جونسون يتعهد بإتمام بريكست في موعده 'أيا كان الثمن'

أمام رئيس الوزراء البريطاني الجديد 99 يوما فقط لمعالجة أزمة مغادرة التكتل الأوروبي التي عطلت النمو الاقتصادي وأطاحت برئيسة الوزراء تيريزا ماي وسببت انقساما عميقا في بريطانيا.

جونسون يحيط نفسه بفريق من المشككين في الاتحاد الأوروبي
جونسون يبدأ تشكيل فريق انفصال 'فوضوي' عن الاتحاد الأوروبي
مدير حملة بريكست مستشارا لبوريس جونسون
تولّي جونسون رئاسة وزراء بريطانيا زاد خطر خروجها بدون اتفاق
بوريس جونسون يعين فريق إتمام الخروج من الاتحاد الأوروبي
جونسون يميل للانفصال عن الاتحاد الأوروبي بأي ثمن
بروكسل تتمسك برفض إعادة التفاوض على اتفاق انفصال جديد

لندن - تسلم بوريس جونسون رسيما اليوم الأربعاء رئاسة وزراء بريطانيا. وقال قصر باكنغهام "استقبلت الملكة فخامة النائب بوريس جونسون بعد ظهر اليوم وطلبت منه تشكيل حكومة جديدة. قبل السيد جونسون عرض جلالتها وقبل يديها على تعيينه رئيسا للحكومة واللورد الأول للخزانة".

ووعد جونسون بانجاز بريكست في موعده المقرر في 31 أكتوبر/تشرين الأول "مهما كلف الأمر". كما وعد في كلمة ألقاها أمام مقر الحكومة البريطانية بعد تكليفه رسميا بمهامه من قبل الملكة اليزابيث الثانية "باتفاق جديد" مع بروكسل.

ويرفض الاتحاد الأوروبي رفضا قاطعا إعادة التفاوض على اتفاق جديد للانفصال. وسبق أن أكدد مرارا على هذه المسألة حتى قبل اضطرار رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي لتقديم استقالتها مدفوعة بنكسات متتالية على مسار بريكست.

وأبعد رئيس الوزراء البريطاني الجديد الأربعاء جزءا كبيرا من الأسماء المهمة في فريق تيريزا ماي وأحاط نفسه بالمتشككين بالمشروع الأوروبي وجدد وعده بالتوصل إلى اتفاق جديد للخروج من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر/تشرين الأول أو المغادرة من دون اتفاق.

وأكدت التعيينات الأولى ما كان يتداوله المقربون منه لناحية أنّه سيشكل حكومة تتضمن عددا أكبر من النساء ومن سياسيين من الأقليات الاتنية.

وقرر جونسون تعيين المصرفي السابق وزير الداخلية ساجد جاويد، من عائلة مهاجرين باكستانيين وزيرا للمال وهو منصب استراتيجي في سياق بريكست خصوصا في حال إقرار الخروج من الاتحاد من دون اتفاق، ما من شأنه إثارة اضطرابات اقتصادية حادة.

وحلّت بريتي باتل (47 عاما) مكان جاويد في وزارة الداخلية وهي ابنة عائلة هندية ومدافعة بقوة عن بريكست.

كما اختار جونسون دومينيك راب ليتولى مهام وزارة خارجية بريطانيا، وهو أيضا من المشككين في المشروع الأوروبي. ويعدّ هذا المنصب حساسا في هذا الظرف الذي تتخلله أيضا أزمة الناقلات النفطية مع إيران.

وكان راب استقال العام الماضي من حكومة تيريزا ماي تعبيرا عن رفضه لإستراتيجيتها حيال بريكست التي نظر إليها على أنّها توافقية جدا مع الاتحاد الأوروبي. ويحلّ في منصبه بدلا من جيريمي هانت الذي خسر سباق رئاسة الوزراء في منافسة جونسون.

وحافظ ستيف باركلي على منصبه كوزير مكلّف ببريكست وسيكون محاور فرق التفاوض الأوروبية.

وفي كلمته الأولى أمام مقر الحكومة البريطانية، وعد جونسون بـ"الخروج من الاتحاد الأوروبي في 31 اكتوبر/تشرين الأول من دون شروط". وجرى تحديد هذه المهلة بعد تأجيلين سابقين لبريكست الذي كان محددا بداية في 29 مارس/اذار.

وكرر استعداده للخروج بلا اتفاق، شاجبا "تشاؤم" المعارضين لبريكست الذين يخشون تداعيات اقتصادية لخروج مفاجئ بعد 46 عاما من الشراكة في المشروع الأوربي.

وشدد على أنّ "البريطانيين سئموا الانتظار" بعد نحو ثلاثة أعوام على استفتاء الخروج.

وكان عدد من وجوه حكومة تيريزا ماي أعلنوا استقالتهم قبيل تسلّم جونسون مهامه، بينهم نائبها دافيد ليدينغتون ووزير المال فيليب هاموند ووزير العدل ديفيد غوك ووزير التنمية الدولية روري ستيوارت، معبّرين بذلك عن رفضهم لاحتمال الخروج من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق.

