حرية الصحافة تستمر في الانحسار على مستوى العالم

'مراسلون بلا حدود' تؤكد ان 24 بالمئة فقط من 180 بلدا ومنطقة تمت دراستها تبدو في وضع "جيد" أو "أقرب إلى الجيد" لحرية الصحافة، مقابل 26 بالمئة في 2018.
تونس الأولى في المنطقة في حرية الصحافة
النروج تتمسك بالمرتبة الأولى عالميا
تركمانستان تحل محل كوريا الشمالية وفي آخر لائحة حرية الصحافة

باريس - أكدت منظمة "مراسلون بلا حدود" غير الحكومية في تقريرها للعام 2019 أن حرية الصحافة واصلت تراجعها في عدد من الدول، محذرة من أن "الكراهية للصحافيين تحولت إلى عنف".

وقالت المنظمة إن 24 بالمئة فقط من 180 بلدا ومنطقة تمت دراستها تبدو في وضع "جيد" أو "أقرب إلى الجيد" لحرية الصحافة، مقابل 26 بالمئة في 2018.

وأضافت "مراسلون بلا حدود" في بيان أنه بعدما تزايدت في السنوات الأخيرة "أفضى العداء للصحافيين إن لم تكن الكراهية التي يكنها لهم قادة سياسيون في عدد من دول العالم، في نهاية الأمر إلى تحول ذلك إلى أفعال أكثر خطورة وشيوعا".

وأشارت المنظمة غير الحكومية إلى "تزايد المخاطر وهذا يسبب مستوى غير مسبوق من الخوف في بعض الأماكن" بين الصحافيين، موضحة أن المضايقات والتهديدات بالقتل والاعتقالات التعسفية تصبح أكثر فأكثر جزءا من "مخاطر المهنة".

ففي الولايات المتحدة التي تحتل المرتبة الثامنة والأربعين في حرية الصحافة (تراجعت ثلاث درجات) يسود جو أكثر عداء.

وقالت المنظمة "لم يحدث يوما أن تلقى الصحافيون الأميركيون هذا العدد من التهديدات بالقتل"، كما لم يحدث من قبل أن "طلب من شركات خاصة ضمان أمنهم إلى هذه الدرجة".

وفي حزيران/يونيو الماضي قتل أربعة صحافيين وموظفة يعملون جميعا في صحيفة "كابيتال غازيت" بولاية ميريلاند في إطلاق نار.

وفي البرازيل (المرتبة 105 تراجعت ثلاث مراتب)، "تنذر" الحملة الرئاسية التي تخللها "خطاب كراهية" وتضليل "بمرحلة قاتمة للديموقراطية وحرية الصحافة"، حسب المنظمة.

وفي آخر اللائحة، تأتي تركمانستان لتحل محل كوريا الشمالية. وقالت "مراسلون بلا حدود" إن معظم وسائل الإعلام فيها تسيطر عليها الدولة بينما تتم "مطاردة" آخر المراسلين السريين لوسائل اعلام في المنفى "بلا هوادة".

وفي فيتنام كما في الصين، تسيطر الصحافة الرسمية على النقاشات العامة ويقبع عشرات الصحافيين المحترفين وغير المحترفين في السجون.

وأضافت المنظمة أن "النموذج المضاد" الصيني الذي "يعتمد على مراقبة وتلاعب مؤذ بالمعلومات بفضل التقنيات الجديدة يثير قلقا من قيام بكين بالترويج لنموذجها القمعي خارج حدودها".

"دول تشكل مختبرات للرقابة".

حرية الصحافة
مستوى غير مسبوق من الخوف في بعض الأماكن يسود بين الصحافيين

حذر الأمين العام للمنظمة كريستوف ديلوار من أن "عدد الدول-المختبرات لمراقبة الأخبار يزداد". وأضاف أن "الوضع ملح. نحتاج إلى إنعاش النماذج الديموقراطية، وإلا ستزدهر هذه النماذج المضادة وتتكاثر".

وعبرت "مراسلون بلا حدود" عن أسفها لأنه في أماكن أخرى، "تضعف مقاومة" تعددية الصحافة "أمام منطق الاحتكار التجاري والمصالح الاقتصادية"، كما في اليابان (المرتبة 67) واستراليا (21، في تراجع مرتبتين).

