حكومة الفخفاخ أمام البرلمان على أمل كسب الثقة

الفخفاخ يقدم برنامج عمل حكومته والذي يرتكز أساسا على محاربة الجريمة ومقاومة غلاء الأسعار وانعاش الاقتصاد وتفكيك منظومة الفساد واصلاح قطاعات الادارة العمومية والصحة والتعليم في حين وجه نواب المعارضة انتقادات لعدد من وزرائه.

تونس - شرع البرلمان التونسي الأربعاء في جلسة عامة للتصويت على الحكومة المقترحة من إلياس الفخفاخ وقد رافقت مفاوضات تشكيلها تجاذبات سياسية حادة بين الأحزاب.
وفي حال فشلها في نيل ثقة البرلمان بغالبية 109 أصوات كما كان الأمر عليه مع حكومة أولى في كانون الثاني/يناير الفائت، فإن الدستور التونسي يقر بحلّ البرلمان والذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة.
وقال رئيس الحكومة المكلّف إلياس الفخفاخ في كلمة افتتاح الجلسة أمام 180 نائباً، إن فريقه الوزاري سيعمل "لكي يسترجع الثقة في قدرة تونس على النهوض والشموخ والرقي".
وتضم الحكومة التي قدمها الفخفاخ منذ أسبوع 32 عضواً ما بين وزير وكاتب دولة من بينهم 17 مستقلا وستة عن حزب "النهضة" الأول في البرلمان من حيث عدد المقاعد إذ تشغل 54 مقعداً من أصل 217.
وقدم الفخفاخ أولويات برنامج عمل حكومته "القوية والقادرة والمستعدة للتضحيات" والذي يرتكز أساسا على محاربة الجريمة ومقاومة غلاء الأسعار وانعاش الاقتصاد وتفكيك منظومة الفساد واصلاح قطاعات الادارة العمومية والصحة والتعليم. 

ويشارك في الحكومة كل من حزب "التيار الديمقراطي" بثلاثة وزراء و"حركة الشعب" بوزارتين وبمثل ذلك لكل من حركة "تحيا تونس" حزب رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد ولكتلة "الاصلاح الوطني" في البرلمان.
أول اختبار في البرلمان
وأسند الفخفاخ وزارات السيادة إلى شخصيات مستقلة هم رئيسة المحكمة الابتدائية والقاضية ثريا الجريبي (العدل) والمستشار القانوني في رئاسة الجمهورية الذي تم تعيينه مؤخرا وهو خبير في اللجنة الوطنية لمقاومة الفساد هشام المشيشي (الداخلية) والخبير في القانون الدولي عماد الحزقي (الدفاع) وخريج المدرسة القومية للادارة بباريس والسفير السابق بسلطنة عمان نور الدين الريّ (الخارجية).
تأتي جلسة التصويت اثر قبول "النهضة" بحكومة الفخفاخ بعد رفضها التشكيلة الأولى التي قدمها.
وتعرض الفخفاخ لانتقادات كبيرة من قبل نواب المعارضة حيث شككت رئيسة كتلة الدستوري الحر عبير موسى في قدرة رئيس الحكومة المكلف على تجاوز الازمات التي تمر بها البلاد محملة اياه مسؤولية اختلال التوازنات المالية كونه كان وزير مالية في عهد الترويكا بعد الثورة.
وقالت عبير موسى ان الفخفاخ لن يستطيع تجاوز الازمة الحالية خاصة مع الصراعات بين الوزراء والاحزاب التي يمثلونها مشيرة بان الحكومة لن تستطيع مواصلة مهامها حتى لو تحصلت على الثقة.

