حزب الدعوة يمارس ضغوطا على الكاظمي لإرباكه

جهود نوري المالكي لعرقلة مهمة رئيس الوزراء العراقي الذي رفض منح حزب الدعوة وزارتي الداخلية والتعليم ومنصب نائب رئيس الدولة، لا تهدأ أملا في إفشال كبح ميليشيات إيران.
المالكي يقود حملة على الكاظمي تحت عنوان توصيات المرجعية
المالكي يطالب الكاظمي بتحديد موعد للانتخابات في خضم تركة ثقيلة من المشاكل
حزب الدعوة يحذر الكاظمي من المماطلة في تحديد موعد مبدئي للانتخابات المبكرة

بغداد - يتعرض رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لضغوط من أحزاب شيعية موالية لإيران هيمنت على الحكم لأكثر من 15 عاما، مُخلفة تركة ثقيلة من الديون والمشاكل الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والطائفية دفعت مئات آلاف العراقيين للتظاهر لأشهر قبل تشكيل الحكومة الجديدة.

وكان لافتا منذ البداية أن مهمة الكاظمي ليست بالهينة وأنه أشبه بمن يسير في حقل ألغام، إذ لم يمض على توليه مهامه نحو شهرين حتى بدأت أحزاب إيران العراقية تطالبه بما عجز عنه أسلافه عن انجازه في أعوام.

وفي أحدث حلقة من حلقات الضغط، دعا حزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق الذي شهد في عهد العراق أسوأ مرحلة من الحرب الطائفية والفساد، إلى تحديد موعد أولي  للانتخابات المبكرة  على أن لا يتجاوز بداية العام القادم، محذرا الكاظمي من المماطلة.

ومطلب تحديد موعد للانتخابات أمر مشروع ومبرر لو طرح في وقته المناسب، لكن الحكومة الجديدة تولت مهامها للتو وتخوض معارك على أكثر من جبهة بداية بأزمة كوفيد 19 ثم المشاكل الأمنية وصولا إلى المشاكل الاقتصادية التي تحتاج جهدا كبيرا لمعالجتها وقد يستغرق ذلك وقتا طويلا.

الكاظمي قوّض طموحات المالكي في العودة للحكومة ومنصب نائب رئيس الجمهورية
الكاظمي قوّض طموحات المالكي في العودة للحكومة ومنصب نائب رئيس الجمهورية

واللافت أن الضغوط التي يقودها حزب الدعوة الإسلامية وحلفاؤه تأتي فيما يسعى الكاظمي لنزع سلاح الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة ومكافحة الفساد وكبح النفوذ الإيراني وهو أمر لا يرضي تلك الأحزاب وميليشياتها.

وقال حزب الدعوة في بيان "إن الانتخابات المبكرة كانت المطلب الرئيس للمرجعية الرشيدة والكتل السياسية وقطاعات الشعب جنبا إلى جنب مع المطالبة  باستقالة الحكومة السابقة"، مضيفا أن "المرجعية الدينية العليا أكدت عبر  خطب الجمعة أكثر من مرة على ضرورة تسريع  إجراء تلك الانتخابات".

وذكّر بأن المهمة الأساسية التي تشكلت من أجلها الحكومة الانتقالية (حكومة الكاظمي) هي إجراء انتخابات مبكرة بنزاهة وشفافية وفي ظروف ملائمة لإجراء الاقتراع بحرية تامة وبلا ضغوط ولا املاءات أو بالقوة والاكراه.

وتتناقض هذه الأهداف مع ما يدفع إليه حزب الدعوة، حيث تؤكد مصادر سياسية عراقية أن معظم الأحزاب التي شكلت طيلة 15 عاما النخبة الحاكمة كانت تأتمر بأوامر إيران، بينما يسعى الكاظمي لكبح نفوذها وبالتالي فإن الدعوة تثر الريبة في توقيتهاوقد يكون الهدف منها التشويش على جهوده.

وقال حزب الدعوة في حديثه عن الانتخابات المبكرة إن انجازها "يستدعي العمل على استعادة  هيبة الدولة وضبط الأوضاع الأمنية، حيث لا انتخابات حرة بدون تعهد الحكومة بفرض الأمن وحماية مراكز الانتخابات ودوائرها".

