حرب إعلامية بين أنقرة وطهران بسبب طائرات صهر أردوغان

وكالة الأنباء التركية الرسمية تنفي ما أوردته وسيلة إعلام إيرانية حول سقوط 6 طائرات تركية مسيرة تصنعها شركة صهر أردوغان خلال معركة إدلب ضد قوات الجيش السوري.

أنقرة - اندلعت حرب كلامية بين وسائل الإعلام التركية والإيرانية الأربعاء دارت حول ممارسات التضليل وتلفيق الأخبار بشأن المعارك الدائرة في شمال سوريا، وصلت حد توجيه وكالة الأنباء التركية الرسمية اتهامات بالتدليس لقناة إيرانية مطالبة إياها بـ"تحري الدقة والمصداقية في تقاريرها واحترام متابعيها".

وردت وكالة الأناضول الرسمية في تركيا على ما أسمته "تدليسا" من قبل "قناة العالم" الإيرانية بسبب نشرها تقريرا حول الخسائر التركية في محافظة إدلب السورية تحت عنوان "المُسيَّرة بيرقدار لصاحبها سلجوق صهر أردوغان" في 4 مارس/آذار الجاري"، شككت فيه بفعالية الطائرات التركية المسيرة.
ونفت الأناضول ما صدر عن القناة الإيرانية بأن "الطائرات المُسيَّرة "بيرقدار" تساقطت وبشكل ملفت خلال الأيام القليلة الماضية فوق سماء إدلب من قبل الدفاعات الجوية السورية، حيث سقطت منها ست طائرات".
وأرفقت "قناة العالم" تقريرها بصورة للرئيس التركي وهو "يوقع على هيكل إحدى طائرات صهره قبل إقلاعها من قاعدة تركية نحو إدلب لتسقط فيما بعد بين يدي السوريين الذين التقطوا صورة لهيكلها بعد أن "تناثرت وعليها توقيع أردوغان".

وكشفت القناة الإيرانية أن عدد الطائرات التركية التي سقطت خلال معركة "درع الربيع" التي قام بها الجيش التركي إلى جانب فصائل المعارضة في شمال سوريا، يصل عددها إلى 6، مشيرة إلى أن "فشل طائرة بيرقدار التركية وصل صداه إلى ليبيا".

لكن وكالة الأنباء التركية الرسمية قالت في خبر نشرته الأربعاء تحت عنوان "مُسيَّرة 'بيرقدار' منزعجة من تدليس قناة إيرانية!" إن عدد الطائرات التركية التي سقطت خلال معركة إدلب "هي طائرة مُسيرة تركية واحدة، أعلنت الحكومة التركية سقوطها أصلا".  

وأضافت الأناضول في الرد الذي نسبته لـ"مرصد تفنيد الأكاذيب" أنها "لا تجد متسعا للرد على جميع المغالطات التي وردت في تقرير القناة التي يفترض بها أن تتحرى الدقة والمصداقية في تقاريرها"، داعية إياها "إلى احترام متابعيها قبل أن تحترم المهنة التي تزاولها".
وأوضحت أن "الحكومة التركية لا تخفي خسائرها سواء بالأرواح أو بالمعدات، وهي تعلن ذلك بأدق التفاصيل".
ونفت الأناضول أن يكون حطام الطائرة المسيرة الذي تحدثت عنه القناة الإيرانية على علاقة بالعمليات الأخيرة في محافظة إدلب السورية، مشيرة إلى أن الصور التي تداولتها وسائل الإعلام الإيرانية تعود للطائرة التي سقطت في ولاية هاتاي التركية في أواخر يونيو/حزيران 2018.

وقالت إن تلك هي "الحقيقة الساطعة، وما عداها محض أكاذيب".

ويبدو أن تطرق القناة الإيرانية لصهر أردوغان سلجوق بايركتار، وشركته التقنية "بيكار" المصنعة للطائرات المسيرة هي التي أثارت حفيظة حكومة العدالة والتنمية، خصوصا أنها تتعرض من قبل المعارضة والرأي العام في تركيا لانتقادات كبيرة منذ فترة بسبب طبيعة تمويلها المالي.

ويعيد ما قامت به الاناضول إلى الأذهان تلك الحملة التي قامت بها وسائل الإعلام المحسوبة على حزب العدالة والتنمية الحاكم مؤخرا ضد صحيفة "بيرجون" المعروفة بتوجهها اليساري في تركيا،مطالبة بإغلاقها بعد إصدارها عنوانًا مثيرًا حول الحروب التي ورط فيها أردوغان بلاده.

واستهدفت الحملة صحيفة بيرجون بعدما نقلت في تقرير على صفحتها الأولى تصريحات أدلى بها وزير الدفاع السابق فكري إيشيك تحت عنوان "الحرب تسقط الفقراء شهداء بينما تدرّ على صهر أردوغان ملايين الدولارات"، معترفًا فيها ضمنًا بتحويل أردوغان 36 مليون و77 ألف دولار إلى شركة بايكار المساهمة لصناعة الماكينات والتجارة، التي يترأسها صهره سلجوق بايركتار للحصول على 6 طائرات مسيرة.

وتطرقت القناة الإيرانية إلى ذلك التقرير وهو ما دفع بالوكالة الرسمية لشن هجوم عليها.

أنقرة اس
تركيا استخدمت أنظمة تشويش متطورة لخرق الدفاعات الجوية الروسية في سوريا

وبغض النظر عن مدى صحة ما تبثه وسائل الإعلام الإيرانية فإن وكالة الأنباء التركية أصبحت هي الأخرى تنشر تقاريرا مثيرة للسخرية في الفترة الأخيرة بسبب اعتمادها أيضا على التضليل والتحريف بشأن الحرب في سوريا وليبيا، حيث بدا واضحا انحيازها لحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي أصبحت سيطرته على كل ما تبثه الأناضول من أخبار مفضوحة.

