حافظ خليفة يشرف على 'أم البلدان' لعزالدين المدني

المسرحية تدور في إطار فنتازيا تاريخية مدروسة بملابس مبتكرة وباعتماد الكوريغرافيا والاستعراض.

منذ ستينات القرن الماضي تعددت أعمال عزالدين المدني المكتوبة ومنها المسرحيات على غرار "ثورة صاحب الحمار"، و"رأس الغول" و"مولاي السلطان الحفصي"، و"تعازي فاطمية"، و"الغفران"، و"التربيع والتدوير"، و"رحلة الحلاّج"، و"الله ينصر سيدنا" وقد تعامل عديد المخرجين مع نصوصه لعل أشهرهم علي بن عياد والمنصف السويسي.

مسرحية "أم البلدان" هي آخر آخر أعماله المسرحية ويلتقي فيها مع المخرج حافظ خليفة للمرة الثالثة بعد مسرحية "رسائل الحرية" و"عزيزة عثمانة"، وتتضمن أحداث المسرحية التاريخية فترة أبي زكريّاء الحفصي مؤسّس الدولة الحفصيّة في القرن الثالث عشر الميلادي وتقديم تونس كأم البلدان الداعية إلى رفض كل أشكال محو آثار السابقين، والمؤمنة بحتميّة الابتكار والتجديد من أجل تأسيس دولة العدل والإنصاف المشروطة بقيم العمل والحريّة واحترام القوانين.

ويدعو عزالدين المدني فيها إلى قيم كونيّة لأنّ بناء الدولة العادلة في نظره يشترط الوعي بأهميّة مفاهيم الأمن والسلام والتآزر "بين الإنسان والإنسان"، رفضا للانتمائيّة الضيّقة، ولن تتحقّق هذه المدينة العادلة والمنصفة وفقا للمؤلّف في ظلّ غياب وعي علميّ وحسّ إبداعي، إذ لا توقد المصابيح إلاّ بشموع العلوم والمعارف التي عبرها تتحوّل عتمة الليل إلى نور وهّاج.

ويتميز الكاتب عزالدين المدني في كتاباته بأنه يقف منذ الستينات ضد ما يسميه بثرثرة النص المسرحي العربي وضد الكلمة والمعاني الساذجة التي ترد في الكثير من المسرحيات أو الكلمة القاموسية القديمة.. حتى لا يحمل الجمهور قاموسه لفهم هذه الكلمات.. لهذا حسب تعبيره يجب أن تكون الكلمة مفهومة ومعبرة وبالنسبة إليه كثيرا ما يعمد إلى تنقية نصه المسرحي من فائض الأفكار والكلمات حتى يكون نصا متماسكا وإذا حذفت أو أضيفت كلمة أو جملة يحدث خلل في البناء الدرامي وهذا ما يسميه شخصيا بحوليات النص المسرحي فهذا الحرث إن صح التعبير هو تنقية النص في كل مرة يدفعه إلى أن يكون ناقدا لنصه حتى يصل إلى تماسكه فاشتغاله على اللغة يأخذ جانبين، الأول: هو اعتماد الكلمة الدرامية الفنية المؤثرة، والثاني: هو التأويل.. بمعنى أن الكلمة الدرامية متعددة المستويات والمعاني.

المخرج حافظ خليفة وعن مسرحية "أم البلدان" وتعامله للمرة الثالثة مع الكاتب الكبير عزالدين المدني، أفاد بأن التعامل مع الكاتب عزالدين المدني شرف كبير باعتبار تاريخه الأدبي والفني الكبير ومرجعياته الفكرية وغزارة إنتاجه فعزالدين المدني عاشق لتونس ولتاريخ تونس وأعماله الأدبية والفكرية كانت محور أطروحات جامعية في تونس والسوربون (فرنسا) وبروكسل (بلجيكا) وميلانو (إيطاليا) والمغرب...‏ كما تمت ترجمة عدد من أعماله المسرحية والروائية إلى اللغة الإنكليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والروسية، إضافة إلى مساهماته في مجموعة من الموسوعات المسرحية من بينها: المعجم الموسوعي الفرنسي، وقاموس المسرح بالهيئة العامة المصرية للكتاب، والمعجم الموسوعي الكندي، وبعد التعامل معه في رسائل الحرية وعزيزة عثمانة ألتقي معه من جديد في عمل مسرحي كبير "تونس أم البلدان" لتقديم تونس كأم البلدان وليس كأم الدنيا فحسب باعتبار أن النص حمال لأوجه متعددة كأننا في زمن معاصر في حالة بناء الدولة فالعمل سيكون بين الآن وهناك في إطار فنتازيا تاريخية مدروسة بملابس مبتكرة وباعتماد الكوريغرافيا والاستعراض إضافة إلى الاعتماد على سينوغرافيا متحركة وعلى الجانب الرقمي في الصورة المشهدية.