حزب الله يلقي بثقله في أزمة النازحين لفك عزلة الأسد

الجماعة اللبنانية الشيعية المدعومة من إيران تقدم نفسها وسيطا لإعادة مئات آلاف النازحين السوريين من مخيمات اللجوء في لبنان إلى الأراضي السورية، دافعة لإعادة التطبيع بين بيروت ودمشق من بوابة اللاجئين.

الجماعة الشيعية يستثمر أزمة اللاجئين السوريين سياسيا
حزب الله الفائز بالأغلبية البرلمانية يمهد الطريق للتطبيع الرسمي مع دمشق
حزب الله يستغل شكوى الحكومة من عبء اللاجئين

بيروت - ألقى حزب الله اللبناني المدعوم من إيران بثقله في أزمة النازحين السوريين طارحا نفسه وسيطا لإعادة أكبر قدر ممكن من الآلاف الذين تقطعت بهم السبل في مخيمات اللجوء في لبنان وتدفع الحكومة اللبنانية لإعادتهم إلى مناطق آمنة في الأراضي السورية، في قضية لاتزال تثير جدلا داخل لبنان وخارجه وسجالات حادة مع الهيئات الأممية ومن ضمنهم مفوضية اللاجئين.

وحزب الله الذي فاز في الانتخابات التشريعية الأخيرة بالغالبية البرلمانية يدفع منذ فترة إلى إعادة تطبيع العلاقات اللبنانية السورية من بوابة ملف النازحين، رغم اعلان الحكومة رفضها الخوض في هذه القضية إلا من خلال الهيئات الأممية.

وكانت حكومة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري التي لم تخف قلقها وانزعاجها من عبء النازحين، قد أعلنت ضمنيا رفض التطبيع مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وأي تطبيع لبناني رسمي يعني عمليا فك عزلة الأسد في واحدة من عمق سوريا الاستراتيجي.

ويقاتل حزب الله في سوريا إلى جانب قوات النظام وتكبد خسائرة كبيرة في الأرواح إلا أنه كان من بين أبرز الميليشيات المدعومة من إيران التي ساعدت الجيش السوري على تحقيق مكاسب ميدانية كبيرة.

والجمعة قال الأمين العام لحزب الله اللبنانية حسن نصر الله إن الحزب سينسق مع الدولة السورية والأمن العام اللبناني للمساعدة في إعادة اللاجئين السوريين الذين يريدون العودة إلى بلادهم.

وأضاف نصر الله الذي يقاتل حزبه المدعوم من إيران إلى جانب دمشق "نحن أمام تحول كبير وانتصار كبير جدا في جنوب سوريا" حيث يحقق الجيش مكاسب سريعة ضد المسلحين.

وبعدما استعاد الجيش السوري وحلفاؤه المزيد من الأراضي في سوريا، كثف المسؤولون اللبنانيون دعواتهم لعودة اللاجئين إلى أجزاء من سوريا هدأ فيها العنف.

وقال نصر الله إن حزب الله سيشكل "لجانا شعبية في مختلف المناطق للتواصل مع النازحين لمن يرغب، نحن لا نريد أن نلزم أحدا، نحن نريد أن نقدم هذه المساعدة الإنسانية الوطنية التي تخدم الشعبين اللبناني والسوري".

وأضاف في خطاب تلفزيوني "نحن في حزب الله وأمام مجموعة تعقيدات في معالجة هذا الملف وانطلاقا من طبيعة علاقتنا الجيدة والمتينة والقوية بطبيعة الحال مع الدولة السورية وكوننا أيضا جزءا من الوضع الموجود في لبنان نحن نريد أن نستفيد من هذه الحيثية لمد يد المساعدة".

وقال "سنشكل لوائح ونعرض هذه اللوائح على الجهات المعنية في الدولة السورية وبالتعاون مع الأمن العام اللبناني الذي هو الجهة المعنية، نتعاون سويا لإعادة أكبر عدد ممكن من النازحين السوريين الذين يرغبون بالعودة الآمنة الطوعية".

وتابع "نحن جاهزون للمساعدة إنشاء الله وسنستمر في هذه المساعدة إلى أن يتم حسم هذا الأمر سياسيا ورسميا بين الحكومتين اللبنانية والسورية".

وترى الأمم المتحدة أن الظروف الملائمة لعودة اللاجئين إلى سوريا لم تتوفر بعد وهو رأي تدعمه دول مانحة.