وفي الأشهر الأخيرة انخرطت الأناضول بشكل فاضح ومباشر في التغطية على الخسائر السياسية والميدانية لأردوغان سواء في سوريا أو ليبيا.

وبدأت الأناضول بشن حملة شرسة على إيران وميليشياتها في سوريا منذ أن تكبد الجيش التركي خسائر بشرية فادحة في صفوف جنوده في الأسابيع الماضي خلال معركة إدلب، والتي كانت سببا أيضا وراء توتر العلاقات بين أنقرة وموسكو حليفة نظام بشار الأسد إلى جانب طهران.

وفي خطوة تبدو انتقامية فضحت وكالة الأنباء التركية الأسبوع الماضي السلطات الإيرانية قائلة إن طهران "أرسلت 400 عنصر إضافي من عناصر مجموعاتها الإرهابية إلى سوريا، للانضمام إلى المجموعات التي تقاتل إلى جانب قوات النظام في إدلب شمال غربي سوريا".

وأضافت نقلا عن "مصادرها المحلية" أن "العناصر الإرهابية وهم من جنسيات عراقية وأفغانية دخلوا قبل الثلاثاء (3مارس/آذار) إلى سوريا عبر الحدود مع العراق، وتجمعوا في مدينة البوكمال الخاضعة لسيطرة الحرس الثوري الإيراني بريف دير الزور شرقي سوريا".

وأوضحت الاناضول التي لم تكن تهتم في السابق وخلال سنوات الحرب بالحديث عن الميليشيات الإيرانية في سوريا، أن طهران وزعت عناصر ميليشياتها التي في البوكمال "على حافلات صغيرة وإرسالها نحو إدلب لتجنب وقوع خسائر كبيرة في حال استهدافها من قبل الطائرات المسيرة التركية".

ولجأت تركيا لاستخدام طائرات بدون طيار من طراز "بيرقدار تي.بي2" و"تي.ايه.آي أنكا-إس"  في إدلب خلال الأسابيع الماضية للرد على مقتل عشرات الجنود الأتراك بعد أن فشلت في استخدام سلاحها الجوي، بسبب حظر الطيران الذي فرضته روسيا على سوريا.

واستطاعت الطائرات التركية المسيرة أن تلحق أضرارًا جسيمة بالدفاع الجوي الروسي الذي تستخدمه قوات الجيش السوري نظرا لقدراتها على التشويش على منظومات الدفاع الجوية المتطورة، لكن بروز إيران على الخط وتحذريها لتركيا من مغبة مواصلة الهجوم على ميليشياتها ومقاتلي عناصر حزب الله اللبناني المتمركزين في المنطقة، جعل المعركة تنذر بوقوع أردوغان في فخ ثلاث عناصر لا يمكنه مواصلة مواجهتها في سوريا.

h
معارك إدلب أخرجت الصراع الإيراني التركي إلى العلن

وكان لوسائل الإعلام التركية الرسمية دورا كبيرا في توجيه المعركة في إدلب فقد مارست تعتيما إعلاميا كبيرا حول التدخلات العسكرية للجيش التركي ليس في سوريا فقط بل حتى في ليبيا، حيث تسترت على إرسال أردوغان لمرتزقة من الفصائل السورية إلى ليبيا كما أحجمت الحديث عن عدد الجنود الأتراك الذين توجهوا لطرابلس دعما لحكومة الوفاق.

والأسبوع الماضي، حجبت السلطات التركية موقع “أودا.تي.في” الإلكتروني واعتقلت الأربعاء صحافيين يعملان فيه، هما باريش ترك أوغلو وهوليا كيلينتش بسبب تقرير عن تشييع جنازة أحد أفراد جهاز المخابرات التركي الذي توفي في ليبيا.

ولم تتوقف الحملة ضد الصحفيين الأتراك الذين تحدثوا عن خسائر الجيش التركي في ليبيا، حيث قضت محكمة تركية في واقعة مشابهة بحبس الصحفى التركى مراد أغيرل، بتهمة نشر خبر عن مقتل ضابط تركى فى ليبيا، وذلك بعدما أخلت المحكمة سبيله في إطار القضية ذاتها قبل أيام.

وفي فبراير الماضي، كشفت صحيفة "يني تشاغ" التركية عن اختراق البريد الإلكتروني وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي لمراد أغيرل وزميله بوتاهان تشولاك، بعدما قالا إن جنودا أتراك فقدوا حياتهم في ليبيا، وقد تم دفنهم بدون جنازة رسمية.

وكان أغيرل قد قال إن لديه معلومات حول مقتل العقيد السابق بالجيش التركي أوكان ألتناي الذي تقاعد بعد انقلاب 2016، في ميناء طرابلس وتم دفنه في مسقط رأسه في ظل تعتيم كبير ودون مراسم دفن.

وانتقد رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كلتشدار أوغلو، ممارسات حكومة العدالة والتنمية بقيادة أردوغان وانتهاكها حرية الصحافة والتعسف بحق الصحفيين، وعلق عبر حسابه الخاص على موقع تويتر قائلًا إن "القصر مستمر في اعتقال الصحفيين المستقلين ومراقبة وسائل الإعلام وهضم آراء المعارضة".

وتشن حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا حملة تطهير من وقت لآخر ضد المعارضين والصحفيين والنشطاء قادها أردوغان وبدأها في صفوف الجيش التركي، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت منتصف يوليو 2016.