وطالب النائب الصافي سعيد من رئيس الحكومة المكلف التخلي عن جنسيته الثانية وهي الجنسية الفرنسية لان ذلك جزء من السيادة الوطنية.
وعنونت صحيفة "المغرب" الأربعاء "حكومة الفخفاخ اليوم أمام أول اختبار لها في البرلمان... الرجل يتجه اليوم الى البرلمان مدعوما بأربع كتل برلمانية، النهضة والكتلة الديمقراطية وتحيا تونس والاصلاح مقابل معارضة ثلاث كتل هي قلب تونس والدستوري الحرّ وائتلاف الكرامة أي ان الحكومة مرشحة لنيل حوالي 120 نعم".
وكتبت صحيفة "الشروق": "اليوم الحسم في البرلمان، حكومة الفخفاخ بعد خمسة أسابيع من المناورات والصراعات".
أثير جدل واسع بعد رفض "النهضة" في مرحلة أولى حكومة الفخفاخ، الأمر الذي تطور الى خلاف في تأويل الدستور بين راشد الغنوشي رئيس الحزب والرئيس التونسي الذي قال بوضوح انه سيدعو الى حلّ البرلمان ويدعو الى انتخابات مبكرة ان لم تحصل الحكومة على ثقة البرلمان.
وطالبت النهضة بتشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة الحزب الثاني في البرلمان "قلب تونس" (38 مقعدا)، لكن الفخفاخ عدل تشكيلته مستبعدا "قلب تونس" وقبلت "النهضة" بذلك.
وقرّر "قلب تونس" عدم منح الثقة للحكومة المقترحة مجددا تأكيده على انضمامه لصفوف المعارضة.
وعلّل الحزب قبوله بتشكيلة الفخفاخ بالوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي تمر به البلاد والذي يتطلب حكومة في أقرب الآجال وكذلك بالوضع الاقليمي وخصوصا التصعيد العسكري في ليبيا وتداعياته على تونس.
وفشل الحبيب الجملي الذي كلفته "النهضة" بتشكيل حكومة في نيل ثقة البرلمان في كانون الثاني/يناير الفائت وقد رفضت الأحزاب قبولها منتقدة استقلالية الوزراء المكلفين وخصوصا الذين تم اقتراحهم على وزارات السيادة.
والفخفاخ (47 عاماً) كان وزيراً للسياحة في أواخر 2011 قبل أن يصبح وزيراً للمالية في كانون الأول/ديسمبر 2012 وهو منصب استمرّ فيه لغاية كانون الثاني/يناير 2014.
حكومة "الملفات الاقتصادية والاجتماعية
بقدر ما تضم حكومة الفخفاخ من تنوع حزبي يعكس التنوع السياسي والاديولوجي في البرلمان، بقدر ما يُخشى عودة التجاذبات السياسية وانتقالها من البرلمان الى المجالس الوزارية خصوصا وان أمام التشكيلة الوزارية تحديات اقتصادية واجتماعية شكلت معضلة لم تتمكن الحكومات المتعاقبة على البلاد منذ ثورة 2011 من حل او حتى التخفيف من حدتها.
وبيّن الفخفاخ في كلمته انه واثر نيل الثقة "سننطلق في تعبئة الموارد المالية سواء في الاسواق العالمية او من المؤسسات الدولية المالية وسنتعهد بايقاف التداين الذي عوض ان يوجه للاستثمار والمشاريع، يوجه للاستهلاك". 

سننطلق في تعبئة الموارد المالية سواء في الاسواق العالمية او من المؤسسات الدولية المالية

ويأتي في صدارة الاهتمامات ملف التشغيل والتضخم والشروع في تنفيذ المشاريع الكبرى. وتبدو المهمة عسيرة مع تسجيل نسبة بطالة في حدود 14,9 في المئة وتضخم من 5,9 في المئة. في حين لم يتجاوز اجمالي النمو الاقتصادي 1% في 2019 في مجتمع يبلغ عدد سكانه 11,8 مليون شخص.
ويحذر خبراء من ان استمرار هذه المؤشرات قد يقود إلى احتجاجات اجتماعية خصوصاً داخل المناطق التي تشكو من تهميش تنموي منذ عقود ما يجعل الحكومة في مواجهة مطالب الشارع بدلاً من الدخول مباشرة في انجازات تستجيب بها لتلك المطالب.
كما ان الاستقرار السياسي عبر تشكيل حكومة يمثل مؤشرا مهما بالنسبة للمانحين الدوليين لتونس، الديمقراطية الفتية التي تسعى عبر القروض الى تجاوز تعثر الاقتصاد. ومن المتوقع ان تحصل البلاد في نيسان/أبريل على آخر دفعة مساعدات اقتصادية من صندوق النقد الدولي (بدأت عام 2016)، على ان تبدأ بتسديدها في 2020.
ولم يستقر الوضع الأمني في البلاد بعد، إذ لا تزال السلطات تدعو الى اليقظة من هجمات مسلحين متمركزين في المناطق الغربية والحدودية مع الجزائر نفذوا هجمات استهدفت رجال أمن وسياحا.
وليل الثلاثاء الأربعاء أعلنت السلطات التونسية انها قتلت جهاديا في المنطقة الجبلية في محافظة القصرين (غرب).