حسينُ هذا الزمان

نصرالله يعيد تعريف أساسيات الإيمان الشيعي وفقا لمعطيات المد الإيراني في المنطقة.

في جرأة غير اعتيادية أقرب ما تكون إلى الوقاحة والغباء وقلة الحياء أعلن حسن نصرالله، في خطاب ألقاه بمناسبة ذكرى عاشوراء ومقتل الإمام الحسين، أن المرشد الإيراني علي خامنئي هو "حسين هذا الزمان". يقول "هذا مخيمنا، وهذا إمامنا، وهذا قائدنا، وهذا حسيننا. في هذه المعركة لا مكان للحياد، إما أن تكون مع الحسين أو تكون مع يزيد. المعركة تتجدد، والمواجهة تتجدد."

إن أول من كان ينبغي أن ينتفض غضبا على صاحب هذا الكلام غير الموزون وغير العاقل وغير العادل هم العرب الشيعة، قبل العرب السنة، لأنه، أولا، يُحيي نار حروب طائفية ميتة غير مبررة ضد من يزعم بأنهم أحفاد يزيد، وبحجة أنه وقائده وسيده وإمامه علي خامنئي ومن لف لفهما أحفادُ الحسين.

وثانيا، لأنه يهبط بمقام الإمام الشهيد الحسين بن علي، وهو العربي القرشي الأصيل، ليجعل من واحدٍ مثل علي خامنئي حسين هذا الزمان، وهو العنصري الفارسي الذي تقطر يده بدماء آلاف المظلومين الأبرياء في إيران ذاتها، وفي العراق ولبنان وسوريا واليمن وفلسطين.

أليس هذا الخامنئي نفسُه الذي سلط ويسلط قتلة الحرس الثوري وجلاديه، وجهلة الميليشيات الإرهابية ومرتزقتها، شيعية وسنية، على البلاد والعباد، ويأمرهم بالقتل والحرق وترويع الآمنين وتهجير الأطفال والنساء والمسنين، ونشر الخراب، كل أنواع الخراب، في بلاد المسلمين؟

صحيح أن العراق وإيران وسوريا واليمن ومصر ولبنان، قبل مجيء الخميني وخليفته علي خامنئي، لم تكن جنان الله على أرضه ولكن الأمن كان فيها مستتبا، والبناء مسترسلا، ولو ببطء وغش واختلاس، والتعليم يحاول أن يقف على قدميه، والصناعة تتعلم المشي، والزراعة تنعم بأمطار الله وسقي الحكومة، وسجونها ليس فيها معتقلون لا يُعرف مكانهم، ولا التهم التي اختُطفوا على أساسها، ثم يُطلق سراحُهم بعد سنين عديدة لثبوت البراء.

كان المواطن فقيرا، ولكن كان يجد من يعينه على احتياجات أولاده المدرسية، ويرسل إليه معونة الشتاء، وبعضا من الرز والسمن والطحين.

ثم ظهر الخميني، ثم من بعده وريثُه علي خامنئي "حسين" هذا الزمان، ليتغير كل شيء، ويسوء كل شيء ويموت كل شيء.

ففي 5 أكتوبر 1965 قدم الخميني إلى النجف هاربا من تركيا، طالبا من حكومة البعث الثانية حق اللجوء.

ولأن الصراع الخفي الذي كان مشتعلا بين مخابرات حزب البعث وبين سافاك محمد رضا بهلوي فقد أنعم صدام حسين وسعدون شاكر، رئيس المخابرات العراقية في حينه، على اللاجئ الجديد بكل العطف وكل الدعم، وبلا حدود.  

وفي عام 1971 أبعد صدام حسين عددا من الإيرانيين عن العراق بتهمة التواصل مع مخابرات الشاه، فأبرق الخميني، ضيفُ الحزب والثورة المدلل، برقية احتجاج شديدة اللغة واللهجة ضد هذه التسفيرات وضد من أمر بها.

ومن لا يعرف صدام حسين نخبره بأنه الحمل الوديع المبتسم حين تكون له عندك مصلحة، وهو الأسد المفترس حين يرى في عينك نقطة سوداء، كما كان يقول.

وفي لقاء ودي بين وزير خارجية الشاه ووزير خارجية حزب البعث في 24 سبتمبر 1978 في نيويورك تقرر طرد الخميني من العراق.

وفي ليلة 4 أكتوبر 1978 تمّ وضع الخميني وولده على حدود العراق مع الكويت التي رفضت دخوله إليها خوفا من الشاه ومن صدام حسين.

ثم، فجأة، أفاقت إنسانية أميركا وأوروبا، فتكفلت فرنسا بالتقاطه واحتضانه واستخدامه لإسقاط الشاه المتمرد الذي انتهت مدة صلاحية نظامه.

وفي 16 يناير 1979 هرب الشاه،. وفي 1 فبراير 1979 وصل الخميني على طائرة آير فرانس مظفرا.

ومن يومها صارهو الأفعى التي أفرخت مئات آلاف الأفاعي والثعابين التي نفَثت، وما زالت تنفث إلى اليوم، سمومها في جسد إيران ذاتها، وفي جسد العراق وسوريا ولبنان واليمن ومصر وليبيا وفلسطين.

فقد ثبت لكل ذي عينين وأذنين وشفتين أن داعش والنصرة والقاعدة والإخوان المسلمين، في الشق السني من الجهاد، وأن فيلق القدس والحرس الثوري وحزب الله اللبناني وفيلق بدر ومليشيات العصائب وأبي الفضل العباس وحزب الله العراقي وحماس والحوثيين وأنصار الشريعة وعشرات الميليشيات والتنظيمات والخلايا النائمة والصاحية الأخرى، في الشق الشيعي منه، كلها زراعة خميني ووريثه "حسين" هذا الزمان.

وهنا يحق لنا أن نتوقف ونسأل، هل سيغضب الشيعة العرب قبل غيرهم، وأكثر من غيرهم، على هذا المعتوه الذي يهين كرامة الإمام الشهيد؟