حزب الله يستعرض ترسانته في تحدٍّ لضغوط حصر السلاح بيد الدولة

رئيس الحكومة اللبنانية يصف الاستعراض العسكري لحزب الله بأنه 'غير مقبول'، موجها بالقبض على المشاركين فيه والتحقيق معهم.

بيروت - أثار استعراض عسكري نظمه حزب الله بالعاصمة جدلا واسعا، فيما انتقد معارضو الجماعة المدعومة من إيران ما وصفوه بأنها رسالة تؤكد تمسك الحزب بسلاحه رغم الضعوط الدولية لحصر السلاح بيد الدولة، معتبرين أنها محاولة لمداراة تداعيات الضربات الموجعة التي تلقاها خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل، بينما اعتبر رئيس الوزراء نواف سلام هذا الاستعراض "غير مقبول"، موجها بالقبض على المشاركين فيه والتحقيق معهم.

ويأتي هذا التطور في وقت يواجه فيه الحزب ضغوطا داخلية وخارجية لتسليم سلاحه، بينما أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة الشيعية لن تسلم ترسانتها بالكامل.

ويرى مراقبون للشأن اللبناني أن حزب الله أراد من خلال هذه الخطوة الرفع في معنويات مؤيديه وقاعدته الشعبية والتأكيد على قدرته على الصمود والمواجهة.

والجمعة، شهدت منطقة زقاق البلاط في بيروت، التي لا يفصلها عن مقر الحكومة سوى مئات الأمتار، استعراضا بمناسبة إحياء مراسم "ذكرى عاشوراء"، شارك فيه عدد كبير من مقاتلي حزب الله، الذين جابوا الشوارع، وهم يلوحون في الهواء بأسلحة رشاشة، مرددين هتافات من بينها "لبيك حزب الله".

ويرسل الاستعراض رسالة إلى القوى الإقليمية والدولية مفادها أن حزب الله لاعب رئيسي في المنطقة، وأن لديه القدرة على التأثير في الأحداث والتطورات، فيما يأتي هذا التطور في وقت يتصاعد فيه النقاش في الأوساط الرسمية والسياسية اللبنانية التي تطالب بحصر السلاح بيد الدولة، وخاصة ترسانة الجماعة الشيعية.

وأشعل النقاش مقترح قدمه المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك للمسؤولين اللبنانيين، خلال زيارته بيروت في 19 يونيو/حزيران المنصرم، ينص على تسليم حزب الله سلاحه بالكامل بنهاية العام الجاري كحد أقصى، مقابل انسحاب تل أبيب من النقاط الخمس التي تحتلها في جنوب لبنان، والإفراج عن أموال مخصصة لإعمار المناطق التي دمرتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة.

وبينما قوبل الاستعراض المسلح لحزب الله بتفاعل واسع وانتقادات واسعة من قوى سياسية عدة، لم يصدر رد من الحزب بشأن تلك الانتقادات. وجاءت أقوى ردود الفعل من سلام، الذي شدد في منشور عبر منصة "إكس"، السبت، بأن مثل هذه الاستعراضات "غير مقبولة بأي شكل من الأشكال وتحت اي مبرر كان".

وأضاف "اتصلت بوزيري الداخلية والعدل، وطلبت منهما اتخاذ كل الإجراءات اللازمة إنفاذا للقوانين المرعية، ولتوقيف الفاعلين، وإحالتهم على التحقيق". وعلى النحو ذاته، اعتبر البرلماني المستقل عن بيروت إبراهيم منيمنة عبر منصة "إكس"، أن "رفع السلاح في أحياء بيروت وهذا الاستعراض غير المبرر، هو سلاح للبلطجة وترهيب الناس وإبقاء المدينة أسيرة للسلاح المتفلت، وهو ما لن نقبل به تحت أي حجة أو مسمى".

سلاح للبلطجة وترهيب الناس وإبقاء المدينة أسيرة للسلاح المتفلت

وأضاف منيمنة "إن كان الاستعراض رسالة تهدف إلى القول بالتمسك بالسلاح، فهي للأسف تنم عن عدم فهم للواقع السياسي، وفارغة من محتواها في أزقة بيروت"، متابعا "وعليه ندعو السلطات القضائية والأمنية إلى التحرك فورا، وتوقيف كل من شارك فيه وإحالتهم للتحقيق".

كما انتقد النائب عن بيروت غسان حاصباني الذي يمثل حزب "القوات اللبنانية" العرض المسلح لحزب الله وفي حديث تلفزيوني أكد على أنه "يجب على الحكومة اتخاذ موقف واضح من مظاهر السلاح في العاصمة خلال المسيرات".

وطالب القوى الأمنية والعسكرية بتطبيق القوانين على الجميع، عبر مصادرة السلاح خلال المسيرات، واعتقال حامليه. وعلى النحو ذاته، قالت النائبة المستقلة عن بيروت بولا يعقوبيان عبر منصة "أكس" إن قيادة الحزب تستمر في إرسال شباب في عمر الورد لمواجهة مصير محتوم باستخدام سلاح يعود إلى "عصر مضى"، فيما تساءلت مستنكرة عن الهدف من قتل هؤلاء الشباب، ودفعهم إلى حرب لا طائل منها.

وردا على مقترح توماس باراك، أعرب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الأربعاء الماضي عن رفضه أي تدخل إسرائيلي في النقاش داخل لبنان بشأن موضوع السلاح، مشددا على أن الحزب "لن يسلم سلاحه للعدو الإسرائيلي".

وقال قاسم في كلمة متلفزة الجمعة "على من يطالب المقاومة (حزب الله) بتسليم سلاحها، المطالبة أولا برحيل العدوان (إسرائيل)، لا يُعقل أن لا تنتقدوا الاحتلال، وتطالبوا فقط من يقاومه بالتخلي عن سلاحه"، مضيفا "مَن قبِل بالاستسلام فليتحمل قراره، أما نحن فلن نقبل".

ويتحضر لبنان حاليا لإرسال مسودة رد على مقترح باراك، وفق إعلام محلي. ومررا، أكدت السلطات اللبنانية خلال الأشهر الماضية على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة.

وفي أبريل/نيسان الماضي، قال الرئيس اللبناني جوزيف عون سننفذ "حصر السلاح بيد الدولة"، لكن ننتظر الظروف المناسبة لتحديد كيفية التطبيق، و"سحب سلاح حزب الله يتطلب اللجوء إلى الحوار".

ورغم الضربة القاصمة التي تلقاها الحزب خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل والدمار الذي خلفته سواء في جنوب لبنان أو الضاحية الجنوبية لبيروت بالإضافة إلى نزوح عشرات الآلاف، فإن أغلب أنصار الجماعة يرفضون بشكل قاطع تسليم السلاح.