وبرر طلبه بأن تحديد موعد مبدئي للانتخابات المبكرة "يجعل العراقيين  واثقين أن عجلة الإصلاح  الفعلي قد بدأت تتحرك وأن المسار الصحيح للتغيير قد انطلق مما سيعزز الثقة بالعملية السياسية ويجدد الآمال بالمستقبل الواعد لهذا الوطن".

كما طالب "الحكومة ومجلس النواب والجهات المعنية ولاسيما المفوضية العليا المستقلة للانتخابات  إلى الإسراع في تهيئة المستلزمات المطلوبة  لإجراء هذه الانتخابات وتكريس كل الجهود من أجل تحقيق هذا الهدف المركزي الذي يحظى بالإجماع الوطني".

مطلب تحديد موعد للانتخابات المبكرة أمر مشروع ومبرر سياسيا لو طرح في وقته المناسب، لكن الحكومة الجديدة تولت مهامها للتو وتخوض معارك على أكثر من جبهة

وختم بيانه بتوجيه تحذير للكاظمي من "التباطئ والتسويف بذرائع شتى". وقال إن أي تأخير أو مماطلة "من شأنه أن يثير غضب الشارع وهواجسه عبر انطباعات  وتفسيرات سلبية عن التمسك بالسلطة والتراجع عن مطالب الشعب بالإصلاح والتغيير وهذا مما لا يخدم العملية السياسية ويهدد الاستقرار السياسي في البلد".

وكان الكاظمي قد دخل في بداية تشكيل حكومته في مفاوضات شاقة وكانت الأصعب مع ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي خاصة وأن قادة من حزب الدعوة من المناوئين للأخير كان لهم دور حاسم في مساعدة الكاظمي على الترشح لرئاسة الحكومة.

واضطر المالكي للدخول في مفاوضات مع الكاظمي مطالبا بوزارتي الداخلية والتعليم ومنصب نائب رئيس الجمهورية (وسبق للمالكي أن تولي هذا المنصب في رئاسة الرئيس الراحل جلال الطالباني)، لتنتهي المفاوضات إلى طريق مسدود.

وتحرك المالكي منذ ذلك الحين لتشكيل جبهة قوية معارضة لتولي الكاظمي رئاسة الوزراء وانضم إليه ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق أياد علاوي من دون أن ينجحا في إحداث التأثير الذي كانا يرغبان فيه لمنع تولي مدير الاستخبارات السابق (الكاظمي) تشكيل ورئاسة الحكومة.

  ولم تهدأ تحركات المالكي منذ ذلك الوقت لعرقلة الكاظمي، مستثمرا توصيات المرجعية الدينية العليا باجراء الانتخابات المبكرة ليمارس ضغوطا على رئيس الوزراء الذي يكابد لترويض معارضيه وتنفيذ برنامجه بعيدا عن الدفع الطائفي والاملاءات الإيرانية.

وقال الكاظمي اليوم الاثنين، إن ثمة محاولات لإحياء الطائفية في البلاد، مؤكدا عزم حكومته التصدي لذلك.

وجاء ذلك في بيان صادر عن مكتبه تعليقا على مقتل قائد اللواء الـ59 بالجيش العراقي علي غيدان في هجوم لتنظيم داعش الإرهابي ببلدة الطارمية السنّية شمالي العاصمة بغداد.

وأضاف في البيان إن "الجهود التي تبذلها قواتنا لتعقب خلايا داعش كبيرة ولن نسمح بوجود فتنة في الطارمية أو في أي منطقة أخرى بالعراق. هناك من يحاول أن يحيي الطائفية مجددا وسنتصدى لهذا الأمر".

ويأتي موقف الكاظمي بعد مطالبات من قوى سياسية سُنية بتدخل الحكومة لتطمين أهالي بلدة الطارمية عقب تعرضهم إلى حملة تحريض بالتهجير والقتل على مواقع التواصل الاجتماعي.

ومناطق شمالي بغداد ذات أغلبية سنّية وتضم خلايا من تنظيم داعش، تشن من حين لأخر هجمات تستهدف قوات الأمن وموالين للحكومة.

وأعلن العراق عام 2017 تحقيق النصر على داعش باستعادة كامل أراضيه التي كانت تقدر بنحو ثلث مساحة البلاد اجتاحها التنظيم صيف 2014.

إلا أن التنظيم المتطرف لا يزال يحتفظ بخلايا نائمة في مناطق واسعة بالعراق ويشن هجمات بين فترات متباينة.