وجرى التخلي عن آخرين، بينهم مؤيدا بريكست وزيرة الدفاع بيني موردنت ووزير التجارة الدولية ليام فوكس.

واتصف اليوم الأول لجونسون في رئاسة الوزراء ببروز بعض التشنجات إذ قام عدد من الناشطين ضد التغير المناخي بعرقلة موكبه لأقل من دقيقة أثناء توجهه إلى قصر باكنغهام لمقابلة الملكة. وبدأ متظاهرون معارضون لبريكست بالهتاف أثناء تلاوته خطابه.

وتؤشر هذه الأحداث إلى صعوبات ستعتري مهمة جونسون الذي قال إنّه مقتنع بالحصول على "اتفاق أفضل سيضاعف فرص بريكست"، إلا أنّه لم يعلن إستراتيجية بعد.

تيريزا ماي تغادر 10 داونينغ ستريت بعد 3 سنوات في المنصب مثقلة بخيبات بريكست
تيريزا ماي تغادر 10 داونينغ ستريت بعد 3 سنوات في المنصب مثقلة بخيبات بريكست

وقال كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه الأربعاء "ننتظر معرفة ما يريده رئيس الوزراء الجديد بوريس جونسون"، محذرا من أن "لا اتفاق لن يكون أبدا خيار الاتحاد الأوروبي، لكننا مستعدون".

وكان رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك سارع إلى تهنئة جونسون وقال "أتطلع إلى لقائك لمناقشة تعاوننا بالتفصيل".

والأرجح أن الرجل المعروف بنهجه الصدامي وهو أيضا من متشددي بريكست يميل للخروج دون اتفاق وقد عيّن بالفعل دومينيك كامنجز الذي أدار حملة تأييد الخروج من الاتحاد الأوروبي، مستشارا كبيرا له في خطوة يأمل فريقه أن تساعد في الوفاء بتعهد الزعيم الجديد بالخروج من التكتل بحلول 31 أكتوبر/تشرين الأول مهما كلف الأمر.

ويدخل جونسون إلى 10 داوننغ ستريت وسط أوضاع هي الأخطر في تاريخ بريطانيا منذ انتهاء الحرب العالمية، إذ تشهد انقساما بشأن بريكست وتضعفها أزمة سياسية استمرت على مدى ثلاث سنوات منذ الاستفتاء على الخروج من التكتل.

وتعهد جونسون (55 عاما) ببث الطاقة في البلاد وإتمام الخروج من الاتحاد الأوروبي بحلول 31 أكتوبر/تشرين الأول مهما كلفه الأمر وهو ما قد يضع المملكة المتحدة في مواجهة مع الاتحاد الأوروبي ويدفعها نحو أزمة دستورية محتملة أو انتخابات في الداخل.

وقال رئيس الوزراء البريطاني الجديد الذي سبق له أن تولى حقيبة الخارجية في عهد تيريزا ماي قبل أن يقدم استقالته بسبب خطتها للانفصال عن الاتحاد أمس الثلاثاء بعد انتخابه في تصويت أجراه أعضاء حزب المحافظين "سننهض كما ينهض العملاق الغافي ونكسر أصفاد عدم الثقة بالنفس والسلبية".

جونسون يختار دومينيك كامنجز  لقيادة فريق الخروج من الاتحاد الأوروبي
جونسون يعول على مستشاره الجديد دومينيك كامنجز للمساعدة في اتمام الانفصال عن الاتحاد الأوروبي في موعده

وأضاف "سنضخ الطاقة في البلاد وسنتم الخروج من الاتحاد الأوروبي بحلول 31 أكتوبر، وسنستغل كل الفرص التي سيتيحها ذلك بروح نعم نستطيع جديدة".

وغادرت تيريزا ماي داوننغ ستريت بعد ثلاث سنوات قضتها رئيسة للوزراء وشابتها أزمات متعلقة بالخروج من التكتل. وقد توجهت إلى قصر بكنغهام لتقدم استقالتها رسميا للملكة إليزابيث.

واجتمع جونسون بعدها بالملكة التي ستطلب منه تشكيل حكومة. وسيكون لقبه الرسمي "رئيس الوزراء واللورد الأول للخزانة".

ومن المتوقع أن يدلي بكلمة قبل أن يعين الأعضاء الرئيسيين بالحكومة والذين قد يكون اختيارهم مؤشرا على كيفية إدارة الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي يعد أهم قرار تتخذه بريطانيا منذ عقود.

وفي مؤشر على عزمه الانفصال باتفاق أو بدونه، عين جونسون دومينيك كامنجز الذي أدار حملة تأييد الانفصال عن التكتل الأوروبي، مستشارا كبيرا له في خطوة تشير إلى عزمه اتمام الخروج في الموعد المحدد مهما كان الثمن.

