

كما أعلنت تركيا السبت انها دمرت "منشأة للأسلحة الكيميائية" تابعة للنظام السوري في شمال شرق البلاد.

وردت تركيا الجمعة على مقتل عدد من جنودها في ادلب بقصف جوي ومدفعي قتل فيه 31 عنصرا على الأقل من قوات النظام السوري، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة.
وأفاد المرصد عن "قصف تركي بالمدفعية والطائرات المسيّرة استهدف صباحا مواقع لقوات النظام في أرياف إدلب الشرقية والجنوبية والجنوبية الشرقية"، ما تسبب بمقتل 16 عنصرا من قوات النظام على الأقل.
وفي وقت لاحق، أحصى مقتل 11 عنصرا من قوات النظام بقصف لطائرات تركية مسيّرة قرب مدينة سراقب، حيث تدور معارك مستمرة بين الفصائل المقاتلة بدعم تركي وقوات النظام المدعومة من روسيا.
وقتل أربعة آخرون من قوات النظام جراء قصف مدفعي تركي على بلدة العريمة في ريف حلب الشمالي الشرقي، بحسب المرصد.
ويظهر من الرد التركي ان خفض التصعيد لن يكون قرارا سهلا مع اصرار تركيا على التدخل بكل قوة في الشان السوري ودعم المجموعات المتطرفة.