وفي أوروبا سجل الوضع تراجعا كبيرا.

وكتبت المنظمة أنه في هذه المنطقة التي تعد الأكثر أمانا من حيث المبدأ، "يواجه الصحافيون أسوأ التهديدات اليوم"، مشيرة إلى قتل صحافيين في مالطا وسلوفاكيا وبلغاريا وهجمات كلامية في صربيا أو مونتينيغرو، أو مستوى غير مسبوق من العنف خلال تظاهرات "السترات الصفراء" من قبل رجال الشرطة والمتظاهرين على حد سواء، في فرنسا (المرتبة 32، تراجعت مرتبة واحدة).

ومع ذلك ما زالت بعض الدول رائدة في حرية الصحافة، مثل النروج التي بقيت في المرتبة الأولى، وفنلندا (الثانية) وكوستاريكا (العاشرة) التي تعد حالة متميزة في القارة الأميركية، يمكن للصحافيين فيها العمل بحرية.

وتغير الوضع في بعض الدول بسبب تغييرات في النظام.

ففي ماليزيا (122، تقدمت 22 مرتبة) والمالديف (98، +22) واثيوبيا (110، +40) أو غامبيا (92، +30)، أنعش وصول حكام جدد الصحافة.

وقال ديلوار إن "الدفاع عن حرية ومصداقية الخبر يجب أن يصبح رهانا أكبر للمواطنين، أيا كان موقفهم من الصحافيين وأيا تكن الانتقادات".

تونس الأولى في المنطقة في حرية الصحافة

تصدرت تونس ترتيب التصنيف العالمي لحرية الصحافة في منطقة شمال افريقيا والشرق الاوسط الذي تصدره سنويا منظمة "مراسلون بلا حدود" مواصلة بذلك تقدمها في هذا المجال.

وقالت المنظمة في تقريرها للعام 2019 الذي قدمته الخميس إن تونس البلد الوحيد في شمال افريقيا الذي يواصل مسار الانتقال نحو الديمقراطية بعد انتفاضات الربيع العربي وقد تقدمت ب25 مرتبة من التصنيف العالمي لحرية الصحافة فانتقلت بذلك من المرتبة 97 الى المرتبة 72.

وأكد مدير مكتب شمال افريقيا بالمنظمة سهيب الخياطي "تسلط ضغوط كبيرة على الصحافيين في منطقة المغرب العربي باستثناء تونس ولكن في الجزائر (141)والمغرب (135) وليبيا (162) فان الصحافيين ضحايا غضب شديد من قبل السلطات".

وتعتبر تونس الدولة الوحيدة الناجية من تداعيات الربيع العربي. وأواخر 2010 ومطلع 2011، أدّت احتجاجات شعبية مطالبة بوظائف ومكافحة الفساد، الى سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي ودخول البلاد مرحلة انتقال ديموقراطي وتكريس حرية التعبير والاعلام.

حرية الصحافة في تونس
البلد الوحيد في شمال افريقي المستمر في الانتقال نحو الديمقراطية

وفي الجزائر التي تشهد احتجاجات اجتماعية منذ شباط/فبراير الفائت، لا يزال العاملون في قطاع الاعلام "يتعرضون لتوقيفات عشوائية"، وفقا للتقرير.

وانتقلت وسائل الاعلام الجزائرية الخاصة والحكومية من الصمت التام تجاه الاحتجاجات الى النقل المباشر للتظاهرات بما فيها التلفزيون الحكومي، ومع ذلك ما زال عمل الصحافة معقدا ويتعرض للانتقاد بشكل دائم.

وذكرت المنظمة ان منطقة الشرق الاوسط ورغم انخفاض اعداد الصحافيين القتلى "لا تزال المنطقة الأصعب والأخطر على سلامة الصحافيين".

وتعد "مراسلون بلا حدود" هذا التصنيف السنوي بعد متابعة أعمال العنف التي ترتكب ضد الصحافيين وعبر جمع تحليلات الصحافيين والحقوقيين والباحثين في جميع أنحاء العالم.

وتجري المنظمة تقييما في كل منطقة لتعددية وسائل الإعلام واستقلاليتها وبيئتها والرقابة الذاتية والإطار القانوني والشفافية ونوعية البنى التحتية التي تدعم انتاج النبأ.