وقوبل تعيين كامنجز المعروف بأسلوبه الميال للجدل الذي يثير الإعجاب والضيق بنفس القدر، بإشادة بعض من شاركوا في حملات داعية للخروج من التكتل والذين قالوا إن كامنجز (47 عاما)، يمثل الفرصة الوحيدة لإحداث تغيير في الحكومة يُمكنها من المضي بقوة في عملية الخروج.

لكن نوابا مؤيدين للاتحاد الأوروبي انتقدوا عودته إلى أروقة السلطة، ووصف أحدهم الأمر بأنه "قرار خاطئ بشكل مروع"، مشيرا إلى أنه واجه اتهاما بازدراء البرلمان في وقت سابق من العام عندما لم يمثل للإجابة على أسئلة.

وأمام جونسون الذي سيتولى رئاسة الوزراء رسميا في وقت لاحق اليوم الأربعاء، 99 يوما فقط لمعالجة أزمة مغادرة التكتل التي عطلت النمو الاقتصادي وأطاحت برئيسة الوزراء تيريزا ماي وسببت انقساما عميقا في بريطانيا.

وأكد مصدر في فريق جونسون تعيين كامنجز الذي عمل مع رئيس الوزراء الجديد في الحملة الرسمية الداعية للتصويت لصالح لخروج والتي نالت الإشادة لتغلبها على حملة حظيت بتمويل أفضل بكثير للدعوة لبقاء بريطانيا في التكتل مستخدمة رسالة بسيطة هي أن على بريطانيا "استعادة السيطرة".

متظاهرون معارضون لبريكست يهتفون ضد جونسون في يومه الأول بدوانينغ ستريت
متظاهرون معارضون لبريكست يهتفون ضد جونسون في يومه الأول بدوانينغ ستريت

وكان كامنجز قد واجه اتهام بازدراء البرلمان عندما لم يمثل أمام نواب يجرون تحقيقا بشأن "أخبار كاذبة" والاستفتاء. وقال كامنجز إنه عرض المثول وتقديم أدلة.

وقال مراسل لشبكة 'آي.تي.في' اليوم الأربعاء، إن رئيس الوزراء الجديد سيعين ساجد جاويد وزيرا للمالية خلفا لفيليب هاموند الذي قدم استقالته من منصبه استباقا لقرار اقالته.

ويبدأ جونسون اليوم تعيين أفراد حكومته بعد أسابيع من تفقد الطامحين في منصب بالحكومة الجديدة من بين أعضاء حزب المحافظين.

وذكرت قناة سكاي نيوز أن جونسون عرض على وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت تولي منصب وزير الدفاع، لكنه رفض العرض.

وتأتي هذه التطورات بينما حذّرت اللجنة المختصة ببريكست في البرلمان الأوروبي الأربعاء من أنّ انتخاب بوريس جونسون رئيسا لوزراء بريطانيا زاد من خطر خروج المملكة المتّحدة من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق.

واجتمعت اللجنة التي يرأسها رئيس الوزراء البلجيكي السابق غاي فيرهوفشتادت بمفاوض بريكست في الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه في الوقت الذي يستعد في جونسون، المؤيّد بشدة لبريكست، لتسلّم مهامه على رأس الحكومة البريطانية.

وتمسّك الطرفان بموقف بروكسل القائل بأنّ الاتحاد لن يعيد التفاوض على اتفاق بريكست الموقّع مع رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، فيما سبق لجونسون أن ألمح إلى أنه سيسعى للتفاوض على اتفاق جديد.

إلا أن الطرفان أكّدا أنهما سيدعمان قادة الاتحاد الأوروبي في حال قرروا إعادة صياغة إعلان سياسي غير ملزم مرفق بالاتفاق للسعي لتحقيق "مستقبل أكثر طموحا للشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة".

وأضافوا في بيان أنّ وجود علاقة وثيقة بين الاتحاد وبريطانيا "سيضمن أن تكون شبكة الأمان الإيرلندية غير ضرورية".

ويصرّ جونسون على إزالة 'شبكة الأمان' من اتفاق الخروج وهو ما رفضته بروكسل.

وإذ هنّأت اللجنة جونسون، فقد حذّرت من أنّ تصريحاته الأخيرة وخاصة تلك التي أدلى بها خلال حملته للحصول على زعامة حزب المحافظين، زادت بشكل كبير من خطر خروج بريطانيا من الاتحاد بشكل فوضوي.

وحذرت من أن الخروج الفوضوي الذي قال جونسون إنه سيسعى لتحقيقه في حال عدم إعادة صياغة الاتفاق قبل 31 أكتوبر/تشرين الأول، سيكون "مضرّا للغاية".

وأضافت أنّ مثل هذا الخروج "لن يخفف منه أي شكل من الترتيبات أو الاتفاقيات الصغيرة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا"، في حين أكدت اللجنة أنه "لن تكون هناك فترة انتقالية في حال عدم وجود اتفاق خروج".