ولم تحقق جهود دعمتها الأمم المتحدة لإبرام اتفاق سلام تقدما يذكر فيما يواصل الرئيس السوري بشار الأسد حملاته العسكرية لهزيمة خصومه.

وقدم حزب الله وهو جماعة شيعية، دعما حيويا للجيش السوري في الحرب وساعده على استعادة أجزاء كبيرة من البلاد.

وقالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن الصراع المستمر منذ سبع سنوات أدى إلى تشريد 11 مليون سوري من ديارهم، بما في ذلك أكثر من مليون لاجئ إلى لبنان يعادلون نحو ربع سكان البلاد.

وتقول الحكومة اللبنانية إنها تستضيف 1.5 مليون لاجئ سوري في أنحاء البلاد.

ويقيم أغلبهم في مخيمات مؤقتة في فقر مدقع ويواجه هؤلاء أحيانا خطر الاعتقال بسبب القيود المفروضة على الإقامة القانونية والعمل.

واتهم نصر الله "جهات دولية ومحلية" بتخويف النازحين السوريين من العودة إلى بلادهم.

وكان وزير الخارجية جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر الحليف السياسي لحزب الله قد ضغط من أجل عودة المزيد من اللاجئين واتهم المفوضية في وقت سابق هذا الشهر بمنع السوريين من العودة.

وتنفي المفوضية هذا الأمر، قائلة إنها تدعم العودة الآمنة وتحترم القرارات الفردية بالعودة في حين عبر مانحون دوليون رئيسيون للبنان عن استيائهم مما وصفوه "بالاتهامات الباطلة" الموجهة للمفوضية.

وكان رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري الذي يعارض الحكومة السورية قد قال إن لبنان ضد العودة القسرية للنازحين.

ونفى نصر الله من جهة أخرى ما جاء في بيان للتحالف بقيادة السعودية عن مقتل ثمانية من عناصر الحزب في معارك اليمن، إلا أنه لم ينف ولم يؤكد وجود مستشارين من الحزب في ميليشيات الحوثي.

وقال في خطاب تلفزيوني "نعم في يوم من الأيام أنا قلت إننا لم نرسل مقاتلين إلى اليمن لأن الأخوة في اليمن لا يحتاجون إلى مقاتلين. هل هناك شيء آخر؟ نحن لا ننفي ولا نثبت نتيجة مجموعة من المصالح".

وفي تطور على علاقة بالشأن السوري، قال مصدر رسمي أردني اليوم الجمعة إن هناك تقارير مؤكدة عن التوصل إلى وقف لإطلاق نار في جنوب سوريا سيفضي إلى "مصالحة" بين المعارضة وقوات الحكومة.

ولم يذكر المصدر المزيد من التفاصيل عن التقارير التي تحدثت عن الاتفاق في المنطقة التي تشن فيها قوات الحكومة السورية هجوما منذ الأسبوع الماضي لاستعادة أراض تسيطر عليها المعارضة.

وفي الشأن ذاته قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو اليوم الجمعة، إن روسيا وإيران والولايات المتحدة مسؤولة عن انتهاك الهدنة في جنوب غرب سوريا.

وفي مقابلة مع قناة "إن تي في" التلفزيونية الخاصة، دعا تشاووش أوغلو روسيا والولايات المتحدة إلى وقف الهجوم على الجزء الذي يسيطر عليه المعارضون المسلحون في مدينة درعا.

وكانت درعا وهي أكبر مدينة في جنوب غرب سوريا، مركزا مبكرا للانتفاضة ضد الأسد في عام 2011 وقسمت إلى قطاعات تحت سيطرة المعارضة والحكومة من سنوات.

ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من 120 ألف مدني نزحوا بسبب هجوم الجيش السوري في الجنوب الغربي منذ بدايته الأسبوع الماضي.

وحولت قوات الحكومة السورية تركيزها إلى الجنوب الغربي بعد طرد المعارضة من آخر جيوبها المسلحة في غرب سوريا ومنها الغوطة الشرقية القريبة من دمشق في وقت سابق من هذا العام.

ويستهدف القتال حتى الآن محافظة درعا وليس المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في محافظة القنيطرة القريبة عند هضبة الجولان التي تمثل حساسية أكبر بالنسبة لإسرائيل.

ويسري على الجنوب الغربي اتفاق خفض التصعيد الذي توصلت إليه الولايات المتحدة والأردن وروسيا حليفة الأسد في العام الماضي. وحذرت واشنطن من أنها سترد على الانتهاكات لكنها لم تظهر حتى الآن أي علامة على ذلك.