حكم قاس في حق الصحافي الجزائري خالد درارني

القضاء الجزائري يتمسك بالتهم الموجهة للإعلامي المسجون منذ مارس الماضي ويقضي بسجنه لعامين على الرغم من الدعوات الواسعة للإفراج عنه.

الجزائر – على الرغم من الدعوات الواسعة للإفراج عن الصحافي خالد درارني الذي تحول إلى رمز لحرية الإعلام، إلا أن القضاء الجزائري أصدر الثلاثاء حكما قاسيا بسجنه لمدة عامين مع إبقائه في السجن حيث هو معتقل منذ 29 مارس/آذار.

وصرح المحامي مصطفى بوشاشي أحد أعضاء هيئة الدفاع عن المتهم، "صدر قرار الحكم من قبل محكمة الاستئناف بعامين مع النفاذ في حق درارني وسنطعن في الحكم" أمام المحكمة العليا.

وتابع بوشاشي "القاضي تمسك بتهمتي التحريض على التجمهر غير المسلح والمساس بالوحدة الوطنية".

واعتبر أمين عام منظمة 'مراسلون بلا حدود' كريستوف دولوار أن "إبقاءه في السجن دليل على انغلاق النظام في منطق القمع الظالم".

وأكّد دولوار في بيان "نحن مصدومون من العناد الاعمى للقضاة الجزائريين الذين حكموا على درارني بالسجن عامين".

أما وزير الاتصال والمتحدث الرسمي باسم الحكومة الجزائرية، عمار بلحيمر، فلامه على العمل دون الحصول على بطاقة الصحفي المحترف التي تسلمها السلطات.

ونددت 'مراسلون بلا حدود' في بيان الاثنين بـ"الضغوطات والمساومات التي استهدفته ".

 إبقاء درارني بالسجن دليل على انغلاق النظام الجزائري في منطق القمع الظالم

وكان قد حُكم على درارني في العاشر من أغسطس/آب، بالسجن ثلاث سنوات مع النفاذ ودفع غرامة تبلغ خمسين ألف دينار (330 يورو). وأدين درارني مدير موقع 'قصبة تريبون' ومراسل قناة 'تي في-5 موند' الفرنسيّة ومنظّمة 'مراسلون بلا حدود' في الجزائر، بتهمتي "المساس بالوحدة الوطنية والتحريض على التجمهر غير المسلح".

وفاجأ الحكم القاسي زملاءه الصحافيين الذين شكلوا لجنة للدفاع عنه في الجزائر وفي الخارج وخصوصا في باريس، حيث تجمع مئات منهم الأحد للمطالبة بالإفراج "الفوري" عنه نظراً لوضعه الصحّي "المقلق".

وخلال جلسة في استئناف الحكم، عاودت النيابة العامة الأسبوع الماضي طلب السجن أربع سنوات وغرامة ماليّة بقيمة 50 ألف دينار (330 يورو). وبدا درارني الذي حضر الجلسة "نحيلا للغاية وضعيفا جدا"، كما ذكرت منظمة 'مراسلون بلا حدود'.

وأوقف الصحافي البالغ من العمر 40 عاما عقب تغطيته تظاهرة للحراك الشعبي ضد السلطة في السابع من مارس/آذار في العاصمة. وهو متهم أيضا بانتقاد السلطة السياسية عبر صفحته على 'فيسبوك'.

ويأخذ وزير الاتصال المتحدث الرسمي باسم الحكومة عمار بلحيمر على درارني أيضا عمله بدون الحصول على بطاقة صحافية مهنية.

وتمت محاكمة درارني مع سمير بلعربي وسليمان حميتوش، وهما اثنان من وجوه الحراك الشعبي الذي هز الجزائر لأكثر من عام وتوقف بسبب انتشار وباء كوفيد-19.

ووجهت إلى بلعربي وحميتوش التهم نفسها الموجهة لدرارني، لكنهما استفادا من إفراج مشروط في الثاني من يوليو/تموز. وطلبت النيابة العامة لهما السجن أربع سنوات مع النفاذ.

قضية درارني تسلط الضوء على مدى ممارسات القمع بالجزائر
قضية درارني تسلط الضوء على مدى ممارسات القمع بالجزائر

والأحد تظاهر مئات من أفراد الجالية الجزائرية المؤيدين للحراك الاحتجاجي في بلادهم، في باريس الأحد، مجددين مطالبتهم بتغيير النظام في الجزائر.

وانضمت عدّة جمعيات جزائرية إلى الدعوة لهذه المسيرة الرمزية التي انطلقت من ساحة الجمهورية وصولاً إلى ساحة الباستيل، ورفع المشاركون شعارات "إرحل" و"نظام قاتل" و"من أجل الإفراج عن جميع الصحافيين ومعتقلي الرأي".

والاسبوع الماضي تجمع صحافيون وناشطون في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في باريس والعاصمتين الجزائرية والتونسية مردّدين شعار "أفرجوا عن درارني".

وفي باريس قال الأمين العام لمنظمة 'مراسلون بلا حدود' كريستوف دولوار "أرادت السلطات الجزائرية ان تجعل منه عبرة لتخويف الصحافيين في الجزائر" لكنها "جعلت منه رمزا للدفاع عن حرية الصحافة".

ووصلت قضية درارني إلى هيئات دولية عدة لا سيما الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي والتي أعربت جميعها عن "قلقها".

وتجري جلسة الاستئناف في ظل مناخ من القمع ضد وسائل الاعلام المستقلة وناشطي الحراك والمعارضين السياسيين.

وبحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين فإن نحو 45 شخصا يقبعون خلف القضبان على خلفية نشاطهم ضمن الحراك في الجزائر.

وندّد محامو خالد درارني في بيان التصريحات "الاعلامية المتكررة للسلطة التنفيذية" التي "تمس بقرينة البراءة وبمبدأ الفصل بين السلطات" كما استنكروا "الضغط على القضاة".

ويوجد العديد من الصحافيين الجزائريين في السجن مثل عبدالكريم زغيلاش، مالك إذاعة تبث على الانترنت، والمحكوم عليه في 24 أغسطس/آب بعامين سجنا نافذا بتهمتي "المساس بالوحدة الوطنية" و"إهانة رئيس الجمهورية"، كما تجري محاكمات أخرى.

وتحتل الجزائر المركز 146 (ضمن 180 دولة) في مجال حرية الصحافة بحسب تصنيف منظمة 'مراسلون بلا حدود' لتتراجع 27 مركزا خلال السنوات الخمس الماضية.