حفتر شخصية محورية لا يمكن تجاهلها في مستقبل ليبيا

الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر لا يزال يبسط سيطرته على موانئ نفطية ويملك ما يكفي من قوة النيران والنفوذ السياسي لمنع مشاريع لا تخدم الشعب الليبي.
قوى غربية تسعى لاحياء دور عقيلة صالح على حساب حفتر
حفتر يحتفظ بالسلطة العسكرية والمالية وقد يستخدمها لمحاولة إعادة ترسيخ نفسه سياسيا

طرابلس - رغم عدم تمكن قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر من تحرير العاصمة الليبية بسبب التدخل التركي السافر اضافة لمساعي قوى أجنبية تهميشه لكنه لا يزال يبسط سيطرته على موانئ نفطية ويملك ما يكفي من قوة النيران والنفوذ السياسي لمنع مشاريع لا تخدم الشعب الليبي.
ويظل حفتر رغم كل شيئ ورقة صعبة حيث كان له دور حاسم في الرفع الجزئي لحظر نفطي خلال الأسبوع الماضي ما يُظهر أنه لا يزال يلعب دورا محوريا في شرق ليبيا، حيث بنى جهازا أمنيا على مدى السنوات الست الماضية.
وتعمل الدول الأجنبية الآن على تعزيز المحادثات لدفع الفصائل المتناحرة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية. لكن دبلوماسيين يقولون إن دور حفتر يفسد المفاوضات كما فعل على مدى سنوات.
وقال دبلوماسي غربي "هذه هي القطعة الكبرى المفقودة في اللغز... ما يجب فعله مع حفتر وكيفية التعامل معه".
وليبيا بلا حكم مركزي قوي منذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011، وشكل المعسكران الرئيسيان المتنافسان حكومتين موازيتين في الشرق والغرب منذ عام 2014. وكان حفتر قائدا عسكريا في عهد القذافي وأمضى 20 عاما في الولايات المتحدة. وقد استطاع تدريجيا بسط سيطرته على شرق ليبيا.
وشن حفتر هجوما على الجماعات الإرهابية وميليشيات حكومة الوفاق لانتزاع السيطرة على طرابلس العام الماضي.
لكن التقدم انهار في يونيو/حزيران هذا العام بعدما قدمت تركيا تعزيزات لحكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقرا لها. وانسحبت قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر إلى جبهة تمتد جنوبا من مدينة سرت وسط الساحل الليبي على البحر المتوسط.
وتحصل الحكومتان المتنافستان في ليبيا على التمويل من صادرات النفط، لكنهما واجهتا مصاعب جمة منذ أن فرض الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر وحلفاؤه حصارا أغلق موانئ النفط الرئيسية في الشرق قبل ثمانية أشهر. ومنذ 19 سبتمبر/أيلول، بدأ استئناف تدفق النفط تدريجيا، مما يدل على أهمية حفتر الدائمة.

الجيش الوطني لا يزال ورقة صعبة في المشهد الليبي
الجيش الوطني لا يزال ورقة صعبة في المشهد الليبي

لكن لا يزال استئناف إنتاج النفط ووقف القتال على أرضية هشة. وقال حفتر إن الحصار سيرفع في البداية لمدة شهر واحد فقط. وأثار اتفاقه مع نائب رئيس الوزراء في حكومة طرابلس رد فعل قويا في غرب ليبيا، حيث تخشى الميليشيات أن يمنح الاتفاق الجيش الوطني الليبي سيطرة أكبر على الإيرادات.

من ناحية أخرى، لم تتحول الهدنة العسكرية بعد إلى وقف رسمي لإطلاق النار. ويرجع صمود الهدنة جزئيا إلى مخاطر اندلاع صراع إقليمي إذ تتطلع تركيا إلى تعزيز المكاسب فيما يصر داعمو حفتر الأجانب على احتواء نفوذ أنقرة.
ويقول الجيش الوطني الليبي علنا إنه ملتزم بوقف إطلاق النار الذي أعلنه من جانب واحد في يونيو/حزيران، لكنه لن ينسحب من سرت.
وقال خالد المحجوب مدير التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي إن الجيش الوطني لن يغادر في وجود "مرتزقة سوريين وأتراك وتهديدات بشن هجوم على سرت".
واقترحت الدول الغربية منطقة منزوعة السلاح حول سرت. ويقول محللون إن استعداد الجيش الوطني الليبي لقبول ذلك قد يعتمد على قرارات الداعمين الأجانب والمتعاقدين العسكريين الروس المنتشرين في صفوفه.
توتر داخلي

يحسب للجيش الليبي انه منع تقدم الميليشيات والجماعات المدعومة من تركيا
يحسب للجيش الليبي انه منع تقدم الميليشيات والجماعات المدعومة من تركيا

ومنذ أن هدأت المعارك في يونيو/ حزيران، ظهرت انقسامات داخلية على الجانبين، فخرج متظاهرون في كل من الشرق والغرب احتجاجا على الفساد وانهيار الخدمات العامة.
ففي طرابلس نشب خلاف داخل حكومة الوفاق الوطني بين رئيس الوزراء فائز السراج ووزير الداخلية فتحي باشاغا، وهما يمثلان مصدر اتصال مهما للداعمين الأتراك. ويقول السراج إنه يعتزم التنحي الشهر المقبل، لكن مناورات الفصائل التي اكتسبت نفوذا كبيرا في عهده تجعل من الصعب العثور على خليفة.
وفي الشرق، عملت القوى الدولية التي تتطلع إلى ما هو أبعد من حفتر على إحياء دور عقيلة صالح، رئيس البرلمان الذي كان يخضع في السابق لعقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. 
وقال محمد الجارح، الخبير في الشؤون السياسية في الشرق، إن حفتر يحتفظ بالسلطة العسكرية والمالية وقد يستخدمها لمحاولة إعادة ترسيخ نفسه سياسيا.
وتهدف المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة، والتي تجري بالتوازي على نحو غير ملائم مع المحادثات بين تركيا وروسيا فضلا عن محادثات جرت في المغرب هذا الشهر بين أعضاء البرلمانين الليبيين المتنافسين، إلى استبدال حكومة الوفاق الوطني ورسم خارطة طريق لإجراء الانتخابات.
وتريد بعض الدول الغربية أن يقتصر دور حفتر على المحادثات العسكرية. لكن فرنسا لا تزال تضغط من أجل أن يلعب دورا سياسيا. وقال دبلوماسي فرنسي إن باريس تحاول أن تبدو أقل تأييدا لحفتر وتعمل مع شركاء أوروبيين لمواجهة تركيا. وقال آخر إن حفتر مهم للتوصل إلى حل سياسي.