حزب ماكرون يحيي الجدل حول الحجاب بمقترح حظر يستهدف القاصرات

المقترح يعتبر أن الحجاب يقوّض بشكل خطير المساواة بين الجنسين وحماية الأطفال.

باريس - يحيي سعي حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمنع المسلمات تحت سن الخامسة عشرة من وضع الحجاب في الأماكن العامة، الجدل حول هذه القضية، في وقت تجري الحكومة مراجعة لتقرير بشأن انتشار "الإسلام السياسي" في فرنسا.

والتقى ماكرون مع كبار المسؤولين لمناقشة تقرير يقول إن "الإخوان المسلمون" يشكّلون "تهديدا للتماسك الوطني" في فرنسا، محذّرا من أن الجماعة تهدد بتقويض "النسيج الاجتماعي والمؤسسات الجمهورية".

ويمنع الحظر المقترح من "حزب النهضة" "القاصرات تحت سن 15 عاما من ارتداء الحجاب في الأماكن العامة"، أي بما يشمل الشوارع والمقاهي والحدائق والمتاجر أيضا.

ويشير النص إلى أن الحجاب "يقوّض بشكل خطير المساواة بين الجنسين وحماية الأطفال". ويسعى الحزب الذي يقوده رئيس الوزراء السابق غابريال أتال أيضا إلى "تجريم أولياء الأمور الذين يجبرون بناتهم تحت السن القانونية على وضع الحجاب، بتهمة الإكراه".

ويعد الجدل حول الحجاب في فرنسا من أكثر القضايا الاجتماعية والسياسية حساسية واستقطابًا في البلاد منذ عقود، فيما يتشابك هذا النقاش مع مفاهيم أساسية في المجتمع الفرنسي مثل العلمانية وحرية التعبير، والمساواة بين الجنسين والهوية الوطنية والاندماج.

ويشكّل حزب النهضة أقلية في البرلمان الفرنسي ويعمل ضمن حكومة أقلية إلى جانب حزب يميني تقليدي. ويرى البعض أن الحجاب يمثّل انتشارا للأسلمة في فرنسا بعد هجمات دموية شهدتها البلاد، بينما يصر آخرون على حق المسلمات في ارتداء ما يرونه مناسبا بحسب معتقداتهن.

واتّهم غوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتشدد، أتال بالتراجع عن موقفه السابق حيال هذه المسألة ونشر تسجيلا مصورا على صفحاته في الشبكات الاجتماعية يعود إلى مناظرة من العام 2022 حذّر خلالها رئيس الوزراء السابق من احتمال اضطهاد المحجبات إذا تولت مارين لوبن، زعيم اليمين المتطرف، الرئاسة.

وأثارت لوبن خلال حملتها الفاشلة لانتخابات 2022 الرئاسية مسألة منع جميع المسلمات من ارتداء الحجاب في جميع الأماكن العامة في فرنسا.

ويحظر القانون الفرنسي حاليا الموظفين الرسميين والمدرسين والتلاميذ من وضع أي رموز دينية مثل الصليب والقلنسوة اليهودية والعمامة السيخية والحجاب، في الأبنية الحكومية بما في ذلك المدارس الرسمية.

كما تسعى الحكومة حاليا لإقرار قانون جديد لحظر الحجاب في المسابقات الرياضية، في خطوة يقول معارضو القانون إنه سيكون الأخير ضمن سلسلة تشريعات تميّز بشكل واضح ضد المسلمات. وتضم كل من فرنسا وألمانيا أكبر نسبة من المسلمين مقارنة مع باقي بلدان الاتحاد الأوروبي.

وبلغ الجدل بشأن الحجاب ذروته مع إصدار قانون عام 2004 الذي يحظر ارتداء الرموز الدينية الظاهرة في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية الحكومية واستهدف هذا التشريع بشكل أساسي الحجاب الإسلامي، بالإضافة إلى الصلبان الكبيرة والقلنسوات اليهودية والسيخية.

ويرى العلمانيون أن الحجاب رمز ديني يتعارض مع مبدأ العلمانية الفرنسية الذي يفصل الدين عن الدولة والمؤسسات العامة، وخاصة المدارس التي يجب أن تكون محايدة دينيًا، ويعتبرونه رمزًا لقمع المرأة وإخضاعها ويتعارض مع مبدأ المساواة بين الجنسين.

وفي المقابل يؤكد المعارضون لحظر الحجاب أن الدستور الفرنسي والإعلانات الدولية لحقوق الإنسان، تكفل للمرأة الحق في ارتداء ما تراه مناسبًا لمعتقداتها الدينية دون تدخل أو إملاء من الدولة أو المجتمع.