جهود للتقارب بين فرنسا والجزائر على وقع تحديات إقليمية

محاولات التقارب بين البلدين تأتي بعد الانزعاج الجزائري من السياسات الأميركية المؤيدة لحق المغرب في سيادته على الصحراء وسعي فرنسا لمواجهة التغلغل التركي في ليبيا عبر التنسيق مع الجزائر.
ماكرون وعد باتخاذ خطوات رمزية لمحاولة المصالحة بين البلدين لكنه استبعد تقديم الاعتذارات
الجزائر ترى ان تحسين علاقاتها مع فرنسا أمر ضروري في هذا المرحلة

الجزائر - أعلن الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والجزائري عبدالمجيد تبون الأحد التزامهما "استئناف العمل معاً" حول قضايا ذات اهتمام مشترك فور عودة الأخير إلى بلاده من ألمانيا حيث يستكمل علاجاً من مضاعفات الإصابة بكوفيد-19، وفق بيان للرئاسة الجزائرية.
وجاء في البيان المقتضب أنّ تبون "تلقى مساء اليوم مكالمة هاتفية" من نظيره الفرنسي "اطمأن فيها عن صحته" وأبلغه خلالها "رغبته في استئناف العمل معاً على الملفات ذات الاهتمام المشترك، ولا سيما الاقتصادية والقضايا الإقليمية وملف الذاكرة"، وذلك فور عودة الرئيس الجزائري إلى البلاد وهو أمر أيدته الجزائر.
وأكد تبون "استعداده للعمل على هذه الملفات مع عودته إلى الجزائر"، وفق البيان.
وأكد قصر الإليزيه حصول الاتصال بين الرئيسين، مشيرا الى أنهما اتفقا على ان يتحادثا بعد عودة تبون إلى الجزائر العاصمة.
وكان ماكرون وعد باتخاذ "خطوات رمزية" لمحاولة المصالحة بين البلدين، لكنه استبعد تقديم "الاعتذارات" التي طالبت بها الجزائر فيما عرفت العلاقات الجزائرية الفرنسية تدهورا بعد اتهام الرئيس الجزائري مرارا فرنسا بالتدخل في شؤون بلاده عبر دعم الحراك الشعبي.
وفي المقابل ترى الجزائر ان تحسين علاقاتها مع فرنسا آمر ضروري في هذا المرحلة خاصة وان المنطقة تشهد تغيرات عديدة ما خلق تحديات كبيرة.
ومثل النجاح الدبلوماسي الهائل للمغرب في ملف الاعتراف الدولي وخاصة الأميركي في الاعتراف بمغربية الصحراء ضربة قوية للدبلوماسية الجزائرية التي فشلت فشلا ذريعا في خططها لمنح غطاء دبلوماسي للانفصاليين من جبهة البوليساريو بعد اعتداءاتهم المتكررة على الكركرات.
كما شهدت العلاقات بين الجزائر واميركا تراجعا بسبب موقف واشنطن المؤيد للرباط دعا وزير الخارجيّة الجزائري صبري بوقدوم خلال لقائه في الجزائر مساعد وزير الخارجيّة الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ديفيد شينكر، الشهر الحالي واشنطن إلى التزام "الحياد" على الصعيدين الإقليمي والدولي ما يشير الى الانزعاج الجزائري من السياسات الأميركية.

وبالتالي تشعر الجزائر بنوع من لعزلة في المنطقة وهو امر التقطته جيدا الحكومة الفرنسية لخدمة مصالحها في المنطقة.
وفي المقابل تريد فرنسا التنسيق مع الجزائر فيما يتعلق بعدد من الملفات الهامة خاصة الملف الليبي حيث ترى باريس ان بقاء القوات التركية في ليبيا يمثل تحديا لفرنسا التي تريد التعويل على الجزائر لمواجهة التغلغل التركي.
وكان تبون البالغ من العمر 75 عاماً قد أجرى عملية جراحية "ناجحة" في القدم في ألمانيا حيث كان تلقى العلاج لمدة شهرين إثر إصابته بفيروس كورونا المستجد.
ولم يتم إعلان تاريخ عودته إلى الجزائر.
وجرى الإعلان عن العملية الجراحية في التوقيت نفسه الذي تسلّم خلاله ماكرون تقريرا للمؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا حول الاستعمار وحرب الجزائر، يتضمن مقترحات ترمي لإخراج العلاقة بين فرنسا والجزائر من الشلل الذي تسببه قضايا الذاكرة العالقة.
ولم تصدر الجزائر أي تعليق رسمي في غياب الرئيس، ما عدا تعليقات بعض المؤرخين وتأسّف جزائريين لرفض الرئيس الفرنسي "الاعتذار" عن 132 سنة (1830-1962) من الاستعمار الفرنسي للجزائر.